زيارة وفد من شركات اقتصادية إسرائيلية لبلدة كفر قرع

تاريخ النشر: 15/02/12 | 7:09

 تم في الاسبوع الماضي استقبال وفد من مندوبين ومندوبات الشركات الاقتصادية الإسرائيلية وبنك ليئومي في قاعة مقهى حكاية في كفر قرع بُغية بحث السبل لللتوصل إلى معادلة لتدعيم تجنيد الأموال بهدف تعزيز المشاريع النسائية في القرية وتدعيم الجمعيات النسائية الجماهيرية في وادي عارة.

كان في استقبال الوفد كل من المحامي نزيه سليمان مصاروة رئيس مجلس كفر قرع المحلي، السيدة مها زحالقة مصالحة، مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية في مجلس كفر قرع المحلي والسيدة آمنة كناعنة، مديرة جمعية من أجلك.

افتتح اللقاء المحامي نزيه سليمان مصاروة ،رئيس مجلس كفر قرع المحلي والذي قدم للمشاركات والمشاركين في هذا اللقاء تطرقاً عاماً حول أهم التحديات التي تواجه السلطات المحلية العربية بشكل عام على منحى البنية التحتية والعمران والبناء، متطرقاً إلى الوضع الاقتصادي الاجتماعي الذي تعاني منه الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل، وانعدام مناطق التصنيع التي من المفروض أن تخلق فرص العمل لدى الخريجين الأكاديميين في القرية، وفي هذا السياق أكد السيد مصاروة إلى الازدياد المُشرف في نسبة الفتيات اللواتي يطرقن باب التعلم الأكاديمي قياساً بالرجال، إلا أن إمكانيات الانخراط في سوق العمل مُحبطة إلى حد بعيد ولا تعزز المعنويات مشيرا إلى حقيقة كون سلك التعليم والسلطة المحلية “المشغل الأكبر” في المجتمع العربي، مما يزيد العبء على الحكم المحلي والتوقعات والتطلعات منه. وعلى صعيد اجتماعي مجتمعي فقد تطرق رئيس المجلس المحلي إلى حالة النفور الاجتماعي النابعة عن عدم وجود النية للتعرف على المجتمع العربي من قبل المجتمع العبري كآلية لترسيخ الأفكار النمطية التقليدية التي تزيد الهوة الاجتماعية والتباعد الثقافي بين الشعبين، واختتم السيد مصاروة لقاءه بالترحيب بالمجموعة في كفر قرع متمنياً أن يفلح اللقاء بالتوصل إلى خلق مشاريع اقتصادية لجمهور النساء.

تجدر الإشارة إلى أن السيدة مها زحالقة مصالحة، مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية هي التي وجهت اللقاء الثقافي، وبدورها فقد قدمت للمشاركات والمشاركين الدكتورة تغريد يحيى – يونس على أنها تُعتبر قدوة في المجتمع العربي الفلسطيني بنجاحها البحثي والأكاديمي المشرف كمحاضرة في جامعة تل أبيب.

الدكتورة تغريد يحيى- يونس قدمت محاضرة بعنوان “”قضايا الجندر في المجتمع العربي-الفلسطيني في إسرائيل”، إذ استهلت محاضرتها بتعريف إجمالي لمصطلح الجندر (النوع الاجتماعي أو الجنوسة) حيث قالت: “إنه الإدراك الاجتماعي-الثقافي لكلّ من المرأة والرجل، وللأنوثة والرجولة والذي تنسب بموجبه مزايا اجتماعية ونفسية، معايير سلوكية، وظائف وأدوار مختلفة لكل منهما”. ثم أشارت إلى أبرز خصائصه كونه “مكتسبا من البيئة الاجتماعية، قابلا للتغيير بحكم الزمان والمكان، يشكل أساسا للتنظيم الاجتماعي، عاملا للتراتُبية والهرمية إذ عادة تمنح للرجال مكانة اجتماعية وقوة أكثر منهما للنساء”. واعتبرت الجندر “أداة تحليل لتوزيع الموارد المجتمعية، للعلاقات الاجتماعية ولتحديد مكانة النساء، في كلا الحيّزين العام والخاص (الأسرة)”.

