الرجل الحساس

تاريخ النشر: 29/02/12 | 13:07

صور كثيرة في حياتنا اليومية لنماذج بشرية تصادفنا وتقابلنا, نعيش معها وتعيش بيننا, نحاول أن نفهمها أو نجد لها العذر مرة تلو المرة في تصرفاتها وسلوكياتها فلا يكون لنا من مناص ولا نملك إلا أن نصل إلى نقطة الذهول والعجب.

– لقد مر العديد منا بلحظات من الضيق أو الغضب عندما عاد إلى سيارته فوجد بها بعض الضرر من سيارة يقودها ابن بلدته المجهول الذي مضى وتابع سيره كأن شيئاً لم يكن !

– والضيق والغضب عندما رأى من يتجاوزه مسرعاً ناظراً إليه بنوع من التحدي والإثارة !

– والضيق والانفعال والغضب عندما اعترضت سيارة بوقوفها في مسار وعطلت حركة السير بذريعة أنه يتوقف للحظة وشو صار وهي انهدت الدنيا !

– وانفلات جوقة من الزمامير إذا تأخر أحدهم في التحرك ومتابعة المسير على إشارة الوقوف على مفترق أو عند الإشارة الضوئية !

– واللامبالاة التي يمتهنها البعض في السير بضوء عال في وجه السائق القادم من الجهة المقابلة والاتجاه المعاكس وعدم الانصياع بل التلذذ في مضايقة الغير حتى لو كان بثمن التسبب بحادثة طرق.

– وعدم إعطاء حق الأولوية والإسراع لأخذ الحق ولو بثمن خلق اختناق في المرور وتعطيل حركة السير لمدة طويلة.

– العديد منا يشهد حركات التفحيط والتقحيط والعوادم المضخمة للصوت والسرعة المفرطة والأصوات العالية المرتفعة التي تصدر من مكبرات الصوت في هذه السيارات في مختلف الأوقات والعربدة والتمرد الذي لا يعود إلا بالضرر على الجميع, السائق الشاب أولاً والسكان أهل البلدة ومن ضمنهم آباء وأمهات وأهل وأقرباء وجيران هؤلاء الشباب.

– استغلال البعض لحالات وجود امرأة تقود السيارة أو رجل كبير السن أو سائق جديد كي يظهر براعته في السياقة فيتسبب في مضايقتهم أو حتى إرباكهم وتعرضهم للخطر !

– البعض يتعمد البطء المبالغ به في السير لمضايقة سائر السيارات أو الإسراع المبالغ به والحرص على عدم السماح لغيره بتجاوزه لأنه يعتبرها إهانة ومش مليحة بحقه !

– البعض يجد المتعة في إدارة شؤونه واتصالاته ومتابعة أعماله من خلال الهاتف الذي يستعمله خلال قيادته للسيارة والذي يضعف ويقلل من تركيزه وانتباهه وحذره على الشارع ويعرض نفسه وغيره للخطر أو يتسبب لغيره الضيق مما يسببه من تأخير بسبب انشغاله وعدم قيادته بشكل ملائم لظروف السفر ووضعيات الشوارع واكتظاظ حركة المرور !

– والبعض يراهن ويخاطر ويضرب ضربات حظ في مرافقة الصغار وجلوسهم بشكل غير آمن في السيارة وأحياناً في حضن السائق أو السائقة والله بيستر !

– بعض السيارات التي تصطف على جانب الشارع والتي لا تأخذ بالحسبان الإغلاق الذي تتسببه للآخرين وخاصة سيارات الشحن والباصات التي تغلق مساراً كاملاً لساعات عديدة .

– بعض الركاب والسائقين لا يرى حرجاً في إلقاء زجاجة فارغة أو بقايا طعام أو أعقاب السجائر المشتعلة من نافذة السيارة وجوانب الطرق تشهد على ذلك !

– بعض السيارات التي تمتثل بتهدئة السرعة عند الاقتراب من مطب صناعي من صنع البلدية والاعتراض على مطب من صنع أصحاب البيوت المجاورة للشارع الذين يعانون ويخشون على أنفسهم بل يتجاوز الأمر إلى الشتم والسب والعراك , كل ذلك لأنهم لا يريدون تفهم ذلك ورؤيته من منظور التحدي فقط ولا يرون في سرعتهم المفرطة السبب في ذلك .

– وبعض السائقين الذين لا يجدي معهم لا مطب صناعي ولا طلب أدبي ولا لافتات إلى أن تقع الطامة ويتسببوا في قتل إنسان وحينئذ لا ينفع ندم !

– وبعضهم لا يأخذ بالحسبان مياه الأمطار على الشارع والتحول إلى السياقة الشتوية وما على الشارع من خطورة والانتباه إلى عدم إيذاء السيارات المقابلة أو المشاة على الرصيف بمياه الأمطار التي تصيبهم وتبللهم جراء القيادة السريعة .

– البعض منا يترك الأطفال في السيارة ويخرج منها لقضاء حاجة وهو يتوقع أن يعود بسرعة ولكنه لا يدرك أن الخطر في ذلك أسرع منه !

