حزيران في هذه السنة له طعم آخَر
تاريخ النشر: 18/06/14 | 21:40هناك من الناس من يعدّ أيام عمره بالسنين والايام ، وهناك من لا يلتفت الى عمره وسنينه ابدا خوفاً من أن يُنبّه الشيخوخة او حرصًا على سرّيته وأسراره ، وهناك من يقيس عمره بمدى ما قدّمه للرب من خدمات …..أمّا أنا فاجمع ما بين اثنتين :
أجمع محبة الخالق العظيم وهي الاولى والعظمى ؛ اجمعها الى محبة مشاهدة كرة القدم العالميّة المبنيّة على الرؤيا والفنيّة والأخلاق والتحدّي والجهاد الحَسَن!!! فالرياضة الروحيّة نافعة جدا ، والرياضة البدنيّة نافعة أيضًا.
حقًّا فأنا من اؤلئك الذين يحسبون اعمارهم بعدد المونديالات التي شاهدها وحضرها وعاشها ، اضافة الى مباريات الليجا في العالم وخاصة الاوروبيّة منها ؛ هذه الليجا الحارّة والسّاخنة والمشتعلة دوما ، الملأى بالحيوية والعابقة بشذا الفنّ والإبداع.
سيكون الصيف في هذه السنة ساخنا فعلا ، فالاعراس تملأ بلادنا وتلالنا وتزرعها زغاريد وأغانٍ “وليالِي ملاح” ، ولا تتوقف هذه الاعراس الا في العرس الكبير ، العرس العالميّ الذي ينطلق في الحادي عشر من حزيران الجاري من جنوب افريقيا …عرس كرة القدم العالميّ.
انه عرس تاريخيّ يشدّ النفوس والأعصاب والاحاسيس ويفعمها بالترقُّب ؛ عرس يمتدّ على مساحة شهر من عمر الدنيا والزمن ، فيه تصطك الركَب والاسنان ، وتحترق الأعصاب وتلتهب الأكف وتُبحّ الحناجر تهليلا وصراخا.
عرس قد بدا “حاميًا” ، ساخناً من قبل ان يبدأ ، فبلدتي عبلّين : -العروس الغافية على خدّ الجليل- ترفل بالاعلام من كلّ الالوان ، فتبدو للزائر وكأنها الأمم المتحدة أو ان هناك مؤتمرًا دوليًا ينعقد فيها.
الكلّ يترقّب وينتظر …وعندما يأتي الحَدَث يريد ان يقف الزّمان ولا يتحرّك …يريده ان يقف ويشيخ وهو في مكانه ، فتلك الايام من عادتها كما الايام الحلوة الاخرى تمرّ سريعًا….. الكلّ يترقّب وانا ايضًا ؛انا الذي ساند المنتخب الالماني منذ ان انفتحت عينيّ على كرة القدم …ساندته هكذا بعفوية وما زلت ، ورغم ذلك فإنني أصرخ فرحًا عندما ارى لاعبا يفتنّ ويصول ويجول ويزرع خشبات المرمى الثلاث اهدافًا.
احبّ الالمان واتمنّى ان يفوزوا بالمونديال في هذه السنة ، ولكنني احبّ ايضا فتى العجائب الكريستالي ليونيل ميسي ، والنَّسر ذا العيون الحادّة كريستيانو رونالدو ، وأحبّ انيستا وتافيز وروبين وروني والعشرات ، فماذا افعل مع هذا القلب المُتيّم بحب الله وحب كرة القدم ؟!!…اذوب بفنيّة اللاعبين كثيرا .. فهذا هدّاف رائع وذاك مهندس ولا أروع ، وذلك صدٌّ وسدّ منيع ورابع حامي حمى الوطن ببسالته ورشاقته وفنّه.
شهر وليس ككلّ الشهور.
شهر راقبته على مرّ السنين فكنت ارى فيه الحروب تفتر ، والعداء يموت او يكاد ، والجريمة تخفّ وطأتها والأنسانية ترتقي.
شهر يجمع العالم في مهرجان عجز ان يجاريه ايّ مهرجان سياسي او اجتماعي …..شهر كلّه عسل …عسل حقيقيّ بدايته كما نهايته ، إن لم تكن النهاية أجمل وأروع.
شهر نقول فيه للخالق العظيم : شكرا لك لانك اعطيتنا المجال ان نفرح وأن ننسى همومنا ونسمن ، وكيف لا نسمن والمُكسَّرات تعجّ بالسمنة ، والثلاجات تبقى مفتوحة أبدًا.
شهر نريده ان يأتيَ سريعًا وتطول أيامه سنوات ….
فكلّ مونديال والجميع بخير وليفز من يفز – وإن كنت اريده للألمان-….ليفز من يفز شريطة ان يُمتّعنا بالفنّ والرّشاقة والحلاوة وعذوبة التسديد وحذلقة التمرير ، وبُعد الرؤيا والاهداف …فالاهداف وحدها تستطيع ان تنتزع منّا الآهات والتصفيق والف مرحى…
حزيران 2014 نحبّك فلا تتعجّل الرحيل.
بقلم زهير دعيم