في ظلال آية قُرآنية
تاريخ النشر: 14/06/14 | 10:44قول الله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ)
لقد أبرزت النصوص الشرعية مكانة المسجد الأقصى وفضله في الإسلام، فهو أولى القبلتين ومأوى المرابطين، ومسرى رسولنا الأمين.
ولقد نص القرآن الكريم على بركة هذا المسجد فقال الله تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الإسراء: 1).
فحادثة الإسراء إلى المسجد الأقصى حافلة بالمعاني والفوائد، فينبغي للمسلم الوقوف عندها والتفكر فيها أثناء زيارته للمسجد الأقصى.
ومن هذه المعاني والحكم، أقتصر على ذكر معنيين عظيمين:
أما الأول: فهو الاستشعار بمعية الله، فلقد انتهت سورة النحل بذكر هذه المعية، حيث قال الله تعالى فيها: “إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ” (النحل: 128)، ثم بدأت سورة الإسراء بذكر رحلة الإسراء إلى المسجد الأقصى التي كانت آية تطبيقية لسابقتها من سورة النحل.
وأما الثاني: انتظار الفرج، فقد كان إسراء النبي –صلى الله عليه وسلم- ليلًا إلى المسجد الأقصى بعد عام من الكرب والشدائد قد مرَّ عليه.
ولقد وردت أحاديث كثيرة تدل على فضل المسجد الأقصى، منها:
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: «المَسْجِدُ الحَرَامُ» قَالَ: قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ «المَسْجِدُ الأَقْصَى» قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً…» (متفق عليه).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى”، (صحيح مسلم 2/ 1014).
قال الإمام النووي في شرحه للحديث: ” في هذا الحديث فضيلة هذه المساجد الثلاثة وفضيلة شد الرحال إليها لأن معناه عند جمهور العلماء لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غيرها”.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخبرنا به عن الدجال، ذكر – صلى الله عليه وسلم- أن الدجال لا يدخل المسجد الأقصى فقال صلى الله عليه وسلم: “يَبْلُغُ سُلْطَانُهُ كُلَّ مَنْهَلٍ، لَا يَأْتِي أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ: الْكَعْبَةَ، وَمَسْجِدَ الرَّسُولِ، وَالْمَسْجِدَ الْأَقْصَى، وَالطُّورَ….” (مسند أحمد ط الرسالة: 38/ 180).
وعن ميمونة، مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قلت: يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس قال: «أرض المحشر والمنشر ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره» قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال: «فتهدي له زيتا يسرج فيه، فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه» (سنن ابن ماجه: 1/ 451)
فهذه بعض الأحاديث التي تبين لنا مكانة المسجد الأقصى وفضله، وفضل زيارته بشكل عام، فكيف إذا اجتمعت أفضلية المكان مع أفضلية الزمان، وكيف إذا اجتمعت عبادة الصلاة في المسجد الأقصى مع عبادة الصيام؟!
فالمسجد الأقصى في هذه الأيام يعيش ظروفًا لا تسر حبيبًا له ولا قريبًا عنه، فهو مقيّد في جنباته أسير في طياته عاش تاريخًا صعبَ المِراس، فهو يريد منا كل الرعاية والعناية التي قد وهبنا الله إياها من الجهد والأوقات والدعاء لكي ننصره حقّ النصر، ونصره لا يُخصّ به كبار السنّ المرابطين هناك، بل إن الطلاب ومربيهم في مراكزهم القرآنية لهم دور مركزيّ في نصرته خاصّة حين ترانا نقبل على شهر الخير والبركات في أيام معدودات معلومات أنزلت فيه السور والآيات لتكون للنّاس هدى وبيّنات قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة: 185).
لذا فإنّ مؤسسة حراء تحثّ طلابنا الأعزاء ومربينا سواء بسواء على شد الرحال للمسجد الأقصى المبارك للرباط فيه فنهيب لتحقيق ذلك – أبناء وآباء طلابًا ومربين- خاصّة في هذا الشهر.. شهر رمضان الكريم.