ثقافة ذكر المناقب تتراجع أمام نبش المثالب…. لماذا؟!!
تاريخ النشر: 12/02/12 | 1:42الذي أرويه لكم حدث قبل أكثر من عقد من الزمن كنت شاهدا عليه وسمعته بكلتا أذني ولا أكذبهما. حديث دار ما بين رئيس سلطة محلية انتخب حديثا وبين من جاء مهنئا مع المهنئين بالمنصب الجديد: قال الرئيس حديث العهد بالرئاسة: تسلمت مجلسا مفككا، مدينا، بل غارقا في الديون فيه البنية التحتية محطمة ومهشمة، التربية والتعليم على باب الله وكذلك الحال بالنسبة للصحة، باختصار كان الله في عوني وعون ائتلافي، فمن أين نبدأ؟ وكيف؟ لا أدري!! إنها مهمة شاقة وصعبة، أورثوني تركة هي أشبه بالمصيبة…. وهنا ينتهي حديث الرئيس الطازج… وكان بين المهنئين من لم يعجبه هذا الحديث وقد لاحظت ذلك من خلال النظر الى قسمات وجهه وحركات أصابع يديه وانبرى له قائلا: غريب أمرك أيها الرئيس،من كلامك هذا نفهم أن كل شيء في هذا البلد دون الصفر، ألم يترك الرئيس الذي سبقك وائتلافه أي عمل يستحق الذكر، كل شيء أسود قاتم حتى نقطة ضوء واحدة تشير إليها لم نجدها!!، لماذا لم تسمعنا ولو كلمة ثناء أو إطراء واحدة على الأقل!! ألم تشيد مدرسة في عهده! وماذا مع الطرق المعبدة والطرق الزراعية وتغيير شبكات المياه!! ألا تخاف الله…!! لماذا نكران الجميل!! يا حسرتي على مجتمعي الذي يفتش عن المثالب، المساوئ، النواقص ولو بمجهر ليبثها ويشهر بها ونادرا ما نذكر المناقب ولو كانت قليلة!! والسؤال: لماذا؟!
كان هذا قبل عقدين ونيف، ولبرائتي وحسن نيتي اعتقدت أن هذه الظاهرة قد اختفت من الوجود وولت إلى غير رجعة غير مأسوف عليها، ولكن وما أصعب كلمته هنا لا زالت الصورة وللأسف الشديد على حالها وكأن شيئا لم يتغير خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة، كل شيء تغير: وسائل الاتصال والمواصلات، أساليب وطرق التعليم، العادات والتقاليد، بعض أنظمة الحكم إلا من ندرة الإطراء وذكر المحاسن (وأنا أستبعد وأستثني في هذا السياق المجاملات المبالغ فيها ومسخ الجوخ فهما يتمتعان بموقع خاص ومميز عندما والحمد لله لا يحمد على مكروه سواه) أي أننا لا زلنا كما كنا، مكانك عد “لا راح عنا شر ولا اجتنا عافية” كما يقول مثلنا الشعبي والذي سمعته قبل عقدين ونيف قرأته قبل مدة قصيرة ضمن حديث صحفي في إحدى صحفنا العربية المحلية، يقول فيه رئيس السلطة المحلية الجديد والمنتخب أنه ورث عن سلفه ديونا طائلة بل وهائلة تقدر بعشرات ملايين الشواقل، ورث أرضا محروقة، جباية ضرائب هزيلة بل وضحلة، باختصار كل شيء محطم ومدمر وعليه أن يبدأ من الصفر، وعندما يعقب المراسل على موضوع الديون الهائلة فيسأله: أليس تراكم الديون يعني أن هنالك مشاريع أنجزت فالذي يعمل يستدين أما الذي لا يعمل فمن أين تأتيه الديون؟!
وكان الجواب حاضرا وسريعا وكأنه توقع مثل هذا السؤال: انه الفشل الإداري والتلاعب بأموال البلد وصرفها في طرق ملتوية، صرفت على الوظائف الكثيرة التي لا مبرر لها ولوجودها اللهم إلا من باب المحسوبية وارضاء رغبات ناخبيه ولاعتبارات حمائلية وعائلية كذلك ……
وجاء دور الرئيس السابق للرد فكان رده مقتضبا، مؤدبا، خاليا من التجريح أو القذف فيقول: ألا يخشى الله، ولماذا السكوت عن قول الحق ! أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس؟!!، وهل تغطى الشمس بغربال؟!! لماذا لم يذكر سامحه الله أي مشروع أو انجاز نفذ في عهد رئاستي ورئاسة من سبقني، بخل علينا،حتى بكلمة طيبة واحدة!! ألم ننجز أي عمل لا نريد الثناء والاطراء عليه بل ذكره ومجرد ذكره فقط؟!!
والحق يقال: إن ما تذمر منه هذا الرئيس السابق يعكس واقعا يعاني منه مجتمعنا العربي المحلي فثقافة الإطراء والثناء نادرة الوجود، ونبخل بها على بعضنا رغم زخم مفرداتها اللغوية،وأعني مفردات الاطراء ،وهي أقل حظا من ثقافة المثالب أي النبش والتفتيش عن المساوئ والنواقص..
ويبقى السؤال الكبير المحير…. لماذا وألف لماذا؟!!
تحياتي أستاذي العزيز حسني بيادسة .. مقالتك رائعة..هل تذكرني ؟،أنا تلميذك من مدرسة يمة
أرجو أن توصل سلامي للأستاذ حسين أيضا
عزيزي أبو إياد
أوافقك الرأي بضرورة التحلّي بالموضوعيّة والابتعاد عن أساليب التشهير أو
التعظيم التي لا تعتمد على الحقائق والمعطيات!
مشكلتنا أنّنا نعمّم ونجامل ولا نحلّل الأمور بدقّة وبرويّة!
مودّتي وتقديري
أبو سامي