وقد نوّهت الدكتورة يحيى-يونس إلى أنه “على غير الفكرة السائدة والتي تنسب الجندر والنظام الذكوري أو الأبوي للمجتمعات “التقليدية”، وتحديدا المجتمعات العربية، فإن الجندر والأبوية عاملان فاعلان في كافة المجتمعات الانسانية، بما فيها تلك الأكثر انفتاحاَ وتحررا. كل ما في الأمر أنهما يأتيان بصور وأشكال مختلفة وبحدة متباينة”.

وفي معرض تناولها لوضعيّة النساء العربيات-الفلسطينيات في البلاد شدّدت على “ضرورة أخذ السياق العيني الذي تعيشه النساء بالاعتبار والتعرض للظروف الاجتماعية-الثقافية-السياسية-الاقتصادية للأقلية العربية في إسرائيل والتي تنعكس على تجاربهن وفرصهن الحياتية”.

وذكرت الدكتورة تغريد أن هنالك “توجّهات ومعايير مختلفة لتقويم مكانة النساء في مجتمع ما”. بعدها أسترسلت في “تقويم مكانة النساء في السياق المذكور في المجالات الحياتية المختلفة: التعليم في مراحله المختلفة، سوق العمل، السياسة بمستوييها القطري والمحلي، القضاء، الإعلام، الدين، المجتمع المدني، الحركة النسوية، وبموجب مؤشرات معتمدة أخرى كمعدل سنوات التعليم، ومعدل سن الزواج، ومعدل الانجاب، وغيرها”، ذلك باعتمادها معطيات إحصائية محتلنة بكل مجال. كذلك وقفت على ظواهر العنف ضد النساء و”البطالة القسرية بين صفوف آلاف الأكاديميات”، على حد تعبيرها.

وفي تحليلها لوضعية النساء قيد البحث ركّزت د. تغريد يحيى- يونس قائلة: “إن التفسير الذي يُحيل مكانة النساء إلى ثقافة المجتمع بما فيها من عادات وتقاليد ومفاهيم وقيم وللدين، لهو تفسير جزئي في أحسن حال. ينبغي النظر إلى العوامل البنيوية الهيكلية والسياسية في سياق الأقلية العربية، والتفاعلات بينها وبين العوامل الثقافية، حيث تتكشف تأثيرات كل هذا في قراءات قضايا الجندر، للنساء كما للرجال، لتمكّن من فهم أشمل وأعمق لهذه القضايا. شحّ الموارد، تضييق الفرص وأقصاء الأقلية العربية عن مراكز القوة يلقي بظلاله سلبا على العلاقات الجندرية وعلى مكانة النساء حيث تتفاقم المنافسة على كل فتات لمورد مهما صغر شأنه، وكم بالحري إذا ما ارتفع شأنه، لتجنّد الأطر الانتمائية (العائلة انموذجا وبخاصة تلك ذات الصلة بمؤسسات الحكم المركزي) ولتجد النساء أنفسهن عادة الأقل حظا في الوصول إلى الموارد والأكثر تضررا جراء ذلك”.

وقد خلُصت الدكتورة تغريد يحيى- يونس إلى القول: “برغم الانجازات وارتفاع مؤشرات معينة لمكانة النساء العربيات في البلاد، تجدر الإشارة إلى نقطتين: الأولى أن التبايُن بينهن قائم تبعاَ للمنطقة الجغرافية (إسقاطات مشكلة القرى غير المعترف بها في منطقة النقب مثلا)، والطبقة الاجتماعية، والمحيط الأسري ، والثانية أن التغييب والاقصاء وتدنّي المكانة هي الصورة التي تفرض نفسها إجمالا، مقارنة مع النساء اليهوديات في إسرائيل والنساء في مجتمعات عربية مختلفة. من هنا، ضرورة عمل الجهات ذات الصّلة بكافة المستويات على التغيير والدفع نحو الأفضل”.

ومن الجدير بالذكر أن محاضرة الدكتورة يحيى-يونس تميزت بالإستنادات العلمية البحثية التي فنّدت الكثير من الادعاءات والأفكار الثقافية النمطية التقليدية التي ظهرت خلال أسئلة ونقاش عضوات وأعضاء المجموعة المشاركة، الذين استمعوا إلى طرح ثقافي مجتمعي متميز يضع النقاط على الحروف في كل ما يسمى “اضطهاد المرأة وعد استحقاقها للمكانة المرجوة في المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل”. وقد قوبلت المحاضرة بالشغف والإصغاء الكبيرين.

وبعد ذلك فقد قامت موجهة اللقاء السيدة زحالقة مصالحة بتقديم السيدة آمنة كناعنة مديرة جمعية “من أجلك” لأعضاء الوفد، مؤكدةً أن جمعية من أجلك تعتبر بيتاً دافئاً للكثير من ربات البيوت والنساء الطامحات بالتطوير الاقتصادي والإسهام في تمويل ميزانية البيت مشيرة إلى أن الجمهور الرئيس للجمعية هو النساء اللواتي يبحثن عن تحقيق ذاتهن بظل غياب خروجهن لسوق العمل، من جهتها سردت السيدة كناعنة للمشاركات والمشاركين قصة انخراطها في العمل الجماهيري التطوعي النسائي مُروراً بكل محطات حياتها منذ الدراسة الثانوية وحتى تأسيس جمعية “من أجلك” والمشاريع الاقتصادية النسائية التي ترعاها الجمعية التي تفعل اليوم قرابة إل 800 امرأة على حد تصريح مديرة الجمعية، وقد تطرقت السيدة كناعنة إلى مجمل التحديات الاجتماعية التي مرت بها والنقد الاجتماعي للأفكار الطلائعية اجتماعيا والتي كانت رائدة لها.

وفي نهاية اللقاء فقد شكر الوفد كل من المحامي نزيه سليمان مصاروة والدكتورة تغريد يحيى- يونس السيدة آمنة كناعنة والسيدة مها زحالقة مصالحة على توضيح الأفاق الإدراكية حول قضايا مجتمعية في المجتمع العربي عامة وعالم المرأة العربية الفلسطينية على وجه التحديد ، سعياً وراء وضع أجندة ومخطط لتدعيم الجمعيات العربية في كفر قرع والمنطقة.

وفي حديث لمراسلنا مع مديرة قسم الثقافة والتربية اللا منهجية، فقد أكدت لنا بأن المجلس المحلي سوف يسعى دائما بشتى السبل لإيجاد الفرص لتجنيد الأموال من اجل توسيع رقعة المشاريع الثقافية والمشاريع التي تهدف إلى تدعيم وتمكين المرأة ثقافيا واقتصادياً موجهة عميق الشكر لرئيس المجلس المحلي والدكتورة تغريد يحيى يونس والسيدة آمنة كناعنة على التطرق كل من زاويته للتصور المجتمعي للأقلية العربية الفلسطينية.

ثم توجه الوفد بعد ذلك إلى معرض ارابيسك للفنون التشكيلية الإسلامية والفنان محمد كلش للتعرف والاطلاع عن كثب على الأعمال الفنية الراقية التي تزين المعرض وتعكس جوانب حضارية في حضارة الإسلام العريقة.

‫4 تعليقات

  1. كل الاحترام لمنتدى حكايه لقد اصبح مركز لجميع الاجتماعات المهمه والقيمه في المنطقه الى الامام

  2. ومن أفضل من مها لتنسيق مثل هذه الأمسيات الثقافية وأجدر من د.تغريد لالقاء محاضرة:-)

  3. الدكتورة تغريد كانت معلمتي. عندها تعلمت حقيقة وبجد ليس فقط علم اجتماع للبجروت لكن أيضاَ كيف ندرس وكيف نفكر في ما نتعلم ومن حصصها أحببت اللغة العربية. اتمنى لها مزيدا من النجاح ولها مني الاحترام والوفاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة