"ثقافة الواوا"
تاريخ النشر: 01/02/12 | 2:49عصرنا يزداد تعقيداً ومشاكلنا تزداد حدة وأوراقنا تختلط ببعضها البعض…يتفشى النفاق والرياء والابتعاد عن مكارم الأخلاق، وكل شيء أصبح مقلوباً في هذا الزمن الرمادي..زمن العهر الفكري والتيه والانحطاط العربي.
نبحث عن معنى الانسانية، عن الفضيلة والحياء والوفاء والاخلاص، عن القيم والفكر والجمال، فلا نجد غير السراب والخيال ..الابن لا يطيع والبنت لا تطيع، والصغير لا يحترم الكبير ولا وجود لمعنى الصداقة والخل الوفي.
الكل يراوغ وبتنا لا نعرف هل تقدم الانسان في الوعي والتفكير أم في الفساد والضياع والتهتك والاباحية. وأكثر ما يذهلنا هو مد “الثقافة” الدخيلة “ثقافة الواوا” التي غزت مجتمعنا العربي وتوغلت في عقول ونفوس شبابنا وفتياتنا خلال السنوات الأخيرة. هذه الثقافة الرخيصة والفارغة والممسوخة التي تتنافى مع قيمنا الأخلاقية والانسانية الحضارية وتقاليدنا العربية الأصيلة وتعاليم ديننا الحنيف.
وتقوم هذه الثقافة على الانحلال والجنس المباح والفن الاستهلاكي وأغاني الجسد واللحم الرخيص، وتشوه الذوق الفني، والتقليد الأعمى والأرعن لبطلات ونجمات الأغراء والتعري، الفاتنات الغانيات، في اللباس والماكياج وقشاط البنطلون وتسريحة الشعر والغنج والميوعة والتمايل على الجانبين وابراز مفاتن الجسد.
ولا نختلف اذا قلت، أن هذه ” الثقافة” تربي الشباب من الجنسين على الخمول والكسل الذهني والبلادة واللامبالاة، وتقود الى الانحلال والتسيب والانحراف الاجتماعي.
وليس غريباً أن نجد الجيل الجديد بدون هوية وانتماء، فارغاً من المعرفة، لا يتحلى بالمسؤولية والوعي السياسي والفكري، ويعيش في بلبلة واضطراب واحباط وفراغ كبير، ويحتاج الى تربية وتثقيف وتلقين.
وبنظري فأن المدارس تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية عن وضع شباب اليوم لأنها لا تؤهلهم للخروج الى معترك الحياة بشخصية ثابتة وواعية وبكيان مستقل يكون دعامتها الخلق العظيم والقيم الايجابية والرأي السديد والنظرة القويمة الراسخة في شؤون الحياة وقضاياها المختلفة .
وازاء انتشار هذه” الثقافة” السطحية والمسطحة بين جيل المراهقين والمراهقات وبين الشباب والفتيات، هناك ضرورة قصوى لصقل شخصية شبابنا وبلورة كيانهم وتعميق وغرس المفاهيم السياسية والفكرية والاجتماعية والثقافية والروحية واذكاء الوعي فيهم، وطرح البديل الحقيقي، ثقافة المعرفة المتنورة العلمية الانسانية، والاجتماعية والفكرية التقدمية والديمقراطية، ثقافة المسؤولية تجاه الواقع والمستقبل، الثقافة العميقة والأصيلة والجميلة المبنية على الافاق التقدمية المعاصرة والاغتراف من معين شعبنا وتراثه العربي الاسلامي الفذ والنيّر.