ما بين التأثير والتأطير !!

تاريخ النشر: 28/01/12 | 5:34

لا يخفى على أحد منا ما للجان أولياء الأمور في المؤسسات التعليمية من أهمية ودور كبير في المساهمة في تحقيق الأهداف وإنجاح العملية التعليمية والتربوية والاجتماعية.

العديد من علماء التربية والنفس وعلم الاجتماع والمفكرين والفلاسفة والباحثين والدارسين إن لم يكن كلنا وكلهم قد أجمعوا على هذا الدور وإن كان التفاوت والاختلاف في حجم ومدى ومجالات وجوانب وآليات هذا التأثير.

هنالك العديد من البلدان التي استطاعت أن تنتقل بهذا التأثير نقلة نوعية وتحقق الكثير من الشراكة والتعاون والعمل الجاد لما يعود بالنفع على المجتمع والأفراد في تخريج أفواج من الأبناء الذين هم أمل المستقبل ورجاله وحملة راياته.

استطاعت هذه البلدان بمؤسساتها وأولياء الأمور فيها أن تجد السبيل والقاسم المشترك الايجابي البناء في تفعيل هذه اللجان والعمل والبذل والتضحية وحمل الأمانة بصدق وإخلاص.

هذا النجاح لم يكن وليد صدفة أو رمية من غير رام وإنما كان بسبب أوراق التفاهم الأولية الواضحة التي نوقشت منذ البداية واتفق عليها والتي حددت ورسمت معالم وجوانب وحدود هذه الشراكة وتوفر النوايا الحسنة والقصد والعزم والقدرات من كلا الطرفين وتقبل أحدهما للآخر والشفافية والصدق بعيداً عن الصراعات والتدخل وطعج الأيدي وتلقين الدروس أو تهميش الأدوار أو تسييسها وتوجيهها أو السيطرة وتغييب الأمور المهمة والجوهر وحصرها في الجوانب المادية والتبرعات والجانب الجمالي والمبنى والمظهر.

بعض اللجان المنتخبة هي عملياً مجموعة قليلة لبت الدعوة وحضرت وأصبحت لجنة تنطق باسم جميع أولياء الأمور .

بعض اللجان أفرزت من مجموعات حزبية أو عائلية أو تيارات محلية – أو لأهداف وأغراض بعيدة عن الرغبة في العمل وحمل الدور والسعي به إلى الأمام وبعضها أفرز بالعداوة والترصد والنقد والحصار وبعضها أفرز كتغطية وحماية وتأطير وإفشال أي محاولة للإصلاح وللتغيير.

هذه الصور نجدها في البلدان الغير مستقرة عقائدياً وفكرياً واجتماعياً وفي المؤسسات التي لا تثق بأنفسها وتخشى من الشفافية والمراقبة والانتقاد وتخشى من انتزاع بعض الصلاحيات منها والتي تريد أن تمنع تدخل الأهالي أو حصر تدخلهم في جوانب هامشية وتكتفي بالعلاقة الانترنيتية وتقارير النجاحات الوهمية والمعدلات والنسب والرسومات والصور والتقارير والدهلسة والتزييف والتزوير لواقع يظهر تباعاً وعلى مر الأيام في أجيال وراء أجيال تتعاقب يزداد فيها الجهل والبعد عن الدين والعقيدة والمعرفة وطغيان الكراهية والحقد والتشرذم والبطالة وانهدام كل أركان المجتمع تدريجياً.

الأغرب في هذا كله والمدهش أن تسعى بعض المؤسسات إلى المماطلة في قيام هذه اللجان بقدر الإمكان وتنجح في الصمود شهور طويلة وأحياناً سنوات عديدة وتمضي بدون لجان أولياء أمور وإذا ما سألتها قالت :- تفتحش علينا باب دبورة / خلينا هيك أريح وأسهل / لماذا توقظ المارد من سباته / سيبك / فكنا من وجع الرأس / إحنا ناقصنا ….. وهكذا !!

والبعض منها تكتفي بتسجيل بروتوكولات الحكماء بوجود لجان مدرسية وهمية وشبه وهمية واعطس رحمك الله !!

لماذا لا يكون ؟ لجان أولياء أمور مؤثرة ايجابياً تساهم في حمل المسؤولية وتعمل بالشراكة الواضحة وتبذل وتعمل وتتدخل ضمن صلاحياتها بعيداً عن الصراعات والترصد وكل ذلك لمصلحة الأبناء ودعم للمدرسة وصلاح للمجتمع بصلاح أفراده.

لماذا يعتقد بعض أولياء الأمور بأن دورهم ينتهي عندما يوصل الأب ابنه إلى بوابة المدرسة بسيارته الفارهة ويتنازل عن واجبه ودوره في المتابعة وتقوية الأواصر مع المعلم والمدرسة ؟

ولماذا تعتقد بعض المدارس أن لجان أولياء الأمور ما هي إلا أمر ثانوي أو هامشي وأنه بمثابة إطار أو برواز أو مجرد خلفية أو موسيقى تصويرية يمكن القيام بدور البطولة المتفردة وإتمام العملية بدونها وخلافاً لكل وجهات النظر والدراسات والنظريات التربوية وخلافاً لتعليمات الوزارة التي أقرت هذا الدور وأقرت أهميته.

إن المسؤولية في ذلك تقع على المؤسسة التعليمية في قبول الوضع وعدم السعي والحث والإسراع في تشكيل لجان أولياء أمور فاعلة فعالة, ولكن المسؤولية الكبرى تقع على الرأي العام في كل بلدة وعلى جمهور الأهالي الذي يقبل ويتنازل بقصد أو بدون قصد ويتعامل مع الأمر باللامبالاة أو التردد أو التخلي طوعاً أو السكوت والصمت والخاسر الأكبر في كل هذه الساقية الفرد والمجتمع.

ألم يقولوا أن الحق يؤخذ وأحياناً يُنتزع ولا يُعطى طواعية !

ألم يقولوا أن الساكت عن الحق شيطان أخرس !

تعليق واحد

  1. استاذي الكريم ..حياك الباري وجمل ايامك بالسعادة والعطاء الخالد..

    مقالتك جوهرية المضامين ..تهدف الى تفعيل لجان اولياء الامور بصورة ايجابية

    حسب القانون والانظمة..لانجاح العملية التعليمية والتربوية.

    جدير بنا ان نتالق باداء ادوارنا بمسرح الحياة لنخلق حياة فاضلة..

    النقد الموضوعي البناء عنصر هام لنجاح المسيرة ونجاعة العمل..

    استاذي الفاضل..لك جزيل الشكر والثناء على عطائك المتواصل..بوركت

    وجزاك الله كل الخيرات..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة