الدين نصيحه
تاريخ النشر: 20/06/14 | 17:13أهمية التناصح بين الأصدقاء، وعدم إغفال الصديق والصاحب أو التخلي عنه عند وقوعه في الزلل، وحتى تؤتي النصيحة ثمارها يجب أن تكون ضمن ضوابط محددة.
تحدث المواقف التي يرى المسلم أخاه يقع في الزلل، ويخطيء في تصرفاته وأفعاله واقواله، ومن حق المسلم على المسلم النصيحة، حتى يستقيم خلقه، وتتنور بصيرته، ويرى طريق الحق والرشاد، فالنَّبِيَّ -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم- قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ،» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: « للَّه وَلِكِتَابِهِ ولِرسُولِهِ وَلأَئمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ،» رواه مُسْلم .
لكن ما يحدث أن طريقة إيصال النصيحة قد تكون محرجة وخاطئة، فبدلاً من أن تقع الفائدة منها، تنقلب الأمور رأساً على عقب، وقد يخسر الصديق صديقه، وقد يتصرف الآخر بشكل مغاير ومعاكس للنصيحة، ولا يحصل المراد من كل ذلك.
بيد أن الأمر في غاية السهولة حين يكون المرء عارفاً بآداب النصيحة، وملماً بأجواء العمل فيها، فلا يغلظ بالقول ولا يخاطب صاحبه بقسوة، ويلقي عليه بالائمة في كل كبيرة وصغيرة، كذلك عليه أن يتحلى بالصبر، فلا يتوقع أن نصيحته سيكون لها وقع السحر، وأن تصرفات صديقه ستنقلب مباشرة بمجرد سماع النصيحة، فعليه أن يعاود نصحيته له كلما سنحت الظروف، وكلما رأى تصرفاً لا يليق من صاحبه.
البعض قد يستبطئ التغيير الذي ينبغي أن يحصل في سلوك صاحبه بعد إسداء النصح له، وكونه لا يلمس أي تغيير يكون ذلك كفيلاً بأن يتخلى عن صاحبه ويهجره، ولا يكون للوفاء الذي جمع صداقتهم أي معنى أو فائدة، بالعكس من النصيحة التي قد تتطور لتعرض الناصح للأذى من صاحبه، لأنه يرفض أن يتغير أو يتجاوب مع السلوك القويم، فالنفس قد تكون ألفت السلوك القديم، وتعودت عليه حتى وإن كان سلبياً، وأن أي تغيير سيسلتزم وقتاً لا بأس به، يعود على نفسية وقناعات وظروف من يستقبل النصحية ومدى تقبله لها وقناعته بها.
ومن الأهمية بمكان الانتباه إلى ظروف تقديم النصيحة، فلا تنصح أمام الناس، ولا تقرع وتهدد وتتوعد، وتأخذ زمام القوة والقهر، وتفرض نفسك بقسوة على صاحبك، الذي قد يرى فيك خير متصيد لأخطاءه، ويرى أنك تضخمها لتؤكد له أنه على خطأ.
وإن كنت تقدم النصح لصاحبك ولا تبتغي إلا رضى الله، وليس لك مصحلة دنيوية، فسترى نتائج نصحك لا محالة، ولو بعد حين، فأنت ترغب أن تقيم شرع الله في الأرض، وليس في نيتك تعالي، أو تباهي على صاحبك، ولن تتفضل عليه، أو تزيد منزلتك، أو تشعره بتقصيره وجهله، فأنت ترغب منه ان يكون أفضل، وتمد له يد العون والمساعدة في شؤون حياته، حتى تكونا خير صاحبين متحابين في جلال الله.