موتاجيم"علامات تجارية"

تاريخ النشر: 07/01/12 | 1:27

يرفع قدمه في وجهك ويدفع صدره بشهيق وزفير أمامك حتى تنتبه فهو يلبس وينتعل موتاجيم ويلهث خلف الأسماء والشعارات تطبيقاً للمثل الذي يقول كُل لنفسك والبس للناس !

لكل لباس لديه قصة ولكل حذاء رواية .

يذكر الزمان والمكان والأسعار ويسردها ويرويها بمتعة غريبة عجيبة .

يعيش في دائرة العلامات التجارية ويبحث عن مجد وتميز وعلو شأن من خلال أسماء لشركات تجارية تضع شعاراتها البارزة على مصنوعاتها ومنتوجاتها ويفتخر ويزهو بها وسعادته التي لا توصف تنحصر بما يرتديه من جلود وقماش .

يشتري ويشتري ولا يشعر بالسعادة , ويلبس وينتعل ولا يشعر بالراحة لأنه يدرك في النهاية أن كل ذلك لا يمنحه شيئاً ولا يضيف إلى شخصه ونفسه شيئا.

يقف أمام العروض ولا يكترث لديون وقروض .

يختار لباسه بدقة متناهية ولا يأبه باختيار ألفاظه وكلماته وتصرفاته ومعاملاته .

يغطي جسده بالمبالغ الطائلة ولا يغطي أخلاقه بالنزر القليل منها .

يشتري قطعة قماش ولا يشتري بيتاً في الجنة .

يشتري أزواجاً من الأحذية ولا يشتري صفحات من المعرفة من خلال كتاب .

رحم الله السابقين الصالحين الذين كان همهم ستر عوراتهم وإظهار مكارم الأخلاق والبذل والعطاء في دروب الخير الكثيرة ورحم الله عمر بن الخطاب الذي استظل بشجرة العدل الكبيرة ولباسه الذي يحتوي على الرقع الكثيرة وكان بحق يسمى بالفاروق !

البعض يعتقد أن اللباس يصنع الإنسان بينما الإنسان هو الذي يصنع اللباس .

كثيرة هي الملابس الثمينة الجميلة البراقة التي تخفي قلوباً قذرة وأجساداً نكرة .

وكثيرة هي مدارك السوء التي لا يمكن أن يحجبها لباس كعين الشمس بالغربال .

إن العلامة التجارية للإنسان هي أن يحافظ على إنسانيته ولا يتجرد منها ولا يستبدلها بموتاج أو شعار كالساعي إلى المجد خلف السراب.

وقد قال الشاعر:-

ترى الرجل النحيف فتزدريه وفي أثوابه أسد مزير

ويعجبك الطرير فتبتليه ويخلف ظنك الرجل الطرير

فما عظم الرجال لهم بفخر ولكن فخرهم كرم وخير

بغاث الطير أكثرها فراخاً وأم الصقر مقلاة نزور

ضعاف الطير أطولها جسوماً ولم تطل البزاة ولا الصقور

لقد عظم البعير بغير لب فلم يستغن بالعظم البعير

يصرفه الصبي بكل وجه ويحبسه على الخسف الجرير

وتضربه الوليدة بالهراوى فلا غير لديه ولا نكير

فإن أك في شراركم قليلاً فإني في خياركم كثير

إنني من خلال كلماتي هذه أنادي بالاعتدال وترك الغلو والمبالغة والتبذير والسعي وراء أسماء لا تسمن ولا تغني من جوع والسعي في البذل لما هو خير والاقتصاد في المأكل والملبس .

ويظل للأناقة واللباس دور وأهمية بعيداً عن المبالغة والمغالاة والتبذير

ويظل الإنسان يتحدث بنعمة الله ويتخير اللباس الجميل النظيف ويسعى للعمل بكل ما هو لطيف والانتقال إلى الجوهر وإعماره من خلال مجالات كثيرة عديدة تسهم في بناء الإنسان ولأنه ليس باللباس وحده يعلو الشأن ويحيا الإنسان .

ملاحظة :- التوجه للرجال وللنساء على السواء !

‫8 تعليقات

  1. اكيد مش باللباس يعلو الشأن والانسان ,بس وين المشكلة اذا لبس وهوي عندو القدرة يشتري وبلزمش دايما انتقادات وبس….وكمان بلزمش نربط بين الاشياء!! انو الموتجيم=شوفوني يا ناس !! لع مش شرط!

  2. انا معك رقم واحد في ناس بتفكر انه الملابس بترفعها وهي قلوبها اسود من لون جزمتها بتحاول اتاثر على غيرها بسوء دون علمها بس الي قلبة نظيف ما بتاثر ولا بشوفها لا هي ولا ملابسها الموتاجيم لانها بتظلها بنظر الاخرين معروف اصلها وفي ناس بتلبس موتاجيم دون تفاخر بس المءصوفة بلبئلها

  3. موضوع فعلا صادق وصريح………وخاصة في بلدنا والسبب الأهل..معلش يعني عم بصير عندي في المحل…….يشهد اللة في قسم كبير من الناس بتجي تطلب أسم الموتاج وما بتعرف تقول أسمه الزبوط…..شو بدي أحكي تحكي كثير من الحالات يلي عم بتصير وأسف على الكلمة بضحك ويلي بيوجع أكثر أنه الأم أو الأب بكون موجود آه على هيك زمن والحالة الأقتصادية مع الناس في زعل زمني طويل.واللة أعلم..

  4. استاذي الكريم..حياك الباري وجمل ايامك العطاء الخالد ومكارم الاخلاق..

    مقالاتك جوهرية المعاني والمضاميين..دائما تعالج مواضيع حياتية..وتدعو

    للسلوكيات الايجابية..للفضائل ومكارم الاخلاق..

    الجمال الحقيقي..جمال الروح ،الصفات الحميدة،الامانة والاخلاص..الصدق والنبل..

    العطاء والمعروف..

    الحياة الاستهلاكية تنخر بمجتمعنا…تحملنا مصاريف مالية كبيرة..تصرفنا عن جوهر

    الحياة..

    في المدة الاخيرة الاحظ نهضة ثقافية مباركة تهدف الى غرس المطالعة العامة في عناصر

    المجتمع نظرا لاهمية الامر..

    عزيزي الكاتب..مجتمعنا بحاجة الى نهضة ثقافية عامة تقوده الى الرقي الجوهري..تنمي

    السلوكيات العقلانية، وتعزز مكارم الاخلاق والفضائل..

    ارفع لك خالص تقديري ..شكر جزيلا لك على عطائك المتواصل..بوركت وجزاك الله

    كل خير..

  5. القناعة كنز لا يفنى. اصبح النفاق من مكونات حياتنا بكل ثمن. عكد فراشك مد اجريك..
    تحياتي لك استاذ

  6. يا أخي يوسف كأني بك تتحدث عن شخص نعرفه،فهذه العينه موجودة في مجتمعنا كثيراً، ولكنني استغرب شيوعها بين الرجال فهي تليق أكثر بالنساء.
    ثم أنه لم تعد هناك “موتاجيم” خاصة بعد أن استطاع اخواننا الفلسطينيون تقليد هذه البضائع وصنعوا الأجود منها مثل اللاكوست الذي عليه صورة التمساح وهو يكلفك في ديزنكوف سنتر 600 شيكل لكن في مجمع الزغل التجاري في طولكرم يكلف 70 شيكل وتدلل على التاجر.
    ذكرتني بذلك المعلم التاريخي المحنط الذي كان معنا في النقب وكان يمتلك بدلةً خضراءظلت ترافقه …
    ويمكنني كتابة مقامة عنها.
    أجمل ما في مقالتك أو دعني أسميها الصورة القلمية بدايتها الجميلة:

    “يرفع قدمه في وجهك ويدفع صدره بشهيق وزفير أمامك حتى تنتبه فهو يلبس وينتعل موتاجيم ويلهث خلف الأسماء والشعارات تطبيقاً للمثل الذي يقول كُل لنفسك والبس للناس !
    لكل لباس لديه قصة ولكل حذاء رواية .
    تقبل تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة