قبل ان تحاسبوا

تاريخ النشر: 01/06/14 | 14:12

الظلم خصلة ذميمة، وعادة قبيحة، ذمها الله عز وجل في كتابه الكريم وعلى لسان سيد المرسلين، وقد حرم الله عز وجل الظلم على نفسه فقال تعالى: ( إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ) [النساء: 40] وقال في الحديث القدسي : ” يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ” [رواه مسلم] .
وقد حرم عز وجل الظلم بين العباد تحريما شديدًا، وتوعد الظالمين بعذاب أليم قال تعالى : ( مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) [غافر: 18] وقال جلا وعلا: ( وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) [البقرة: 270]. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في آفة الظلم فقال صلى الله عليه وسلم: ” اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ” [رواه مسلم]. والتعبير بالظلمات يدل على التكاثر عند الجزاء والحساب.
وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الحقوق باقية إذا لم تستوف إلى يوم القيامة حيث موقف القصاص وإعطاء كل ذي حق حقه . فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ” [رواه مسلم] .
والظلم داع إلى نزول العذاب قال تعالى: ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) [الزخرف: 65] أخي الحبيب: وأنت تسير في هذه الدنيا وتسعد بالصحة والعافية ونعمة الأمن ورغد العيش، تأمل في حال أنت تؤمن به وسوف تلاقيه، ألا وهو البعث والجزاء، والحساب والعقاب.
والأمر كذلك، فإن ذلك اليوم يوم عظيم، تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد.
أخي الحبيب: إن موقف القيامة موقف عصيب ومشهد رهيب. واعلم أنه لا ينجو من خطر الميزان إلا من حاسب في الدنيا نفسه، ووزن فيها بميزان الشرع أعماله وأقواله وخطراته ولحظاته، كما قال عمر رضي الله عنه حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وإنما حسابه لنفسه أن يتوب عن كل معصية قبل الموت توبة نصوحا ويتدارك ما فرط من تقصيره من فرائض الله تعالى، ويرد المظالم حبة بعد حبة، ويستحل كل من تعرض له بلسانه ويده وسوء ظنه بقلبه، ويطيب قلوبهم حتى يموت ولم يبق عليه مظلمة ولا فريضة فهذا يدخل الجنة بغير حساب، وإن مات قبل رد المظالم أحاط به خصماؤه فهذا يأخذ بيده ، وهذا يقبض على ناصيته . وهذا يتعلق بلببه ، هذا يقول ظلمتني، وهذا يقول شتمتني، وهذا يقول استهزأت بي، وهذا يقول ذكرتني في الغيبة بما يسوءني، وهذا يقول جاورتني فأسأت جواري، وهذا يقول عاملتني فغششتني وهذا يقول، بايعتني فغبنتني وأخفيت عني عيب سلعتك، وهذا يقول كذبت في سعر متاعك، وهذا يقول رأيتني محتاجا وكنت غنيا فما أطعمتني، وهذا يقول وجدتني مظلومًا، وكنت قادرا على دفع الظلم عني فداهنت الظالم وما راعيتني، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.

بقلم: محمود عبد السلام ياسين

m7mod yaseen 2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة