حوار مع الشاعرة الفلسطينية معالي مصاروة
تاريخ النشر: 26/06/14 | 18:33معالي مصاروة شاعرة فلسطينية واعدة لها حضورها في المشهد الشعري الشبابي الراهن ، لديها خطابها الشعري الخاص ولونها المميز ، تجمع بين حروف قصائدها قطوفاً دانية من الرومانسية ، والواقعية ، والوطنية ، والحلم الوردي ، والدفء الإنساني ، والرقة الشعرية ، وصدق العاطفة ، وجرأة البوح . كان لي معها هذا الحوار :
• من هي معالي مصاروة ؟
هي أغنية المسافر من عنق النقب إلى ساحل الجليل .. ابنة قرية عارة في المثلث الشمالي ، من مواليد العام 1984، أنهيت دراستي الثانوية في قرية عرعرة سنة 2002 ، ثم التحقت بأكاديمية القاسمي في باقة الغربية وحصلت على البكالوريوس في الطفولة المبكرة واللغة العربية في العام 2007 ، معلمة وأعشق الروح المعلقة بين الكتاب والتعليم ،
تزوجت في قرية المكر قضاء عكا لأتمم مسيرة النجاح التي لازمتني منذ بدأت .
• ماذا يعني لك الشعر ؟
الشعر مرآة الروح التي تعكس ما يحوم في شغاف الجسد على ألسنة السطور ورسالة العاشق للوطن والأرض ، وتقديس للذات ، وليل العاشق الهارب من منفى الواقع إلى آفاق البلاغة والشموخ ، وهو قافية الحرية وفصاحة المفقود والموجود .
• حدثينا عن بداياتك الشعرية ، بمن تأثرت ، وما هي أهم المؤثرات في تكوين اتجاهاتك الأدبية ؟
بدأت بكتابة المواضيع الإنشائية بالصف الرابع الابتدائي ، وفي العام 1995 نشر لي موضوع “الربيع” في كتاب “نفح الطيب من إبداع الصغير الأديب” . كتبت الشعر في المرحلة الثانوية ولا زلت حتى الآن ، تأثرت كثيراً بقصائد نزار قباني وكم أحببت العوم بما يخفيه خلف السطور ، وقرأت كثيراً لمحمد الماغوط ، محمود درويش ، سميح القاسم ، المتنبي ، سحر خليفة ، حنا مينه ، احمد فؤاد نجم والعديد ، حيث لامست بكل شاعر منهم أسلوبه وكلماته التي تميزه وتعطي رونقاً لمعانيه المتراقصة على درب الأبد .
• من هو شاعرك المفضل عربياً وفلسطينياً ؟
تأثرت وبشدة بالشاعر والكاتب السوري محمد الماغوط الذي كتب الحياة والمقاومة ، كتب الوطن والوطن ، كتب كيف نكون ومتى !! . تأثرت بلغته وسياسته التي غلفت الكثير من أعماله . تأثرت به حين قال : مراقبة الظالم من وراء الزجاج شيء مضحك .. كالأطرش الذي يسمع موسيقى .
– لا تنحني لأحد مهما كان الأمر ضرورياً ، فقد لا تواتيك الفرصة لتنتصب مرة أخرى !
– هنا في منتصف الجبين .. حيث مئات الكلمات تختضر .. أريد رصاصة الخلاص !
• ما هي القصيدة التي لم تكتبها معالي مصاروة بعد ؟
معالي لا زالت الطفلة المدللة في حضن وطنها الأبي ، ستكبر ويكبر معها مجاز القلم وبلاغة الحرية ، فالكلمات التي لم تكتب بعد لا زالت قيد الحاضر التي ستعيشه بالأيام الآتية .
• في أي اتجاه تصب مواضيع ومضامين قصائدك ؟
قصائدي وطن ..!!
عليلة أنا بين نبضي والأبجدية فقد أجبرتني اللغة على ضم قصائدي دون غضب لا احسبها قصيدة وطن ، كيف لا وهو الوطن الغريب لا يد تساعده ، ولا قلب يواسي الجرح في شرايينه . ومن فردوس اللغة أقطف مع كل حرف رحيق فجر مغرد بالحرية سيكون بيوم ما .
