البغدادي يضع المعارضة السورية امام اربعة خيارات احلاها علقم
تاريخ النشر: 04/07/14 | 10:41تهديد 11 مجموعة مقاتلة في شمال سورية وشرقها الاربعاء بالقاء السلاح وسحب مقاتليها “ما لم تقم المعارضة السورية الممثلة في الائتلاف الوطني بتزويدها بالاسلحة خلال اسبوع لمواجهة هجوم تنظيم الدولة الاسلامية الجهادي يكشف عن اختلاط الاوراق وحالة الارتباك التي تعيشها هذه المعارضة هذه الايام لمصلحة تقدم النظام السوري وتعزز مواقفه، وهو النظام الذي جاءت هذه المعارضة لاسقاطه.
المجموعات المقاتلة هذه، وحسب ما جاء في بيان رسمي صدر عنها، تتحرك في شريط يمتد من حلب حتى دير الزور، ومن بينها “لواء الجهاد في سبيل الله” و”تجمع كتائب منبج و”الجبهة الشرقية احرار سورية” وتنبع اهميتها في تواجدها في مناطق تحت سيطرة الدولة الاسلامية بشكل شبه تام، وحالها ربما يلخص بصورة اقرب الى الدقة المعضلة التي تعيشها معظم الفصائل الاخرى.
لا نعرف ما اذا كان الائتلاف الوطني الذي هددته هذه المجموعات بالقاء سلاحها اذا لم يزودها بمطالبها في غضون اسبوع سيلبي طلبها بالسرعة المطلوبة او لا، ولكن ما نعرفه انه يعاني هو نفسه من انقسامات حادة، ويعقد اجتماعات مكثفة في اسطنبول لانتخاب رئيس جديد له بعد انتهاء مدة رئيسه الحالي احمد الجربا، دون ان يوفق في هذه المهمة حتى كتابة هذه السطور، ووسط فتور دولي وعربي تجاهه ناهيك عن فتور الشعب السوري في الداخل وفي المنافي ومخيمات اللجوء.
ويبدو واضحا من خلال هذا البيان، وما ورد فيه، ان اولوية الكثير من الجماعات المسلحة المعارضة للنظام السوري باتت محصورة في قتال الدولة الاسلامية وليس اسقاط النظام السوري، وهذا انحراف خطير عن الاهداف التي انطلقت من اجلها المعارضة وتسلحت وحظيت بالدعمين العربي والدولي، ورفعت من سقف توقعات ملايين السوريين في “التغيير الديمقراطي” الذي كانوا يحلمون به.
الفقرة الاهم في البيان التي تحذر “من ان ثورتنا ثورة شعبنا واهلنا، الثورة التي خسرنا لاجلها دماء شبابنا واطفالنا، تعيش حالة من الخطر بسبب تنظيم البغدادي خصوصا بعد اعلانه عن الخلافة” ونقول الفقرة الاهم لانها تحدد دون اي لبس او غموض ان الخطر على الثورة السورية لم يعد النظام الحاكم في دمشق وانما تنظيم الدولة الاسلامية الذي يجب مواجهته والقضاء عليه اولا، وتطلب السلاح لتحقيق هذه المهمة الامر الذي يضع جماعات المعارضة هذه والنظام في خندق واحد، وهذا تحول خطير لم يكن متوقعا حتى في الاحلام، اكثر الاحلام تفاؤلا!
لا نعتقد ان الائتلاف الوطني السوري المعارض قادر على تلبية مطالب هذه الجبهات المقاتلة المنضوية تحت خيمته، ليس لانه لا يملك مثل هذه الاسلحة، وانما لتجاوز الاحداث وتطوراتها كليا له ودوره الوظيفي، وتراجع اهميته لحدوث انقلاب في المعادلات ليس على الساحة السورية فقط وانما في منطقة الشرق الاوسط بأسرها منذ صعود قوة الدولة الاسلامية وتحقيقها انتصارات كبيرة في العراق ابرزها الاستيلاء على محافظة نينوى ومعظم منطقة الانبار.
وحتى لو افترضنا ان الائتلاف الوطني لبى طلب هذه المجموعات وزودها بالاسلحة المطلوبة فهل ستنجح فيما فشل فيه الجيش العراقي الذي يزيد تعداده عن 900 الف جندي، وجرى انفاق عشرات المليارات من الدولارات على تدريبه وتسليحه من قبل الولايات المتحدة الامريكية، وهو الجيش الذي انهار في غضون ساعات امام قوات هذه الدولة الاسلامية الافتراضية في الموصل وغيرها ولم يفلح في استعادة ولو مدينة واحدة استولت عليها؟
العراق يشهد حاليا حالة طوارىء دولية واقليمية غير مسبوقة، تنعكس في عملية تجييش وتعبئة عسكرية تنخرط فيها كل الاضاد المتصارعة في المنطقة، فها هي واشنطن وموسكو وايران في سباق محموم لارسال الطائرات الحديثة والقديمة الى الجيش العراقي، واطنان من العتاد الحربي لتمكينه من القضاء على خطر الدولة الاسلامية “داعش” في اسرع وقت ممكن، ولا نعتقد انه في ظل هذا السباق سيكون هناك مكان، في الوقت الراهن على الاقل، لتسليح المعارضة السورية بأسلحة نوعية لاسقاط النظام السوري، ولكن يمكن ان يتم هذا التسليح لحروب اخرى غير حرب اسقاط النظام.
المعارضة السورية المسلحة تواجه هذه الايام ازمة وجودية، ولم تعد موضع ثقة حلفائها، وهي باتت وبسبب الخطر الكبير الذي تمثله الدولة الاسلامية، امام اربعة خيارات رئيسية:
*الاول: الانضمام الى الدولة الاسلامية وتقديم البيعة لاميرها ابو بكر البغدادي على غرار ما فعل قائد تنظيم جبهة النصرة في منطقة البوكمال الحدودية واتباعه.
*الثاني: المصالحة مع النظام السوري على غرار ما حصل في مدينة حمص والعديد من بلدات ريف دمشق، والانضمام اليه والقتال ضمن صفوفه ضد الدولة الاسلامية.
*الثالث: التحول الى “صحوات امريكية” تنسق مع حكومة السيد نوري المالكي او من يخلفه لقتال الدولة الاسلامية وفي هذه الحالة ستحظى بدعم مالي وتسليح نوعي مباشر من واشنطن دون اللجوء الى الوسطاء والسماسرة.
*الرابع: ان تلقي سلاحها وتعلن انتهاء مهمتها، والبحث عن لجوء سياسي او انساني آمن في الدول التي مولتها وسلحتها (السعودية وقطر) وهذا مشكوك فيه، او في تركيا والدول الغربية الاخرى.
ندرك جيدا انها خيارات صعبة، وتبدو مفاجئة وصادمة، ولكن من كان يتوقع ان تقلب الدولة الاسلامية كل الموازين في المنطقة وتستولي مع حلفائها على معظم شمال العراق ووسطه وتعلن دولة الخلافة في اقل من اسبوعين؟
لا شيء يمكن ان يكون مفاجئا هذه الايام.
بقلم عبد الباري عطوان