هويتي في كتابي النثرية
تاريخ النشر: 25/06/14 | 8:44نشرت قبلاً “الهوية الفلسطينية في شعري”، وهي مادة مقتطفة من “أقواس من سيرتي الذاتية”، واليوم أعيد نشر ” هويتي في كتابتي النثريــة”،(أقواس من سيرتي الذاتية. ط2. طولكرم: مطبعة ابن خلدون- 2011، ص 73- 77.)
حفزني على نشر هذا النص عن الانتماء – في حينه- طلب المرحوم عزت الغزاوي- رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين- فقد كان من المقرر قبل رحيله أن يجعله مادة في دراسته التي ستصدر في الإنجليزية عن”الهوية في كتابات أدبائنا”.
تخاطبني قارئتي السيدة سلمى زيدان في تعليقاتها “وطن”، فهل أستحق هذا اللقب؟
أترك ذلك لكم، ويشرفني أن أحظى عن جدارة بأي اسم يمتّ له.
**********************
هويتي في كتابي النثرية:
في القصة:
******
ثمة قصص تدل على الهوية التي يحاول الأعداء- أعني المتنكرين لحقي- طمسها كقصتي التي عبرت فيها عنها- ” لماذا شطبوا اسمي” (أمام المِرآة وقصص أخرى، ص 45).
أما قصه” حجر –علم” فهي تؤكد بفنية أنْ لا بد من قيام الدولة الفلسطينية (ص 7)…. بينما تـُظهر قصة (أين ولدي) واجب الذود عن الوطن الفلسطيني (ص 101).
وظلت القصة-” أمام المرآة” تواصلاً عميقـًا مع غسان كنفاني الذي صرعته يد الغدر وهو يلهج باسم وطنه (ص39)، وثمة عدد من القصص القصيرة جدًا تحكي حكاية الحال:”تيمائيل”،”حجر”،”حيفا”،”وطن”، يافا، وغيرها. (مرايا وحكايا، ص 34،73، 35، 20، 64).
****
أما في المقالات فقد تحدثت عن ضرورة الأغنية الجماعية الفلسطينية (حديث ذو شجون، ص3)، وعن ضرورة حفظ آثارنا الفلسطينية (ن. م، ص 21)، وعن أن الوطنية الحقة هي المعاملة (ص7).
وفي كتابي (أدبيات – مواقف نقدية) تحدثت عن ضرورة التعاون مع الأصوات اليهودية النقية التي تدعم قضيتنا حقًا وموقفًا (ص 88)، وكيف نعد أنثولوجيا الشعر الفلسطيني (ص 131)، و عن معنى أسماء القرى والمدن الفلسطينية (ص150).
كما ألفت كتابًا يتناول دراسات وقراءات في الشعر الفلسطيني (قصيدة وشاعر – الجزء الأول) يظهر فيه هذا التعلق بكل جميل في كتابتنا من إبداعنا نحن.
****
ولي عشرات الدراسات والأبحاث التي تتركز على الشعر الفلسطيني، وكذلك على القصة والرواية والبحث. ففي كتابي” هَدْي النجمة” كانت هناك دراسات أخرى في الشعر الفلسطيني نحو” شاهد على حصاد الجماجم” – عن مجزرة كفر قاسم، و” صورة اليهودي في الشعر الفلسطيني”، و” القدس في الشعر الفلسطيني الحديث”، (وكان هذا المقال قد نشر في كتيب منفرد، ثم طبعته وزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله (سنة 2010) مضافًا إليه أنتولوجيا بالشعر الفلسطيني- قصيدة القدس). وكنت قد أصدرت أولاً- عرض ونقد في الشعر المحلي 1976، و الرؤيا والإشعاع – دراسات في الشعر الفلسطيني – 1984 م.
فيما بعد أصدرت نبض المحار (2009)، وفيه دراسات عن الأدب الفلسطيني، كما أصدرت كتاب محمود درويش- قراءات في شعره (2010).
***
وإذا عدت إلى الشعر فقد نشرت قصيدتي” شوق الأرض دليل”. (الاتحاد 13 /4/2001) وفيها تلخيص للتجربة الانتمائية:
“ أهلي في الجرح الدامي النغّار
يا ويلي…
ويُلاحظ هذا الضمير (ياء المتكلم) الذي يقول لنا الكثير انتماء وعاطفة. ولا يستطيع القارئ – أي قارئ – أن يسلخ هذه القصيدة عن الواقع الفلسطيني والانتماء العميق للقضية.
وتسألني: هل الأديب ملتحم بالمجتمع؟
– وإلا فما معنى كتابته؟
ولمن؟
و هل هو مجرد نفح أو عبق أو إفراز يصدر منه؟
هل الإبداع لقوقعة الذات؟
لفظة” الأدب” في بداياتها مرتبطة بالمجتمع، سواء بمعنى الطعام، أم السلوك، أم الثقافة العامة، فما معنى أن نفصل بين الأديب وبين كيانه وكينونته؟!
الأديب مسؤول، وعليه تبعة القول والكلام حتى وسط الإعصار.
أقول ذلك موقنًا – مع ذلك – أنه لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فلا أطالب أديبًا أن يتصدى لنظام متغطرس بصورة مباشرة، فيقبع في غياهب السجون، ولا أطالب أديبًا أن يأتي إلى (التابوهات) أو المحظورات:السياسة، الدين، الجنس، فيتحدى بدون أن يتروى، ويطرح أفكارًا تنبو عن السائد المألوف وبصورة حادة.
فالرأي الأمثل أن يمسك الأديب العصا من وسطها، ويتصرف تبعًا لمقتضى الحال، فالمهم أن يكون في الصورةـ لا أن يصدق عليه القول:” لا في العير ولا في النفير”.
على المستوى الشخصي أصدرت كتابًا نثريًا هو”حديث ذو شجون – مقالات اجتأدبية”، وبالطبع فقد نحتّ (اجتأدبية) من كلمتين:اجتماعية + أدبية، فكتبت عن ازدواجية السلوك، ومعنى الوطنية، وعن المعارك العائلية والقبلية، وعن القمع وقتل الأفكار، عن الرياضة وهوسها، وعن المتسلقين والمنتفخين، وكيف الحوار، وعن الشهادات”الأكاديمية” الكاذبة التي يشترونها وعن وعن….
فهذا الكتاب جاء ليؤكد أن الكتابة يجب أن تتلمس قضايانا اليومية.
أما في الشعر فقد كتبت من القصائد الاجتماعية” باسم الشرف” – عن جريمة قتل المرأة باسم الشرف، ويستطيع المعنيّ أن يجدها في الشبكة، أو في أعمالي الشعرية. وكتبت عن بعض شباب اليوم وسلوكياتهم المرفوضة- “مأهاة من جيل اليوم”، وكتبت”جاهلية” عن الروح الطائفية / القبلية / العائلية التي تسود مجتمعنا، وهجوت مظاهر مؤذية منفرة.
ويقيني أن كتاباتي السياسية الوطنية كانت تعبيرًا عن مشاعري ومشاعر أبناء مجتمعي.
ويحضرني قول شاعرنا محمود درويش في هذا السياق (أقصد محمود في بداياته لا في خواتيمه):
قصائدنا بلا لون ولا طعم ولا صوت
إذا لم تحمل المصباح من بيت إلى بيت
إذا لم يفهم البسطا معانيها
فأولى أن نذريها
ونخلد نحن للصمت
وأحب أن أعود إلى الصفحة الأولى في موقعي على الشبكة فهناك قدمت مبررًا لكتابتي في”جواز مرور”:
“أكتب لأنني مضطر أن أقدم الثمرات وكأننيشجرة
قد تكون عذبة شهية، وقد لا تكون،
ولكني أحس أن هناك من يسعد بها،
يتلقفها/ يتغذى منها/ يستمرئها/ يلقي بنواتها التي قد تطلع شجرةأخرى.
كتاباتي قد لا تأتي طواعية وترفاً، بل تأتي تعبيرًا عن قلق ينتابني،
أستحث التغيير نحو الأفضل والأمثل.
أبحث عن زمن ضائع قد أستعيده بصورة جديدة،
أو أناغي حاضرًا مؤلما،
أو مسعدًا أخاف أن يمضي دون ذكر،
أو أنتظر مستقبلأ.
أعيد تركيب الأشياء والعناصركطفل،
وأتجشم مسؤوليتها كرجل،
وأنقد طبيعتها كشيخ.
أكتب حتى لا أموت!!!
من هنا تجد هذا التلاحم مع المجتمع، وتجد هذا الاهتمام بهم.
قلت في مناضل صديق يجيب عن التساؤل:
إني سمعتك عندما صمتت رجال
نمرًا وكنت الصوت لا تخشى الدجل
حييتُ فيك منافحًا أو ذائدا
عنا، وهذا الشوك وخز في المقل
فتحيله شوقًا إلى ضوء الأمل.
أخلص إلى القول: الأديب من المجتمع، وإلى المجتمع يعود.
ب.فاروق مواسي