الكرة الأَرضية الافتراضية
تاريخ النشر: 05/02/12 | 0:10في كرة أرضية افتراضية في مكان ما من هذا الكون يعيش الناس بشكل آخر وبنهج آخر .
كرة أرضية فيها حياة تختلف كل الاختلاف عن عالمنا وحياتنا في كل شيء !
فيها كل شيء مسموح , بلا قوانين ولا نظم ولا دساتير ولا شرائع ولا ضوابط ولا حدود .
أدوات النهي والنفي غير موجودة ومعدومة ومفقودة !
كل الإشارات تسمح بالمرور !
كل شيء مباح !
كل شيء متاح !
كل شيء ممكن عمله !
كل شيء تفعله صحيح مهما كان !
كل شيء يخطر بالبال مسموح !
لا وجود للخجل والعيب والممنوع والأصول والحق والعدالة .
مصطلحات الصدق والأمانة والإيجاب والسلب والخير والشر معدومة .
لا قاموس للحلال والحرام !
بلا دليل وبلا كتاب ولا هدي ولا نور ولا بوصلة ولا فنار !
هي بلاد شعارها افعل ما تشاء متى تشاء كيفما تشاء حيثما تشاء بقدر ما تشاء.
هذا يزرع وهذا يقلع , ذاك يكتب وآخر يمزق , هذا يبني وهذا يهدم , ذاك يعلم وآخر يجهل هذا يتعلم وهذا يعمل , ذاك يرسم وآخر يقسم , هذا يحتفل وهذا يحتمل , ذاك يبكي وآخر يضحك , هذا ينجب وهذا يقتل , ذاك ينظف وآخر يوسخ , هذا يوفر وهذا يبذر , ذاك يسرق وآخر يصفق , هذا يقف وهذا يمشي , ذاك يضرب وآخر يلعب , هذا يفعل وهذا يتهكم , ذاك يقوم وآخر يقعد , هذا يجمع وهذا يطرح , ذاك يساعد وآخر يباعد , هذا يلملم وهذا يفرق ذاك يقفز وآخر يلمز , هذا يمدح وذاك يذم , هذا يجوع وذاك يشبع , وهو ما يسمى في النهاية بنظام الفوضى أو فوضى النظام .
كلٌ حرٌ بما يفعله ولا حساب ولا عتاب ولا شكوى ولا أنين ولا ثواب ولا عقاب .
إن سألت عن المبادئ والقيم قالوا عدم وإن سألت عن التقاليد قالوا كل يوم هو بالعيد .
في كرة الوهم لا أهداف ولا أحلام ولا مستقبل ولا طموحات ولا آمال .
كل يوم يمضي كيفما مضى وغداً يوم جديد .
لا عناية بالألقاب ولا اهتمام بالأنساب ولا أقارب ولا أغراب .
لا وجود للمشاعر والأحاسيس والمحبة والكراهية والكرم والجود والاحترام .
لا بيع ولا شراء ولا تملك ولا أخذ ولا عطاء .
هي كرة أرضية لا شيء يحكمها ولا شيء يضبطها ولا شيء ينظمها .
هي غابة يأكل فيها القوي الضعيف ويتربص بها الذكي للبسيط ويحتال الماكر والداهية على طيب القلب ليسيطر عليه ويخضعه ويستعبده .
في هذه الأرض يعيش من يعيش ويموت من يموت .
يستطيع كل من أراد وكل من يرغب ومن بمثل هذه الحياة معجب , يستطيع أن يسافر إلى هناك ولكن عليه أن يتذكر أنها رحلة اللاعودة ولهذا عليه أن يحسن الاختيار ويتأنى في اتخاذ القرار حتى يكون اختياره وقراره بمثابة هجرة ورحيل وسعي إلى ما يعجبه ويلائمه ويوافقه لا هروباً وفراراً مما لا يطيق العيش فيه في ظل دنيانا وكرتنا الأرضية التي تختلف كل الاختلاف عن تلك الدنيا الوهمية الافتراضية .
هل تخيلتم حياة مثل هذه الحياة وكرة أرضية مثل هذه الكرة الافتراضية ؟
هل تخيلتم كيف تكون حياتكم هناك وما هو الدور الذي ستلعبونه في مثل تلك الحياة ؟
وبعد هذا كله هل من مسافر إلى هناك ؟؟؟