• إلى أي لون شعري تميل قصيدتك ، ومن الأقرب إليك العمودية أم التفعيلة أم قصيدة النثر ؟
أحب العبث بشيب الأبجدية ونسج سيرة جدي وشعبي بلا حد ولا قانون ، أحب الشعر النثري كثيراً ، وأكتب الصور الشعرية العميقة والمتميزة كذلك .. أكتب القصيدة العمودية وأصرخ بصوت الوطن مع كل قافية وقافية .
• هل للشعر أوقات ومناسبات معينة عندك ، أم أن سلطان الشعر يأتيك في كل زمان ومكان ؟
لا زمان ولا توقيت يحد من بوح الشاعر والكاتب حين شعوره وحاجته للكتابة ، قلمي ودفتري معي طوال الوقت بكل زمان ومكلان ، لأن الكتابة قد تستوقفني بعدة أماكن ومناسبات ، ولا أضع حداً بيني وقلمي لأنه صديق الروح وملجأي الوحيد ، ووحده من يترجم لغة الصمت بشفاهي .
• السياسة والانتفاضات الشعبية ، ما تأثيرها على إبداعك الشعري ؟
لا أدب ولا شعر بلا سياسة وشعب ومعاناة ، الوضع السياسي له تأثير كبير على نبض الحرف في كل قصيدة وقصيدة ، فالمشهد السياسي وثورة الشعوب لا تعيب عن عين القلم الحر والذي يتوق لارتشاف رحيق الحرية . كلما كثرت آفات الشعوب وعلا صوت ثورتهم كما ثار القلم وغضب أكثر وأكثر لتكون كلماته كالبركان ليزلزل السطر وتكون رسالته أعمق .
• ماذا تعني هذه المفردات لك في قصائدك : الحب ، الحزن ، الغربة ، الأمل ، الوطن ، الحلم ، الحياة ، المستقبل ، فلسطين ؟
هذه المفردات معناها “معالي” لأنني أرى بذاتي كل هذه المعاني ، فهذه الكلمات إن لم أكتبها تكتبني وحدها لأنها النبض الذي تعيش فيه كل قصائدي !! . كتبت مرة “لا أنا دونك فلسطين ” وكل الكلمات أعلاه منها عانتها فلسطين والبعض الآخر نتوق له لتكون فلسطين حرة .
• أين موقع المرأة في خريطة الإبداع الشعري الفلسطيني ؟
لقد جاءت صورة المرأة في الشعر العربي الفلسطيني لتفصح عن شوقها وتوقها إلى الحرية والتحرر من الآفات الاجتماعية والتقليدية ، وكذلك لتتحرر من الصورة التي التصقت فيها في الشعر العربي القديم وفي العصور والأزمنة السابقة . صوت الأنثى يجب أن يصل .
• لم تقرأ معالي مصاروة ؟ وماذا تقرأ ؟ وكيف ترين الوضع القرائي في هذه الأيام ؟
أحب القراءة بشكل كبير ولي معها ذكريات ،أحبها بجنون ومن غيرها يحملني إلى ما بعد البعد . أقرأ الأدب والسياسة ، والفن والتاريخ ، لا تخلو حقائبي وسيارتي من الكتب ، لا أجد وقتاً ضائعاً لأنني أقرأ باستمرار ، ولا ننسى أننا نستطيع أن نحارب بالكتاب والشعوب تتطور وتتقدم بالثقافة ، والقراءة تمنحنا الكثير من المعرفة والنمو الفكري والأدبي . استمتعت كثيراً بالعيش في أكناف ما كتبه الماغوط ، محمود درويش ، إبراهيم طوقان ، توفيق زياد ، راشد حسين ، المتنبي والعديد ، ووضع القراءة بهذه الأيام يعاني وبشدة وخاصة بعد تطور التكنولوجيا وتعدد الآليات والأجهزة لكن لا أظن أنه يوجد متعة أكبر ولذة تساوي كتاب ..!!
• ما رأيك بالحركة النقدية في بلادنا ، ومن يعجبك من نقاد الشعر والأدب ؟
هناك حركة نقدية رائعة في بلادنا ، حيث يتناولون كل حرف وإلى ماذا يرمز وإلى كل الفحوى بكل ديوان وقصيدة . والناقد الناجح بحاجة إلى كفاءة ذاتية ورصيد من المعرفة والثقافة العامة في كل علم ، وينظر للنص كنص دون تجريح ودون دمج العاطفة والأمور الشخصية . أومن وبشدة بالناقد محمد علي سعيد (طمرة) ، وتحسين يقين (رام اللـه ) ، وعمر عتيق (جنين) .
• هل لك دواوين شعرية مطبوعة ، وما هي ؟ وما هو مشروعك القادم ؟
لي طفل مدلل رأى النور والضياء في نوفمبر 2011 ، وعدته أن لا يبقى وحيداً وسينجب له قلمي العديد من الأخوة .
“خطوات أنثى” بعد إصداره شاركت بالعديد من الندوات والأمسيات الشعرية ، وأجريت معي الكثير من المقابلات الصحفية والإذاعية ، وكذلك حظي بالكثير من النقد ، ومشروعي القادم سيكون في العام المقبل 2015 بإذن اللـه ، وسيكون فيه قصائد نثرية وموزونة تنشد لحرية الوطن .
• ما هي أحلامك على الصعيد الشخصي والمستوى الأدبي ؟
شخصياً احلم ، وبإذن اللـه سأبدأ في التعليم لنيل الماجستير واطلب من اللـه التوفيق . أما على الصعيد الأدبي أومن أن لا شيء بعيد ، لذلك احلم أن اكتب قصيدة على تلال أريحا ورام اللـه وجنين ونابلس بلا حاجز ولا شرطي . يكفيني أملاً أن أرى وطني خالياً من القيود .
• هل لك طقوس معينة في الكتابة الشعرية ؟
ربما يثيرني البحر وتختالني أمواج الشوق لأكتب ، وكذلك تستوقفني صرخة شهيد ودعاء منسي بأرض كنعان لأكتب واهمس ما يدور بخلجات فؤادي .الليل صديق العمر والوسادة المحشوة بألف ذكرى وموقف تحفزني للكتابة ، كما يزورني الحزن كثيراً وربما يغيب عني طويلاً لكني أتوق له أحياناً لأكتب الكثير .
• ماذا تقولين عن الشعراء التالية أسماؤهم : محمود درويش ، سميح القاسم ، راشد حسين ، توفيق زياد ، نزار قباني ، فدوى طوقان ، محمد مهدي الجواهري ، بدر شاكر السياب ، مظفر النواب ؟
محمود درويش : هو العشق الموثوق في سيمفونية الوطن حين قال
**لا ليل يكفينا لنحلم مرتين .
** إن الموت يعشق فجأة مثلي ، وإن الموت مثلي لا يحب الانتظار .
سميح القاسم : هو الثورة الحرة في جوف الأرض والوطن ، وهو شاعر الثورة والمقومة ، ومن قصائده التي أحبها :
تقدموا
تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل أرض تحتكم جهنم
تقدموا
راشد حسين : ابن مثلثنا الصامد ، رمز الثورة والمقاومة ، طالته يد الغدر وهو مغترب عن أرضه لكن صوته لا زال يصدح بكل أرجاء الوطن ، ومن قصائده الرائعة :
مات غريباً
الشمس لم تجزع لمصرعه ولا
غاب القمر
والأرض لا هي زلزلت أسفاً ولا
نزل المطر
والدمع راود مقلتي حيناً وعاد
فما انهمر
لكن بكي قلبي لمصرعه احسبه
انفطر
توفيق زياد: هو المقاومة ، هو نبض فلسطين الذي لا زال صوته مدوياً في أثير الوطن ولا زلنا نردد وسنظل نردد قصيدته :
أناديكم
اشد على أياديكم
أبوس الأرض تحت نعالكم
وأقول : أفديكم
نزار قباني : هو لغة الحب على لسان الرجل والمرأة ، وهو عمق النشوة المغتربة وذلك البوح الذي لا زال عالقاً في النبض ، ولا نزال نردد قصيدته المغلفة بالحب
أحبك جداً
وأعرف أن الطريق إلى
المستحيل طويل
وأعرف أنك ست النساء
وليس لدي بديل
واعرف أن زمان الحنين انتهى
ومات الكلام الجميل
فدوى طوقان : هي ابنة فلسطين الحرة ، قصائدها تعدت الجغرافيا والحدود ، كتبت بجرح شعبها ونبض حبها وانتمائها للوطن .. خنساء فلسطين ، شاعرة فلسطين التي ناضلت بكلمتها من اجل فلسطين
أنشودة الحب
كان وراء البنت الطفلة
عشرة أعوام
حين دعته بصوت مخنوق بالدمع :
حنانك خذني
كن لي الأب
كن لي الأم
وكن لي الأهل
وحدي أنا
محمد مهدي الجواهري : هو نبض العراق وأساس البلاغة والحضارة ، قيل عنه : “لم يأت بعد المتنبي شاعر كالجواهري ” ، وفي شوقه إلى دجلة قال :
حييت سفحك عن بعد فحييني
*** يا دجلة الخير ، أم البساتين
حييت سفحك ظمآناً ألوذ به
*** لوذ الحمائم بين الماء والطين
بدر شاكر السياّب : من مواقفه الأدبية الرائعة يقف السيّاب من الشعر الحديث موقف الثائر الذي يعمل على قلب الأوضاع الشعرية ، ونقل الشعر من ذهنية التقليد وتقديس الأنظمة القديمة إلى ذهنية الحياة الجديدة التي تنطق بلغة حيدة ، وطريقة جديدة ، وتعبّر عن حقائق جديدة .
مظفر النواب : شاعر العراق والثورات والشجن ، كتب الكثير للقضية الفلسطينية حين قال : أن من يغلقون السجون على الناس لا يفتحون على القدس أبوابها .
• ماذا تختارين من قصائدك ؟
القصيدة الأولى” وإني أحبك ”
بِحضرةِ زَمانٍ به هذا وذاك
وعاصفهٍ تَراكمت اللُغاتُ بها
وفوضَى الثِواءِ على راحتَيك
قليلاً وأصحُو
فأدنُو بِشوقٍ إليك
وآتِي بِألفِ ربِيعٍ
وألفِ إنتماء
ليُورقَ حُلمِي
بعُروقِ كَفيكَ وقلبِي
يا ابن روحي
نَضجت ملامحكَ الشقيةُ فِي دمِي
شهيةً غَضبى
تُشرقُ فَوقَ ضبابِ الغُزاة
وتُردِي الظلامَ الضلِيل
وإني أحبكَ
منذُ اللقاءِ السَنِيِّ
على خاصِرةِ التكوِين
سأداوِي سُعالَ الذِكريات
برايةٍ عليها شَهدُكَ شهادتُكَ
وحبرُ حنِينِي
لينبضَ الحبُ على
قارعةِ الرُجوع
أُصلِي وأجثو فوقَ ثراكَ
كُلُومِي كَلامِي كمالِي أنتَ
نارِي نهارِي ونورِي أنتَ
قُبلتِي مُقلتِي وقِبلتِي أنتَ
وأنا المُتمردةُ المُشاكسةُ العزُوف
كيفَ لا أُحبكَ ياوطن
أجرى الحوار – شاكر فريد حسن
عهدتك هكذا وستظلين هكذا تنطقين اجمل الكلمات وتلفظين اجمل التعابير وتكتبين احلى الاشعار… هذه انت معالي الشاعره معالي المبدعه معالي الحالمه… بالنجاح والتوفيق والى الامام ان شاء الله.
ابنة
ممتنون لطيب الكلم. كل الشكر شاعرتنا.