الوفاء خلق النبي صلى الله عليه وسلم
تاريخ النشر: 30/01/12 | 12:29مما تحلى به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، من الأخلاق الفاضلة، والشمائل الطيبة، الوفاء بالعهد، وأداء الحقوق لأصحابها، وعدم الغدر، امتثالاً لأمر الله في كتابه العزيز حيث قال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}… (الأنعام: 152).
وتخلق الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق الكريم ظاهر بيّن، سواء في تعامله مع ربه جل وعلا، أو في تعامله مع أزواجه، أو أصحابه، أو حتى مع أعدائه.
ففي تعامله مع ربه كان صلى الله عليه وسلم وفياً أميناً، فقام بالطاعة والعبادة خير قيام، وقام بتبليغ رسالة ربه بكل أمانة ووفاء، فبيّن للناس دين الله القويم، وهداهم إلى صراطه المستقيم، وفق ما جاءه من الله، وأمره به، قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}… (النحل: 44).
وكان وفياً مع زوجاته، فحفظ لخديجة رضي الله عنها مواقفها العظيمة، وبذلها السخي، وعقلها الراجح، وتضحياتها المتعددة، حتى إنه لم يتزوج عليها في حياتها، وكان يذكرها بالخير بعد وفاتها، ويصل أقرباءها، ويحسن إلى صديقاتها، وهذا كله وفاءاً لها رضي الله عنها.
وكان وفياً لأقاربه، فلم ينس مواقف عمه أبي طالب من تربيته وهو في الثامنة من عمره، ورعايته له، فكان حريصاً على هدايته قبل موته، ويستغفر له بعد موته حتى نهي عن ذلك .
وكان من وفائه لأصحابه موقفه مع حاطب بن أبي بلتعة مع ما بدر منه حين أفشى سر الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام في أشد المواقف خطورة، حيث كتب إلى قريش يخبرها بمقدم رسول الله وجيشه، فعفى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وفاءاً لأهل بدر، وقال: (إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) رواه البخاري ومسلم.
أما وفاؤه لأعدائه فظاهر كما في صلح الحديبة، حيث كان ملتزماً بالشروط وفياً مع قريش، فعن أنس رضي الله عنه أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: (اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، قال سهيل: أما باسم الله فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم، ولكن اكتب ما نعرف: باسمك اللهم، فقال: اكتب من محمد رسول الله، قالوا: لو علمنا أنك رسول الله لاتبعناك، ولكن اكتب اسمك، واسم أبيك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اكتب من محمد بن عبد الله، فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم، أن من جاء منكم لم نرده عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا، فقالوا: يا رسول الله أنكتب هذا، قال نعم، إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا) رواه مسلم. وتم إرجاع أبي بصير مع مجيئه مسلماً وفاءاً بالعهد.
وعن حذيفة بن اليمان قال: ما منعني أن أشهد بدراً إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل، فأخذنا كفار قريش، قالوا: إنكم تريدون محمدا، فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر، فقال: (انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم) رواه مسلم.
وعدّ صلى الله عليه وسلم نقض العهد، وإخلاف الوعد من علامات المنافقين، فقال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) رواه البخاري ومسلم.
هذا هو وفاء النبي العظيم، أَنْعِم به من خلق كريم، تعددت مجالاته، وتنوعت مظاهره، فكان لكل صنف من الناس نصيب من وفائه صلى الله عليه وسلم، فهل أنت أخي المسلم لك نصيب من خلق نبيك ورسولك؟
قالوا عن أعظم إنسان
“إن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الديني والدنيوي .. إن هذا الاتحاد الفريد الذي لا نظير له للتأثير الديني والدنيوي معًا يخوّله أن يعتبر أعظم شخصية ذات تأثير في تاريخ البشرية”.
(العالم الأمريكي مايكل هارث)
مارسيل بوازار –
“سبق أن كتب كل شيء عن نبي الإسلام [صلى الله عليه وسلم]، فأنوار التاريخ تسطع على حياته التي نعرفها في أدق تفاصيلها. والصورة التي خلفها محمد [صلى الله عليه وسلم] عن نفسه تبدو، حتى وإن عمد إلى تشويهها، علمية في الحدود التي تكشف فيها وهي تندمج في ظاهرة الإسلام عن مظهر من مظاهر المفهوم الديني وتتيح إدراك عظمته الحقيقية..”
إبراهيم خليل أحمد-
“هذه هي حقيقة يثبتها التاريخ: فبينما كان العالم الشرقي والعالم الغربي بفلسفاتهما العقيمة يعيش في دياجير ظلام الفكر وفساد العبادة، بزغ من مكة المكرمة في شخص محمد رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، نور وضاء أضاء على العالم فهداه إلى الإسلام”(1).
“إن سيدنا عيسى عليه السلام يتنبأ عن الرسول الكريم محمد [صلى الله عليه وسلم] بقوله: (وأما متى جاء ذاك: روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية)(2) ..”(3).
“يقول برنابا: (سيأتي مسيا (أي الرسول) المرسل من الله لكل العالم،.. وحينئذ يسجد لله في كل العالم وتنال الرحمة..)(4) ..”(5).
وهذا القليل
صلوا على الحبيب المصطفى والسلام عليكم