– البعض لا يحافظ على جاهزية وسلامة وصلاحية وصيانة سيارته ويهمل ويتكاسل ويؤخر وينسى وهو يخاطر بذلك بحياته وحياة عائلته وبحياة غيره على الطريق !

– البعض يقود بسرعة جنونية حتى تظن أن معه حالة استثنائية وتفكر في أن تعذره حتى تراه بعد مسافة معينة يقف يحادث صديقاً على أقل من مهله وبالتصوير البطيء !

– البعض من الشباب يجوبون شوارع البلدة بسيارتهم أو سيارات آبائهم في ساعات المساء والأوقات المتأخرة من الليل والآباء نائمون غافلون أو أنهم لا يعلمون وهذه طامة أو أنهم يعـلمون ولا يأبهون وهذه طامة أكبر !

– البعض يرى أن إشارات المرور نصبت وقوانين السير وضعت لغيره من بني البشر أما هو فهو فوق الإشارات واللافتات وفوق القوانين والنظم واللي مش عاجبو ……

– البعض يجد متعة غريبة في تجاوز كل السيارات التي تنتظر عند مدخل أو معبر أو مفترق طرق فهو لم يخلق للانتظار واللي مش عاجبو ……

– البعض لا يتوانى عن الرد الاندفاعي على أي ملاحظة أو تنبيه أو انتقاد وتوجيه أو طلب ورجاء بحركات استفزازية أو عناد وعنجهية أو كيل الشتائم وحتى الدخول في معركة حامية الوطيس يستبسل فيها أعظم استبسال .

– البعض يقف بسيارته بشكل يمنع ويعترض دخول أو خروج غيره من ساحة عامة أو من موقف أو بباب مسكن أو مسجد أو مؤسسة أو أنه يوقف سيارته بشكل استفزازي أو يقف مخالفاً للمساحات المخصصة ولا يأخذ بعين الاعتبار غيره من بني البشر والإزعاج والتأخير والعناء الذي يتسببه بدون داع ولا مبرر والويل كل الويل لو فعل غيره اليوم مثل ما كان قد فعله هو بالأمس !

– البعض لا يجد حرجاً في الوقوف في الأماكن المخصصة للعجزة أو للنقل والتحميل والتفريغ أو بمداخل العمارات والبيوت والحوانيت والمصالح والمستشفيات والمراكز والمؤسسات !

– والبعض يستيقظ في الصباح ليجد أن سيارته قد سُرقت أو أحرقت .

والأمر العجيب أنك ترى من يفعل كل ذلك ببرود أعصاب وهو يشعر بالنشوة والمتعة ويعتبرها شطارة وفن ومهارة في لفت الأنظار والاستفزاز والإثارة والأذى .

أمام هذه الحالات والمواقف ما عليك إلا أن تخفي أكبر قدر من الذهول وأن تتجنب مظاهر الضيق والغضب وتبدي تفهماً وتبتسم حتى لا يقال عنك أنك إنسان حساس !

‫3 تعليقات

  1. تدقيق كامل لا ينقصه شي من الحقيقه وللاخ العزيز الاستاذ يوسف تحياتي من القلب وشكري على هذه المقاله المعالجه للوسط العربي والمشكله ان كل هؤلاء الذين يتجاوزون القانون يتجاوزون حدود الله ونسال الله لهم الهدى

  2. استاذي الفاضل يوسف جمل المحترم…حياك الباري وجمل ايامك بالسعادة والعطاء

    الكريم..

    ان الامور التي ذكرتها في المقالة اصبحت عادات متداولة نصطدم بها كل يوم ..يجب

    ان ياخذ القانون مجراه بدون تردد او خجل..القانون وضع لينظم سلوكيات البشر..

    على شرطة اسرائيل مزاولة عملها داخل بلداننا لمحاربة ظواهر العنف اعلاه..

    جدير بنا جميعا محاربة الظواهر السلبية بدون خجل…كلنا مسؤول ويحمل مشاعر

    انسانية…جدير بنا ان نتالق باداء ادوارنا بمسرح الحياة لنخلق حياة فاضلة..

    استاذي الفاضل..لك جزيل الشكروالثناء على عطائك المتواصل..لك مني خالص

    الحب والتقدير..

    يقول الحكماء..اشعال شمعة افضل من لعن الظلام الف مرة..

    وانت يا استاذي الكريم نبراسا من العطاء والشموع..بوركت وجزاك الله

    كل الخيرات..

  3. السلام عليكم
    اظن انك من كتبت ايضا عن جنون السيارات … وهذا مرتبط بجنون الأخلاق فان ذهبت أخلاقهم هم ذهبوا … ومن ربط الأمر فقد عقل أكثر وفهم … فمن لا دين له كمن لا حياة لمن تنادي … يجب أن تكون توعية لأن دفع المبالغ على المخالفات لم تجدي بمنفعه فقد ينسى الانسان انه دفع مبلغ ولا ينسى كلمات أو توعية قد أثرت به .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة