أنا ومحنة الغافقي

تاريخ النشر: 05/06/14 | 8:08

من قصائدي في أعقاب حزيران 1967
عبد الرحمن الغافقي:
شخصية اتخذتها القناع لبيان عمق الهزيمة التي حاقت بالعرب، والغافقي هو بطل عاش في الأندلس، وعده المؤرخون أعظم ولاة الأندلس، حيث وانتصر في أكثر من معركة.
إلا أن الهزيمة لحقت به في معركة بلاط الشهداء (بواتيه) سنة 732م ، وهنا كانت بداية هزائم العرب والمسلمين.
تخيلت عذاباته وهو يرافق هزيمة وانتكاسًا، فراودتني هذه الخواطر على لسانه ولساني، فنشرت القصيدة في مفتتح ديواني الأول “في انتظار القطار”. نابلس: جمعيى عمال المطابع- 1971.
………………………………………..

أنا ومِحْنَةُ الغافِقِي

توهَّجي يا نَبْضةَاشتِهاءِ
وزَغْردي في بَحَّةِ الوَداعْ
حبيبتي تُطَفِّئُ الشُّموعْ
تَرَفقَّي في غابةِ الدُّموع ْ
وأَطْلِقي حَنينَها التياعْ
وأيْقِظي النُّجومْ
***

وثانِيَ اثْنينِ إلى غارِ الحَياةْ
يقولُ عند الكِبْرياء
ما زُفَّتِ الحَسناءُ
إِلاَّ على مَهْدِ الظُّنونْ

وأوَّلُّ الاِثنينِ في غارِ الحياةْ
يُفَلسِفُ الأشياءَ
يُجَمِّل الغُروبْ
وَيَسْكُبُ الضِياءْ

حتَّى إذا هَلَّ الطُّلوعْ
و انجابَ شَوْقٌ في الضُّلوعْ
اِستَيْقَظَ الِندَّاءْ:
ما عادَ في أرضي ثَمرْ
وصرخَةُ السَّيَّاب
(مَطَرْ…مَطَرْ)
***

مطر … مطر
تُعَلِّقُ الأيامَ في وَجْهِ الخَطَرْ
تستنطِقُ الأشْجارَ
عَنْ هذا القَطيعْ
يَخِبُّ في مَأْساتِهِ
يَدِبُّ في نَكْباتِهِ
يلوبُ من صَوْتِ النَّجيعْ
طعامُهُ ضَريعْ
نِساؤُهُ مثلُ السَقَرْ
***

وحالَ ليلي راهِبًا
في حَيْرَةٍ ظَمْأى الطَّرَفْ
وَجهي ضَبابْ
جِسمي حِرابْ
والذِّئبُ ألْقى ثَوْبَهُ
سِراجُ عَينيهِ انطَفَأ
وتَفْزَعُ الأحلامُ مِن صَهْدِ الشَّغَفْ

أجوبُ كُلَّ لَحْظَةٍ
مِرقالةِ العُيونْ
في كُلِّ وادْ
على جِبال البُعْدِ
يَكاد يَبْريها الشَّغَفْ

أُحِسُّ شوقًا ساريًا في مُهْجَتي
أُذيب أَمسي ذِكْرَياتْ

وَأَدْتُ ساعاتي وأيَّامي العِجافْ
في غَمْرَةٍ فلا تُطالْ
في غَمْرةٍ تُهَدْهِدُ الأحْزانِ

أَضْواءُ دَمعي خُطُواتْ
تُذَرْذِرُ الطَّيْفَ وراء اَلطَّيفِ
مُعايشًا لِكُلِّ مَنْ أَوْدى
بِعِزِّ الصَّيفِ
وأزَرعُ الْوَرْداتِ فوقَ الْحُبِّ

***

أفَْنَيْتُ عُمْري في الرِّياحْ
أقولُ أََضْواني الزَّمنْ
– فَراشَةٌ كَفَّنْتُها
لَفَّعْتُها ثوبَ الْحَريرْ
ثُمَّ استفاقَتْ في الْمِحَنْ
***

وجُرْحُنا صَديقْ
وجُرْحُنا عميقْ
نسيرُ في أَقصى البِحارْ
برغِم قُرصانِ الأميرْ
يُحَلِّقُ النَّهارْ
***

أجدادُ أجدادي أتَوْا من كلِّ فَجْ
بكَوْا وعَادُوا
أَبْطالُهُم بلا سُيوفْ
أَشْعارُهم بلا حُروفْ
أَرْتالُهُم شَجَنْ
عيونُهُمْ تُسائِلُ الرُّكْبانْ
أَوْفى خَبر
جَهيْنَةُ اليَقينِ غابْ
والغافقِي بَيْنَ الصُّفوفْ
فَلْنَفْتَحِ السَّبيلْ
لِمَنْ يَطوفْ

الأول : إشارةُ القَلْبِ الوجيعْ

الثاني: من شَوْكِهِ أضحى ثَقيلاً كالزَّمَنْ

الثالث: أدماهُ حُزْنٌ لا يُطاقْ

الرابع: لم تَنْدمِلْ فيهِ الْجُروحْ

أنا: نُلِمْلمُ الذِّكرى على صَوْتِ انكسارْ
الْمَدُّ لانْحِسارْ
وقُوَّةٌ بَعْدَ الوَهَنْ
***

تَرَّفَقِي يا نَبْضَةَ اشتِهاءْ
وزَغْرِدي في بَحَّةِ الوَداعْ
حَبيبتي تُطَفِّئ الشُّموعْ
تَرفَّقي في غابةِ الدُّموع
وأَطْلِقي حَنينَها التِياعْ
وأيْقِظي النُّجوم!

ب.فاروق مواسي

faroq

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة