الإجازة..أهي صمامُ أمانٍ لـ"أعصاب الموظف" أم ترفٌ؟
تاريخ النشر: 18/02/12 | 21:33في قديم الزمان يحكى أنه كان هناك حطابان اثنان، يعملان طوال النهار، أحدهما لا يأخذ فترة راحة أبدًا، والثاني كل ساعة يأخذ لنفسه وقتًا من الراحة، وفي نهاية اليوم يكون إنتاج صاحب وقت الراحة أكثر بكثير من إنتاج الشخص الذي واصل العمل، فما كان منه إلا أن يستفسر عن سبب قلة إنتاجه، فأخبره الحطّاب الآخر أنه كلما حصل على راحة كان يشحذ فأسه!
العِبرة المُستقاة من القصة عزيزي القارئ تُظهر أن الموظف يحتاج إلى فترات راحة خلال أداء العمل لتكون دافعًا للتطوير وزيادة الإنتاج، وبطبيعة الحال فـ”الراحة المقصودة” هنا هي أيام الإجازة التي قد يتنازع الموظف بسببها مع الإدارة لعله يظفر بها، لكن ضغوط العمل تدفعه إلى أخذها بشكلٍ متقطع بحيث لا يشعر بها ولا تضيف له شيئًا.
يوضح الخبراء بالتنمية البشرية أن بعض أنواع العمل قد لا يتمكن الشخص فيها من نيل إجازة بسبب طبيعة العمل فيها كالقطاع الصحي والتعليمي، ولكن بقليل من التنظيم الإداري يغدو الشخص قادرًا على أخذ إجازته. فالإجازة تعمل على إعادة نشاط الموظف فيعود إلى عمله بتفكير جديد وعقلية جديدة، حيث أن الراحة تكون قادرة على تجديد خلايا الدماغ وتعطي انعكاسًا صحيًا ونفسيًا جيدًا للشخص. لذا خلال ساعات العمل تحدد ساعة للاستراحة، وفي الأسبوع يوم راحة، وكل عدة أشهر أيام للراحة، و من حق الشخص أن تكون لديه الفرصة لمتابعة شؤون حياته بخلاف العمل كمعرفة أخبار أسرته وأقاربه، والقدرة على إنجاز معاملاته الحياتية.
ويبين الخبراء أن الإجازة تعمل على إخراج الموظف من جو العمل “الروتيني”، “فإذا ما بقي مستمرًا على ذات الوتيرة لوقت طويل دون راحة قد يختنق ويقل إنتاجه، وينخفض معدل الإبداع لديه.فالموظف غالبًا ما يحتاج خلال أيام العمل الرسمي أن يقوم بإنجاز بعض المعاملات الخاصة في أماكن أخرى. لذا لابد من وجود حد أدنى من الأذونات الخاصة التي لا تشكل عائقًا أمام مسيرة العمل ولا تحتسب من إجازات الموظف السنوية، لتسهيل أموره الشخصية وفق نظام واضح.
ومهم جدا ان ترتب الإدارة وضعها ليستطيع الموظف أخذ إجازته دون أي معاناة وتوفير البديل المناسب حتى لا تتضرر مسيرة العمل ولا يفقد الموظف إجازته هباءً، مع ان معظم الأنظمة الإدارية لا تأخذ في الحسبان الجانب الاجتماعي أو الإنساني، وإنما تتعامل مع الموظف باعتباره آلة فقط.لكن إذا ما أرادت الإدارة أن يستمر إنتاج الموظف لديها ويزداد إبداعه فعليها أن توقف تعاملها مع القوانين بجمود، فالإنسان محور العملية الإنتاجية كلها، وفي كثير من الأحيان تلاحق اتصالات العمل الشخص خلال إجازته لعدم تنسيق الإدارة وتوفير البديل المناسب. فالشخص بطبيعة الحال يحتاج للراحة، بهدف تأدية عمله على أكمل وجه وتحقيق نسبة أداء إنتاجي أمثل، دون أن تتأثر مسيرة العمل بشكل مضر.
وتقول احدى خبيرات التنمية البشرية “ان الإجازة تمنح المقدرة على التمتع بصحة نفسية عالية، والتعامل بإيجابية مع الآخرين بعيدًا عن الضغوط النفسية الناتجة عن العمل وآثاره”.وتبين أن عديداً من الدول تخصص يومين للإجازة في الأسبوع حتى تكون فرصة الراحة للموظف أكبر، خصوصًا لدى المرأة العاملة التي تعتني ببيتها وبالتالي لا يكفيها يوم راحة واحد في الأسبوع فقط.وتنصح المؤسسات بأن تضع في حسبانها أن يتم تحديد كل مدة عددًا من أيام الإجازة من أجل التخطيط لحياته ولتنظيم أموره.
تقرير – أسماء صرصور