قارئة الفنجان…
تاريخ النشر: 19/01/12 | 12:42إلى كل صبابة ولّهت خافقي نحوك ودوّنها دمي المسفوك على صفحات
بعدك….
إلى قربان كرامتي المسفوكة في أزقة غربتك..رميت كل الدفاتر والأقلام السوداء وانتزعت من أضلعي قرطاسيه تُخلّد كل حكاية لي مع كل عرافة زرتها واستحثثتها على أن تدقق النظر في حثل قهوتي..كنت إذا قصدتها لأرتشف قهوة مرارتي أنفخ في الفنجان لتهُبّ أنفاسي راقصة على أنغام حروفك..أتمارض بالزكام وأسعل هامسة حرفك الأول في قعره لعلّ حرارة أنفاسي تنقش اسمك المدوّن في شهادة الميلاد على جدرانه….لكن أترى هذه العرافة عمياء؟…تقول أنك أقسمت ذات صباح حين صفعتك بمسبة ليست بكبيرة أنّك ستُرهن فؤادك بقرش لامرأة أخرى كي تتوالد مرارتي وتزحف قدماي إليك تٌقبّل أثَرَ غبرة يتعثر بها حذاؤك.. ويحي من امرأة ساقت لأوهامها تعاسة جدّلتها بيديها، أكان علي أن أخبر تلك العجوز ذات الجدائل السمراء رغم أنّها ارتدت كفنها الأبيض ومشت به ولم يسلم حتى حاجبيها من لمسات بيضاء كحّلتها به مبراة الزمن… فغدت تصُبّ خرافاتها في قعر رأسي.. لا بد وأن أصحب لها مرة أخرى نظارة جدة ليلى المسكينة… ذات مرة، أغويتها برائحة لحمة مشوية فهامت على وجهها رغم أنّ قرى فمها تدمّرت بفعل إعصار الزمن وبفعل…..فاستدرتُ مختلسة فنجان قهوتي بعدما انتهيت منه بإظفري الطويل الذي اعتنيت به لكي أُغافل شره العجوز وأخط اسمك في قعر الفنجان..يا لها من عمياء، بلهاء، أتراها مرة أخرى لا ترى الحروف.
……………..
سأستقيل من كل التكهنات..وسأنتفض والأوراق..سأجند جيوش الدعوات في ليل بهيم.. فهناك رب سميع مجيب، أبعد الله عنك حسناوات الزمان ولتصبك نوبة عشق يحار لها الأطباء في دواء…وذات مرة وأنا أتجول في شارع ما ألتقي عينيك، أحضنهما يسوقني شوقي لتقبيلهما وفجأة تنهض من وعكتك، تهتف باسمي..آه كم أوتار همساتك حانية، لم أكن أدرك أن اسمي بهذا الجمال(تهمس حنايا روحي بهذي لكلمات)، بينما رأسي وكأن قاعدته استدارت بعكس محياك، تلتف كريح دائرية ورأسي كالكرة الأرضية يدور،أُجافيك أدّعي وكأني كنت لا أراك وتبكي كطفل صغير في أحضاني، فأندفع مسرعة بصمت، بغضب وبعين شذراء كما لو أني كنت أراك عفريتا أفزعني في المنام، تركض ورائي، تلمس يدي أصرخ: لم أعد أحبك….، لا أدري كيف انطلقت من جوفي كالبركان، يزداد رذاذ دموعي المتطاير، أسعل، أذهب بعيدا إلى الفيافي وأفرغ ما في روحي من ولهان….تتطاير من خافقي الكلمات..أ..ح..ب..ك..أهمس لنفسي( لو تعلم كم أحبك أيها المجنون)
“هيا انهضي، جدلي لي ضفائري، سأتأخر عن المدرسة”، ” ولكن ضفائرك أيتها العجوز جميلة وكالحرير متراقصة رغم ضير الزمان”
“أختي ، لقد تأخرت عن المدرسة..انهضي”، أأ..آه رنيم”…. وكأن ضفائر أختي الصغيرة تشبه ضفائرا رأيتها في مكان ما…
آآآآآآآآآآه…. تغُصّ في تنهيدة عميقة تدغدغ نسمات الصباح التي تهب من نافذتها، رأيتها تحتضن نرجسه وقد بللها الندى بعمق، قرّبت أذني من خلف نافذتها لأسترق السمع: “آه ما أجمل الأحلام ..وكم واقع حنانك نحيل وسرعة نبضاتك خافتة”.
لكن…
“صباح الخير لك معذبي كلما حل الصباح..ولتمسي على وعكة عشق دواؤها ترنيمة وَلَهٍ تطفو من سحر عيناي….
بقلم عزة عزالدين