لأجل عراق موحد
تاريخ النشر: 06/07/14 | 6:34يتعرض العراق لهجمة شرسة تقودها قوى عالمية وإقليمية وداخلية خفية بهدف تعميق الفتنة الداخلية، وتأجيج المواجهة المذهبية الطائفية في الشارع العراقي، ووضع آخر مسمار في نعش السلم الأهلي والاجتماعي، وسرقة ثرواته الطبيعية، وطمس معالمه التاريخية والحضارية، وصولاً إلى تقسيمه وتجزئته لثلاث دويلات متنازعة. وهو منذ سنوات يواجه مخاطر جدية تستنزف قدراته البشرية وتعطل عملية التنمية والإصلاح والبناء فيه، وتضعه أمام أزمات متشابكة ومعقدة.
لا ريب أن الأحداث والتطورات المتسارعة في العراق ليست معزولة عما يخطط للمنطقة من قبل أمريكا وإسرائيل وحلفائهم سعياً لتغيير خريطة الشرق الأوسط، فهي تأتي ضمن المشروع التقسيمي والتفسيخي الطائفي والمذهبي الذي فشل في سورية وانهزم تحت أقدام الجيش العربي السوري، وبفضل التفاف شعب سورية حول قيادته السياسية والتاريخية الشرعية، وتأييده الجارف لبشار الأسد ونظامه في الانتخابات الأخيرة.
إن الاجتياح الداعشي الواسع للمحافظات العراقية وسيطرة جماعات الإرهاب والتطرف والتشكيلات الدموية التكفيرية على الموصل وتكريت وغيرها من المناطق، وما يقوم فيه الداعشيون من جرائم فظيعة وقتل الناس دون سبب، وإعدام من يعتقدون إنهم من خصومهم، وصلبهم على أعواد المشانق في الشوارع، عدا عن تفجير الكنائس والاعتداء على المسيحيين وتهجيرهم، وهدم تماثيل رجالات العلم والفكر والثقافة كتمثال أبي تمام، واغتصاب نساء عراقيات يرفضن ممارسة جهاد النكاح، ومحاولات فرض قوانينهم ونظامهم وفكرهم الظلامي الأسود لأجل تأسيس ” دولة الخلافة الإسلامية ” وغير ذلك من ممارسات غوغائية. ناهيك عن نظام المحاصصة الطائفية السائد في العراق الذي جعل البلاد فريسة لأوكار الإرهاب الداعشي الوهابي وللفساد المستشري وللصراع المذهبي المتفاقم والمتزايد. كل ذلك يهدد حاضر العراق ومستقبله وكيانه المستقل، ويتهدد الشعب العراقي بكل شرائحه ومكوناته القومية والدينية والمذهبية والعقائدية، وستكون مناطق العراق كلها مشرعة أمام قوى الإرهاب والتطرف ما لم يرتق الجميع إلى مستوى المسؤولية الوطنية.
في الحقيقة إن ما يشهده العراق من اجتياحات واحتلالات داعشية يتحمل وزره رئيس الوزراء نوري المالكي الذي فشل في إدارة النظام السياسي العراقي، وتغليبه النزعات الحزبية والمذهبية على الوحدة الوطنية العراقية بإتباعه سياسة المحاصصة، التي عمقت التشرذم الداخلي والانقسام المذهبي والسعار الطائفي الذي ترافق مع فساد النخب السياسية العراقية.
الواقع المرير الذي يعيشه العراق في هذه الأيام يتطلب حشد وتجميع كل الطاقات والكفاءات وتوحيد جميع القوى السياسية الوطنية والمدنية والديمقراطية العراقية، بهدف حماية استقلال وسيادة العراق وإنقاذه من براثن الفتنة الطائفية البغيضة ولمواجهة القوى الإرهابية التكفيرية المتطرفة بكل مسمياتها، وإفشال مخططاتها الظلامية في العراق والمنطقة. فالمخاطر تتهدد جميع العراقيين دون استثناء، والجميع مطالبون الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية والتاريخية لأجل عراق موحد، وشن النضال الدؤوب وخوض المواجهة الحقيقية ضد قوى التكفير التي تريد إعادة العراق لدياجير الظلام، ولكهوف البؤس والفاقة والجهل والتخلف.
إن الابتعاد والتخلي عن منظومة المحاصصة الطائفية، وتشكيل حكومة توافق وطني أو حكومة اتحادية ائتلافية جديدة تعتمد مبدأ المواطنة والحقوق المشروعة في حل المشكلات والمعضلات القائمة، هو السبيل الوحيد القادر على إخراج العراق من أزمته ومحنته الراهنة وووقوفه بوجه أعاصير التقسيم والتجزئة.
شاكر فريد حسن