المتواكلون على الله والعاطلين عن العمل – بقلم ربيع ملحم

تاريخ النشر: 14/01/12 | 0:18

مما لا شك فيه أن عدد العاطلون عن العمل وخاصة في وسطنا العربي بارتفاع, فهو يزداد بشكل سريع ورهيب وحالات الإحباط تزداد مع ارتفاعه ورغبة مني في مساعدة الشباب لحل هذه المشكلة التي بدأت تأثر بشكل يومي على المجتمع العربي, انها نعمة العمل, والبحث الصعب عن الرزق في وقت تهوي دول عظمى بسبب الركاد الاقتصادي وانهيار في البورصة, ولكن ما دعاني ان اكتب مقالتي هذه الا وهي انني اشاهد يوميا شبابا يجلسون في مقاهي في قرانا وبلداتنا, همهم الوحيد, ثمن رأس ارجيلة, او ثمن فنجان قهوة وعلبة سجائر, فقد قدر لي ان التقيت عن قرب باحد هؤلاء الاشخاص العاطلين عن العمل, وعند سؤالي له عن عدم توجهه للبحث عن العمل, فابتسم قائلا أي عمل واي بحث واي حياة, انا متوكل على الله, فقلت له بلسان حالي, انت متواكل على الله ولست متوكل على الله وعند بحثي في كتب السيرة الدينية الاسلامية عن معاني التوكل على الله وبيان الفروق في التواكل على الله, ولحسن حظي فقد وجدت العديد من الامثلة فما احوج مجتمعنا ان يعرف هذه القصص والقيم الرائعة فمن سيرة الصحابة والانبياء والرسل فقد كان من دعاء النبي, اللهم اني اسالك الرضا بعد القضاء, اسالك القناعة بعد القضاء !!!

وسيدنا النبي ابراهيم ضرب لنا مثال في التوكل والتفويض, فقد حمل ولده اسماعيل وزوجته في واد غير زرع. ارض قاحلة, ومكة آنذاك لم تكن شيئاً مذكورا، فهي عبارة عن واد تحيط به الجبال، وصحراء قاحلة لا نبات فيها ولا شجر إلا أشجاراً قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع. وعند البيت بقرب شجرة جلس إبراهيم وهاجر وإسماعيل. وآنذاك لم يكن في مكة أحد، وبعد ذلك قفل إبراهيم راجعا ولكن من معه ؟

آه لقد رجع وحيدا … ما الأمر ؟

هل سيترك هذه المرأة الضعيفة والرضيع ؟؟

هل سيتركهما وحيدين في ذلك المكان المقفر ؟ … نعم .. .. رجع تاركا معهما جراباً به تمر و سقاء به ماء، فما كان من هاجر إلا أنها تبعته وأخذت تسأله عن سبب تركهما وحيدين في هذا الوادي البهيم . . . لم تستطع أن تحصل على الإجابة. وإذا هي تسأله سؤالا واحدا . . . أالله أمرك بهذا ؟ سبحان الله. . . لماذا فكرت هاجر بهذا السؤال ؟ لماذا لم يطرق على تفكيرها من سيأتيهم بالطعام والشراب بعد نفاد ما عندها؟ لماذا لم تسأله عن المدة التي سيتغيب فيها عنهما ؟ لماذا . .. ؟ لماذا . . . ؟ لماذا . .. ؟ ولكنها سألت . . . آلله أمرك بهذا؟ هذا السؤال من أدق الأسئلة التي تدل على: عمق التفكير . . . وأصالة في التدبير

ولكن .. . بماذا أجابها إبراهيم عليه السلام لقد قال عليه السلام : نعم .

فما أن سمعت هاجر رضي الله عنها هذه الإجابة حتى هتفت قائلة: إذاً لا يضيعنا. هو القوي هو الجبار, الرازق, ألمرزق, كل شئ بأمر الله, ومن قصة أخرى للنبي ابراهيم عن وضعه في النار بعد ان القوه في المنجنيق, يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم, فكان دعائه: حسبي الله ونعم الله الوكيل. انها, صفات المتوكلين هي جليلة وعظيمة, فشتان ما بين صفات المتوكلين على الله وما بين المتواكلين على الله !!,…؟؟؟

كان عمر بن الخطاب, اذا اعجبه شخص سأله عن حرفته فإذا قيل له لا حرفة له سقط من عينيه. ويروى ان الخليفة عمرا جاءته جماعة من اليمن فسألهم من انتم. فقال انتم المتوكلون فقال بل انتم المتواكلون !!!,فيجب ان نأخذ بالاسباب, فاعلموا ان الرزق مكتوب عند الله, فلنصل لهذا المكتوب فيجب ان نأخذ بالسبب, والبحث عن العمل, هناك من يقول انا من اصحاب الشهادات الجامعية ولم اجد عملا.

اخي اختاه لا ضير ان نعمل في مجال غير عملنا, العيب ان نجلس في بيوتنا ونقول ربما غدا افضل, يا اخوة اقسم بالله, انه درسني في الاردن في مادة الفيزياء, محاضر يملك الدكتوراه في مجال الفيزياء الذرية, ويدرس مادة فيزياء بسيطة للجامعين, لكن الاصرار على العمل جعله يتخلى عن الالقاب وينزل الى ساحة العمل ويبحث عن سبب للرزق, لان السماء لا تمطر ذهبا.

نسأل الله عز وجل ان نكون من المتوكلين ولا من المتواكلين.

بقلم ربيع ملحم

‫2 تعليقات

  1. موضوع جميل جدا يستحق التقييم فوالله هنالك شباب لا يعدون ايام بل يعدون سنين وهم يقولون “الله بعين هيك الله بدو” متل الي بحكيلي ان الله يهدي من يشاء … اعقل وتوكل يا رجل !! يجلس في باحات المقاهي ويبذير النقود واخر الشهر “مينوس”… ويدعي ان هذا من عند الله , حي على العمل يا شب

  2. كل الاحترام موضوع جدا مهم ويجب ان تكون حلقات اسبوعيه للتاكيد على الاهميه الناتجه قدما والى الامام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة