مدينة غيّبها الموت…

تاريخ النشر: 04/01/12 | 23:44

انسابت قطرات المطر كما العادة في كل شتاء, تعانق الثرى, فتروي العطاشى وتعيد الحياة الى من استسلم لسبات عميق..والى جلّ المستضعفين على وجه البسيطة…فتعيد لهم املا, بات يقضّ مضاجعهم اندثاره, فينعمون بلحظات السعادة المشوبة بوجوم قاتل!!!!

الا ان ثرانا ابت الا وان تخبر تلك القطرات بما حل بها, فامطرتها بوابل من الاخبار والاحداث التي زلزلت هذه الارض الطيبة, واحرقت الاخضر واليابس, وحطمت افئدة الامهات والاباء والشيوخ والنساء..بل ان الرضيع بات يستشعر ذلك الحزن الدفين والكابة المطبقة على هذه البلدة, فما كان من قطرات المطر الا ان انهالت بشدة اكثر هذه المرة, فبكت هذه المدينة التي لطالما عشقنا فيها الشموخ والكبرياء, والتي دوما فاجأتنا بطيب الاخلاق والجود والعطاء..فها هي اليوم تحتضر في حضرة الغياب.. وتتنشق عبق الموت في ثناياها, فتشعر بكابة ازقتها..وتتمزق لرؤية ثكالاها, وتنتابك رعشة في الاوصال حين تلمح ايتامها الذين لا زالوا..رغم جراحهم يتجولون في مرح شاحب في رحابها!!

فيا قطرة الامطار التي ابيت الا وان تنهمري رثاء لبلدي..الا دعيني اشكو لك جروحا باتت تمزقنا..ونارا طفقت تلتهم شبابنا وتستبيح دمانا..الا اشتدي يا رعود وزمجري..عل الايادي الاثمة ترتدع..علها تشعر ان هناك من هو اقوى واعظم من سلاح غدرها..الا ليتك ترقبيننا من مكانك هناك.. خلف الغيوم فتسرّين لنا وتخبرينا, ما بال مدينتنا لفها الحزن..كمّمها الغضب.. الجمتها الجراح تلو الجراح..!!

ايها الموت الجاثم فوق صدورنا..عد ادراجك خلف الغمام…واكفف يدك عن تلك المدينة…فهي لم تعد بقادرة على احتمال المزيد من الالم والقتل والدماء…حتى باتت تزدري اللون الوردي..فبعد ان كان مبعثا للحياة, لم يعد سوى انذار اخر بوقوع كارثة اخرى…والجريمة تعقب الجريمة….

يا مطر السماء امطر بوابل من الغضب يشل ايدي الجناة في كل مكان في مدينتي, حتى نعود لنحتفي بالحب بالسماح, بالفرح يدق ابواب بيوتنا من جديد…ويخبرنا بان ما كان ليس سوى غمامة قد انزاحت…..ولم تعد مدينتنا مدينة الموت والكابة…بل عادت كما كانت ام النور والخير والامل!!!!!!!!

بقلم الشاعرة والكاتبة:اسراء يوسف محاميد, ام الفحم

‫8 تعليقات

  1. في كل نص تتجددين وتتوهجين ، وكلماتك تمس شغاف القلب والروح يا اسراء . واصلي المسيرة فالمستقبل امامك مضيء . ولك مني التحية والتقدير .

  2. ابدعت يا اسراء لك مني كل الشكر والتحيات ومعك اصرخ صرخة مدويه يتبعها الالم واعود لاسال الله العلي القدير ان تصل رسالتك لكل اب وام وشاب في مدينتنا الحبيه واقول كفى لقد كنا قدوه وارجو ان نعود كما كنا
    مع احترامي
    قاسم محاميد

  3. لك شكري الجزيل على هذه الشحنة العظيمة التي تمدني بها كلماتك…ولك مني كل تقدير واحترام…

  4. بروعة شعرك المميز شاعرنا….تحياتي واحترامي!!!

  5. ارجو ان تدق كلماتي كل باب في المدينة….وتخترق جدار الصمت……واشكر لك اهتمامك بقضية باتت تقض مضاجعنا….وارجو لك حياة رغيدة وعطاء تمدنا به من كتاباتك المميزة

  6. الا ترين ان اهل السياسه باتوا لا يساوون شي ولا يعملون على حل مثل هذه الامور المؤلمه لما لا نكتب يا شاعره السلام عسى ان يكون لوقع الشعر اذان صاغيه ويفرض السلام بكلمات شاعرة السلام
    حقيقه يا اسراء انا لا اجامل فمقالاتك رائعه وشعرك يخرج من قلب جال به الالم وانا لست اقل منك واخيرا وفقك الله لايصال هذه الرساله والله ولي التوفيق

  7. رايك بي يفتح لي افاقا جديدة ويزيدني ثقة ان الكون بخير ففيه اشخاص مثقفون..يعشقون اللغة..ويمنحون للشعر روحا جديدة…لك مني كل التحيات وارجو ان يكون شعرنا شعاعا يخترق القلوب..ويبحر فيه كل سباح ماهر!!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة