الموضوعية في التعليق على القصائد د.سامي ادريس
تاريخ النشر: 14/02/12 | 1:05الموضوعية في التعليق على القصائد
والذاتية في الذائقة الأدبية
الشعراءُ أمراءُ الكلام يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم
أثارت القارئة ” أمل” موضوعاً غاية في الأهمية طالما انتظرنا أن يثيره أحد القراء، وهو موضوع التعليقات الذي كنا وما زلنا نصبو الى الارتقاء به شيئاً فشيئاً، حتى يصبح نموذجاً حضارياً يحتذى به.
الموضوعية وأقصد بها هنا التحيّز الى جانب القصيدة ونقدها سلباً وايجاباً، لا الى جانب كاتب القصيدة. فلا نبدي رأياً تتحكم فيه ميولنا وعواطفنا ورغباتنا، وارتباطاتنا الشخصية بالشاعر، ولكن تتصدى لنا مشاكل أخرى، فلكي نكون موضوعيين علينا جمع معلوماتنا المسبقة عن الشعر، وقد تكون غير كافية أو مغلوطة،وعندها يكون حكمنا مشوشاً، ومقارنتها بالقصيدة التي أمامنا دون تدخل منا ودون التأثر بالآراء المسبقة حولها، كأن ترى من سبقوك في التعليق يقولون إن القصيدة غاية في الروعة، وهي قصيدة ” رديئة بامتياز” فلا تكلف نفسك النظر فيها ولا تخاطب ضميرك ووجدانك ، ولا تحسب حساباً لمسؤولية الكلام ، فتقول أنت الآخر: يا لها من قصيدة رائعة، لقد أجدت ايها الشاعر او الشاعرة. ولا تكلف نفسك قول ما الذي أعجبك فيها.
ولذلك يبقى تعليقك يا أمل في محله وله وزنه من الصحة والواقعية، حيث من الملاحظ أن أغلب التعليقات هي مديح مفرط للقصيدة وإشادة بالشاعر وابداعه، وقد يكون هذا التعليق صحيحاً لبعض الشعراء، لكن المغالاة في ذلك تفقده المصداقية.
الى جمهور المعلقين : كيف يكون التعليق الصحيح
أقدّم لكم هنا بعض النصائح المتواضعة في كيفية التعليق الصحيح على القصائد ، لكم أن تأخذوا بها:
عندما نود ابداء رأينا بالقصيدة يجب علينا إعادة قراءة القصيدة أكثر من مرة، وعدم التسرع في الكتابة وعدم المغالاة في ما نكتبه، فالقارئ الصحيح يعيش القصيدة ويعيد تجربتها هو كما لو كان مكان الشاعر.
وعلينا أن نلتفت الى الحقائق التالية:
أن القصيدة عنصران مهمان هما : 1. الشكل: شكل القصيدة ومبناها وتسلسلها المنطقي، وايقاعها الموسيقي ، هل هي موزونة مقفاة أم هي قصيدة نثر: صحة الوزن والموسيقى الداخلية الخ…جماليات ومحسنات لفظية ، ودلالات الألفاظ والجمل المجازية، ومستوى الصياغة اللغوية والهفوات اللغوية التي وقعت في القصيدة.
2. المضمون: مضمون القصيدة: هل يوجد للقصيدة مضمون ورسالة معينة استطاعت ايصالها للقارئ، أم أنها كلام في كلام، قصيدة والسلام. هذا ووظيفة الشكل ايصال المضمون الى القارئ، فهل يوجد تلاحم وانسيابية بين الشكل والمضمون في القصيدة؟! فهناك قصائد ذات مضامين عالية يكون موضوعها على سبيل المثال، (القدس) ( الاسراء والمعراج) (فلسطين)
فيبدو المضمون مقنعاً لا أحد يجرؤ أن يقول عنه شيئاً، في حين لا يسعفه الشكل ولا يسانده فتكون القصيدة هزيلة أو ( رديئة بامتياز).
3. العاطفة الكامنة في القصيدة والحلاوة والعذوبة التي تشي بها القصيدة: هل هي مجرد نظم شاعر تعلم الأوزان ويكتب عليها، أم أنه مفعم بالأحاسيس التي وصلت الى القارئ فتفاعل معها. وقد قال أحمد شوقي بهذا الصدد:
والشعرُ ما لَمْ يكنْ ذكرى وعاطفةً / أو حكمةً فهْوَ تقطيعٌ وأوزانُ
4. الإضافة التجديدية التي أتت بها القصيدة، في الأسلوب والوزن والمضمون المبتكر.
5. المصداقية: فإذا كانت شخصية الشاعر وواقعه الذي يعيشه تتناقض مع ما يكتبه، كأن يكتب عن الفقر والفقراء وهو يعيش عيشة منعمة، أو يكتب عن فلسطين من أجل الخطابة فقط.
6. الشعر الحقيقي تحب أن تحفظه عن ظهر قلب، وأن تعود اليه وتستشهد به. فإذا سألتني ماذا أذكر من القصيدة، أو أي المعاني علق بذهني ، ولم استطع اجابتك فقل إنها تقع تحت التصنيف الذي تعلمناه اليوم: (قصيدة رديئة بامتياز).
الأمانة والعدل والمسؤولية
والحقيقة أنه ليس كل شخص يحق له ويستطيع كتابة نقد لقصيدة. أما التعليق وابداء الرأي، وهو ما نحن بصدده، فهو من حق كل قارئ. وهدفنا من هذه المقالة هو ضبط هذه التعليقات والارتقاء بها الى المستوى المرغوب.
أما النقد بالمعنى الأدبي فهو بالتأكيد ليس مجرد إبداء رأي فقط بل هو دراسة متأنية في النص وقراءة لما بين الأسطر والحروف وتحليل نفسي لحالة النص وايضا تحليل التركيب الفني واللغوي للنص وهذا لا يفقهه كل شخص.
لنتعامل مع القصيدة كأنها فتاة نحبها
يجب علينا التفكير والتفكر والتمعن والتريث قبل أن نتسرع في كتابة التعليق، الذي قد يضر بالشاعر قبل القارئ دون أن ندري.
لنتعامل مع القصيدة كأنها فتاة نحبها، ألا نتساءل ماهي الصفات التي جعلتك تحبها، وقد تجيبنا أحبها والسلام وهذا من حقك، ولكن الأمر يختلف بالنسبة للقصيدة فالقارئ يريد أن يعرف ويستفيد ويستمتع ويتعلم من متابعة التعليقات ولا يضيع وقته عبثاً وجزافاً فيما لا طائل منه. والقول إن الذائقة الأدبية تختلف من شخص لآخر هو قول له موقعة من الصحة والواقعية، فهذا شخص يحب الشقراوات، وآخر يحب السمر، وآخر القمحيات، وغيرهم يعشق العيون السود، في حين تجد غيره يميل الى لون البحر والسماء في العيون. وهكذا تجد من يحب الشعر الكلاسيكي العمودي الموزون والمقفى، وآخر يحب قصيدة الشعر الحر، وثالث يحب قصيدة النثر، وكلما زادت غموضاً وأغرقت في غيبياتها، كلما زاد حبه لها. وأعرف موقعاً لا ينشر الاّ هذا النوع من الشعر المغلق، ويبدو الشاعر فيلسوفاً ويبدو شعره قلقاً فلسفياً. ولو حاول ناقدٌ ما تحليل قصيدته لوقع في هاوية غائرة .
والحقيقة أن هذا الموضوع يتسع ويتفرع ليصل بنا الى حدود بعيدة، ولكن هدفنا هنا تنوير المعلقين ولفت نظرهم الى طريقة التعليق احتراماً للشعراء اولاً، واعتباراً لمن يقرؤون التعليقات في المقام الثاني.
أرجو أن أكون قد قدمت ما فيه الفائدة والمتعة والمؤآنسة، وللحديث بقية تأتي.
عزيزي الدكتور سامي ادريس
احييك من اعماق قلبي على ما طرحته بخصوص التعليقات التي في غالبيتها اطراء ومديح ، واوافقك الرأي في كل كلمة قلتها . لك محبتي وتقديري وتمنياتي لك بالصحة والعطاء الدائم .
كن جميلا ترى الوجود جميلا … أحييك استاذي سامي ادريس على كل منا تكتبه من مواضيع هادفه وبنائه جدا. شكرا جزيلا
تَحيّاتي الورديَة لكَ أستاذي الفاضل
وجَمّل الله أيامكَ بالمَحبةِ والعطاء
ان كُل المواضيع التي تَطرحها هادفة وراقية..
أن الموضوعية في التعقيب تستوجب علينا أن نقوم بدراسة القصيدة ونقوم بقرائتها مرات عِده كي نستطيع فهمها والوصل الى كوامن الكلمة والى اختلاجات الشاعر..
شكراً لكلماتكَ التي تفوح بشذا الياسمين
تقبل مَودتي وتَقديري
د. سامي إإدريس , لقد قدمت لنا ما فيه الفائدة والمتعة والمؤانسة بشكل لم نشهد له من قبل مثيلا , فكل نصائحك ترتدي لباسا جميلا , وأنا شخصيا بشوق دائم وبانتظار مضنٍ لكلماتك الحكيمة , ففي كل حرف أجد حلاوة , وفي كل كلمة طلاوة , وفي كل جملة جدوى , مضمونا وفحوى , وهذا ما أبحث عنه وأهوى أدامك الله للعلا رسولا وزادك عمرا طويلا .
استاذي الفاضل..حياك الباري وجمل ايامك بالسعادة والعطاء الكريم..
مقالتك جوهرية النصائح..علينا العمل والتعليق بموجبها..جدير بنا ان نتالق بكل
تصرفاتنا وبصورة ايجابية..
النقد الموضوعي البناء وسيلة واسلوب مهم لنجاعة العمل وتالقه بصورة جميلة..
التعليق يجب ان يكون بعد دراسة عميقة للقصيدة وفهم فحواها..
استاذي العزيز..لك في قلوبنا كل الحب والتقدير..بوركت وجزاك الله كل الخيرات..
اتمنى لك دوام الصحة والعافية..ودوام العطاء الكريم..
هكذا نريد من هذا المنبر أن يكون عافاك د.سامي
أنتم النخبة، فبارك الله بكم. لقد آن الأوان لنضع الخطوط العريضة لتكون تعليقاتنا راقية، يستفيد منها القارئ ويستمتع وتضيف للقصيدة أبعاداً جديدة لم يهتدِ اليها القارئ
فلنعمل يداً بيد. ليس المهم عدد المعلقين على القصيدة، وكلهم يردد نفس المقولة دون أن يشير الى الذي يجعلها رائعة في نظره
ولنتعلم تقبُّل النقد البناء بصدر رحب. وتقبل التصحيح العلمي الصرف حين وقوع أخطاء سهواً.
هناك ملاحظة أود أن أقولها، فرحمة بالقراء ورحمة بالشعراء ن فلا أرى لزاماً أو لزوماً على الشاعر أن يرد على كل معلق على حدة زيادةً في الاحترام والتبجيل، وأرى أن يكتفي بشكر الجميع بشكل عام فهذا في نظري أرقى.
إلا في حالة أراد أن يرد على المعلق في نقد بناء، أو تصحيح خطأ وقع سهواً
أو يريد قول شيْ جديد لم يقله في المقالة أو القصيدة، وفي حالات خاصة أخرى
وكلكم ذوق.
وانت كلك ذوق استاذي لك تحياتي على هذه النصائح البناءه واشكرك من القلب