عندما فات القطار
تاريخ النشر: 08/01/12 | 9:10كان صباحاً هادئاً ساحراً ، كل شيء حولي ساكنٌ وديعٌ، الأولاد ـ على غير العادة ـ يرتدون ملابسَهم في سكينة ، ودون شِجار!!
الزوجةُ ـ يا للعجب ـ تجهزهم للمدرسةِ دون صياحٍ أو نِقارٍ .. ترسم ابتسامة ًعلى وجهها المتفائل مجهزةً لنا طعامَ الإفطار !!
لا ضير ، فالدنيا مليئة ٌ بالعجائبِ .. تجعلُ المرءَ يحارُ .
وأنا بدوري وجدْتُ زِرَّ القميصِ مقطوعاً فأثرتُ السلامةََ احتفالاً بهذا الصباح الجميل .
فطلبتُ من زوجتي .. متحدثاً بلطفٍ دون انفعالٍ ودون احتقارٍ ، لأعيدَ تركيبَ الزِرِّ بنفسي .
هممتُ بالخروج من البيت ، وإذا بِقُبلةٍ تُطبع على خدي . إنها زوجتي !
ماذا حصل ؟ ما هذا اليوم ؟ لا ادري !!
خرجتُ مطمئنَ البالِ ومرتبَ الملابس على عادتي طبعا ، ولحقني الأولاد لأوصلهم معي إلى المدرسة في طريقي ،
في الحافلة التي تُقلني دائما .
وفي طريقي فوجئتُ بعدد كبير من الحافلات لنقل الطلاب دون أن يقضوا وقتا طويلا في انتظار !!
ركبنا الحافلة ، فلا زحام ولا وقوف ، الكل يجلس في استقرار .
صحبتني الدهشة ُ والسعادة ! من ذلك المنظر الذي لم أعهده من قبل .
عند جلوسي في مقعدي سمعتُ وشوشة ً تدورُ رحاها في المقعد الذي خلفي .
سمعتُ احدَهم يهمس للآخر: ما شاء الله انه ليوم جميل ، والذي يجمِّلُهُ هذا الصمت العجيب الذي لم نعهدْهُ من زمن .
أجابه الآخرُ : نعم انه صمتٌ غريبٌ ولكني أحسبُهُ الصمتَ الذي ما قبل العاصفة .
ماذا ؟ أجابه الأول ، ما قبل العاصفة ، هل ستمطرُ السماء ؟ هل سمعتَ ذلك في نشرة الأخبار .
نعم.. نعم.. ما قبل العاصفة ، ولكنها عاصفة من نوع آخر ، إنها عاصفة المدير الذي ينتظرنا عند بوابة المدرسة
ردَّ الثاني .
حسنا وان كان المديرُ في الانتظار ! أجاب الأول.
ردَّ الثاني : نعم إنها عاصفة التأخر عن النظام المدرسي ، إننا تأخرنا خمس دقائق .
أجاب الأول : خمس دقائق ! وان كان ! انه اليوم الأول في المدرسة فماذا عله يحصل ؟
رد الثاني : سنرى !.
وما هي إلا دقائق، حتى وصلنا إلى المدرسة ..
نزل الأولاد إلى صفوفهم ، وأنا أكملتُ إلى غرفةِ المعلمين .. لم أتأخر أكثر من خمس دقائق .. لأتلقى مفاجأةً ثانية ،
بل قل ثالثة أو رابعة .
فمديري يقابلني متجهماً متسائلاً : لا تتأخر ثانية ، ألا تعرفُ مواعيدَ الدراسة الرسمية ؟!
لم استطع الكلام !.
لف راسي ثم دار .. غرق وجهي في احمرار . إنها خمس دقائق فقط ، فمنذ متى هذا القرار ؟!
دخلتُ الغرفةَ ، فإذا الجميع حاضرون .. لم يتخلفْ احدٌ ، لم يتأخرْ احدٌ ، أي إنني آخر الحضور !
عَمَار يا بلدي عَمَار.
الكل منهمكٌ في عمله ، لا صوتٌ لا ثرثرةٌ ، لا نميمة ٌ، لا صحيفة ٌ، ولا خضارٌ !
مضى الوقتُ .. أَنتظرُ العم عوض يدخل بالساندويتشات والشاي ..
أنتظرُ لمة الفطار .
لم يأتِ عم عوض ، لم ينادِ عليه احدٌ ، الكلُّ مشغولٌ حتى أذنيه ، وكأنهم غارقون في بحار !
دخل احدُ الآباء يطلبُ مقابلةَ َ معلمَ ابنهِ ، الكل يتسابقُ في خدمته ـ لوَجْهِ الله ـ لا لِمَ ولا لماذا !.
قلتُ لنفسي : لقد فاق الأمرُ الحدَّ .. عجيبٌ أمرُ ذلك النهار .
حان وقت الامتحان ، تجمَّعَ الطلابُ في القاعة ، لم يتخلفْ احدٌ .. لم يتأخرْ احدٌ .. الكلُّ في انتظار ،
لا تسمع صياحاً ولا حتى همسا ، لا شجارا ولا حتى نمنمة ، وكأنَّ على رؤوسهم الطير !
يا الله ، ما هذا اليوم ؟!
اخذ الطلابُ يحلون مسائلَ الامتحان ، ولاحظتُ أنَّ طالبا يضعُ القلمَ جانبا ، ولا يحرك ساكنا .
سألتُهُ : ما وراؤك ؟
أجاب : انتهيتُ من الحل يا أستاذ .
يا سلام وبهذه السرعة ، قلت في نفسي .
انتهى الوقتُ المحددُ لتسليم الإجابات ، عدْتُ إلى غرفتي ، وأسرعتُ ابحثُ عن ورقة ذلك الطالب الهمام .
يا سلام ! هنا كانت المفاجأة .
نظرتُ في أوراق الطالب ، وإذ بالصفحة الأولى مكتوبٌ عليها ، اقلبْ الصفحة َ يا أستاذ !
قلبتُ الصفحة َ ، وإذ بالثانية أيضا مكتوبٌ عليها ، اقلبْ الصفحة َ يا أستاذ !
قلبتُ الصفحة َ، وإذ بالثالثة أيضا مكتوبُ عليها ، اقلب الصفحة يا أستاذ !
قلبتُ الصفحة ، ووصلت إلى الصفحة الرابعة .
إنها المفاجأة ! صحيح كنت اقلب واقلب واقلب وأنا محتار، أما أن تكون المفاجأة هكذا ، هذا ما لم يكن بالحسبان .
أتدرون ماذا كتب الطالب ؟ لقد كان مكتوب على الصفحة الرابعة :
على ماذا تبحث يا أستاذ ؟
نَمْنَمْتُ وسرح خيالي ، لكني وجدتُ الجوابَ سريعا ، تناولتُ القلمَ وأخذتُ بكتابةِ الردِّ على سؤال الطالب وكتبتُ
يا طالبي الفهمان بحثتُ عن علامةٍ لأعطيك إياها فلم أجد غير علامة المائة ، وسأعطيك مائة في الامتحان ،
ولكن ، على أن تكون أنت الرقم واحد ، واصفا رها على كل ورقة من أوراق الامتحان!.
انتهى وقت الدراسة ..
عدْتُ إلى منزلي ، وأمام مصعد العمارة التي اسكنها ، قابلتُ رجلا اعلم انه جاري ، هممتُ أن أُلقِيَ عليه السلامَ يائسا ،
فكم اُلقي السلامَ فترُدُّهُ عليَّ الحوائطُ والأشجارُ .
ما أن سمع الرجلُ وَقْعَ قدماي تقتربان منه حتى فاجئني بسلامه الحار،وما كان منه إلا أن حمل عني أغراضي ، كنت قد اشتريتها من الدكان ، أرغفة الخبز ، وكيس اللحم ، وحلوى الصغار !! بل نظر إليَّ مبتسما ثم استدار ..
فتح لِيَ بابَ المصعدِ وآثرني في الدخول قائلا : أنت لي نِعْمَ الصاحب .. نِعْمَ الجار !
ألجمتني المفاجأة .. فكم تلقّاني عابسا اخرسا أبكما ، ثم غار .
وبعد .. فزعتُ من نومي على صوت زوجتي تهزُّ كتفايَ بشدة : لقد تأخرتَ يا زوجي .. نمتَ كثيرا .. حتى فاتك موعدُ القطار ..
قمتُ هائما على وجهي ، ثم قلتُ لها : فلتتركيني إذن أكمل حلمي .
ما دام قد فات القطار! .
القصة اكتير حلوة
يسلم ايديك… والله القصة بتجنن بتسطل عنجد كتييييييييييييييييييييييير اعجبتني …
ارسل دائما للموقع لاني ادمنت على كتاباتك الرااااااائعه..
ودي دايماوما تطول علينا.. لانا بنستنا بهاي الكلمات الحلوة..
عنجد اخذتني لعالم اخر..
(: يسلموا ايديك
القصة حلوة …وزي ما كالت القرعاوية الاولى……..