كازانتا سيدة الحياة 2
تاريخ النشر: 10/11/10 | 12:10صديق الموقع الدائم مصعب رفيق احب ان يشارك قراء موقع بقجة هذه القصة الابداعية الشيقة وهي من تاليف د. احمد خالد توفيق .القصة طبعاً غير حقيقية وهي من الخيال ولا شيء فيها غير الخيال. هي جميلة وطويلة ولذلك سنقدمها الى قرائنا في حلقات اسبوعية, مساء كل يوم اربعاء.
واشرقت الشمس معلنة عن ولادة ابنة البشر “كانا” وابنة الجان “زاتا” – الحلقة 2
اشرقت الشمس فانجبت عبدة الكاهن بزوز مولودتها اغلقت عيونها من قوة النور الذي ملىء خيمتها فجأة وكأن الشمس اشرقت مرة واحدة من داخل الخيمة.
لم تفتح عبدة الكاهن عيونها حتى تطمئن عن جنس المولود ذكر ام انثى فأبلغتها العبدة التي ساعدتها على الولادة بالخبر المشؤوم..
انها انثى وطلبت منها ان تفتح عيونها لتراها وترى النور الساطع من وجهها الا ان الأم رفضت ان تلقي حتى نظرة واحدة عليها..وطلبت من العبدة الاخرى ان تحملها الى (المحجر) ليقرر مصيرها.. حملت العبدة الطفلة بحنان واخذتها الى المحجر وانتظرت ان يحضر احد الكهنة ليقرر مصيرها.. اما ان توشم وهكذا يسمح لها بالحياة وتربيها اي امرأة اخرى غير امها لتصبح عبدة للكهنة واما ان تحرق ليستخدم رمادها في طقوس المعبد..
انتظرت العبدة ومر اليوم الاول ولم يحضر اي كاهن ، فقررت تركها في المحجر والعودة ..الا ان شعورا قويا وخفيا كان يمنعها من ذلك ، فارضعتها وبقيت تحملها وتعتني بها ….
ومر اليوم الثاني ولم يحضر اي من الكهنة..ودب الخوف في قلب العبدة عندما رأت ان نار المحجر قد اخذت تخبو رويدا رويدا حتى انطفئت فخافت العبدة من هذا النذير الشؤوم ووضعت الطفلة على الارض واخذت تشعل النار من جديد مستخدمة جزءا من ملابسها البالية لتساعد النار على الاشتعال من جديد حتى اشتعلت.
وبعد ثلاثة ايام مر احد الكهنة على المحجر فراته العبدة فحملت الطفلة ووضعتها تحت اقدامه ليقرر مصيرها، وفي سرها اخذت تدعوا الالهة ان تسمح للطفلة بالحياة وان لا يأمر الكاهن بحرقها.
نظر الكاهن الى الطفلة دقائق معدودة ثم اخرج ختم المعبد ووضعه في النار المشتعلة…ففرحت العبدة لان الطفلة ستوشم ولن تموت وبعد ان احمى الختم حمله بيده اليسرى وقربه من صدر الطفلة التي اخذت تبكي وتصرخ بطريقة غريبة ندرت على من هي بعمرها ..
وفجأة ومن المجهول قفز قط بحجم النمر باتجاه الكاهن وغرز مخالبه في وجهه فسقط على الارض وتعثر في الختم الذي حرق جبينه ووشم بوشم المعبد معكوسا..
صرخ الكاهن من الألم ونظر حوله فلم يرى القط الكبير فوقف على اقدامه ونظر الى الطفلة التي توقفت عن البكاء وبصق في وجهها وقال : هذه الطفلة ملعونة هذه الطفلة “كا ” …(ومعنى ” كا” هو الاسم الذي يطلق على الغيمة شديدة السواد والتي تنذر بالشؤوم والخراب)
وامر العبدة ان تحملها وتلقي بها في النار فحملتها العبدة واقتربت من النار ..التي لفظت انفاسها الاخيرة ، فنظر الكاهن الى النار وقال حتى النار لا تريد نجاستها هيا احمليها وضعيها فوق الصخرة الكبيرة حتى تحرقها اشعة الشمس وتجففها وبعد ان يتم ذلك اطحني عظامها واحضريها لي لأعالج الحرق الذي اصابني ..
فحملتها العبدة وسارت الى حيث اشار لها الكاهن ووضعت الطفلة على الصخرة وابتعدت عنها حتى لا تسمع بكائها ويرق قلبها وتخالف اوامر الكاهن فتغضب الالهة .
وانتظرت غروب الشمس وعادت لترى ما حدث لها ففوجئت بأن شجرة نمت بجانب الصخرة التي تركتها عليها ، وان الطفلة “كا” لم يحدث لها شيء ..ولم تشعر العبدة بنفسها الا وهي تحملها وترضعها وفي صباح اليوم التالي خافت العبدة ان يراها احد فوضعتها على الصخرة من جديد وعادت الى بيتها وفي المساء عادت اليها فوجدتها كما هي فحملتها وارضعتها ومرت ايام وهي تقوم بنفس الشيء وفي اليوم الثالث عشر مر الكاهن من المكان ليرى ان كانت عظام الطفلة قد جفت ..فوجدها كما هي فقتل العبدة وامر عبدة اخرى ان تقوم بالمهمة فقامت العبدة الثانية بوضعها على صخرة اخرى تحت اشعة الشمس وعادت اليها بالغروب فوجدتها كما هي وقد ظللتها شجرة ولم تشعر بنفسها الا وهي ترضعها وتقوم بما قامت به العبدة الاولى وبعد عدة ايام اكتشف الكاهن ما حدث فقتل العبدة الثانية وامر عبدة ثالثة ان تحل مكانها وحدث معها ما حدث مع سابقاتها وقتلها وامر عبدة اخرى وهكذا قتل الكاهن 13 عبدة واكتشف ان كل عبدة يرسلها مهما كانت مخلصة ستقوم بما قامت به سابقاتها ..فاصطحب عبيده وذهب هو ليشرف على موتها فوضعها تحت اشعة الشمس وانتظر وعاد بعد ساعات ليرى ما حدث فوجد ظل شجرة يظلل الطفلة فأمر خدمه بقطع الشجرة وبعد ساعة وجد ان ظل شجرة اخرى قد ظللها..فقام بقطع شجرة وراء اخرى وكلما قطع شجرة فوجيء بأن ظل شجرة اخرى بعيدة قد ظللها فأيقن الكاهن ان هناك قوى غريبة تساعد الطفلة .
واجتمع كهنة معبد البلدة ليتشاورا فيما بينهم وقرروا ان الامر يفوق قدرتهم وان هناك قوة شريرة تتحدى ارادة الالهة وارسلوا في طلب مساعدة ومشورة المعبد الكبير وعندما وصل الخبر الى كبار الكهنة في المعبد الكبير وبعد ان درسوا الموضوع ارسلوا عدة كهنة ذوي خبرة بعد ان أوصوهم بالعمل المطلوب …وعندما وصل كهنة المعبد الكبير قاموا فورا بالتحقيق مع التي انجبت الطفلة ليستدلوا على من عاشرها من الرجال ومن يمكن ان يكون والدها وبعد ان عرفوا منها اسماء الذين عاشروها قاموا بقتلها وقاموا بقتل كل الرجال الذين عاشروها وكان من بينهم ثلاثة من الكهنة ومن ثم قاموا بقتل كل من رأى الطفلة “كا” وخاصة الكاهن الموشوم وقاموا بوضع الطفلة في بقعة جرداء حارة لتموت تحت اشعة الشمس لانه ان لم تمت بهذه الطريقة فستجلب الشؤوم..وراقبوها ليل نهار وفوجئوا هم ايضا ان ظل الاشجار يصلها مهما كان بعيدا ..واخذوا يقطعون كل شجرة ترى بالعين من حيث وضعت الطفلة ولم يبقي الكهنة على اية شجرة او نبتة الا وقطعوها ورغم كل هذا لم يستطيعوا منع ظلال الاشجار ان تصلها وبقيت الطفلة “كا” على حالها واحتار الكهنة في الامر وكيف تبقى الطفلة على قيد الحياة دون طعام وماء بالرغم من مرور عشرات الايام وبعد مرور تسعين يوما على ولادة الطفلة “كا” والكهنة يبذلون كل جهدهم لقتلها بفعل اشعة الشمس والجوع والعطش ويراقبونها ليل ونهار..
اختفت “كا” وكأن الارض انشقت وبلعتها ..وحل التشاؤم على المعبد الكبير ..وامر الكهنة بقطع كل شجرة لها ظل ..وقتل كل طفلة ولدت يوم مولد “كا” .
المعبد الكبير والنبؤة القديمة
قبل الف عام من ذلك الزمن من مولد “كا” قام كهنة الجن وكهنة الأنس بحرق ملكة الظلال مع بناتها وقبل موتها ضحكت وقالت ستولد انثى نصفها من الجان ونصفها من البشر ستجعل الاعلى اسفل والاسفل اعلى..ستهدم معبدكم وتقتل كهنتكم وستكونون عبيدا لها و…و….وبالرغم من مرور الف عام
ما زال بعض الكهنة الذين حضروا حرق الملكة وبناتها يتذكرون ما قالته ويسمعون صوت ضحكتها يطاردهم ليل نهار وعندما اجتمع كبار كهنة المعبد من الجن والانس للتداول في قصة “كا” الطفلة المشؤومة حذر بعضهم من انها هي صاحبة النبؤة وان ما حدث معها يؤكد صحة النبؤة فقال كاهن من الجن : لا يمكن لهذه النبؤة ان تتحقق فهي مجرد كلام قالته ملكة مهزومة وعار علينا ان نفكر فيه ونتذكره كل هذا الوقت ..ولا يمكن لاحد ان يهزمنا ما دمنا متحدين بشر وجان ولنا معبد واحد…نحكم فيه عالمينا وكل ملوك الممالك يقدمون لنا ولالهتنا الطاعة .
النبوءة قالت ان الانثى التي ستولد نصفها من الجن والنصف الثاني من البشر وهذا من المستحيل ان يحدث بحكم اختلاف تكويننا فالجان لا يلدون بشرا والبشر لا يلدون جانا.
فقال كاهن البشر:اذا كيف نفسر الشجر الذي ظلل الطفلة وكيف عاشت الطفلة دون ماء وطعام،ان كانت من البشر فالتفسير الوحيد الذي من الممكن ان اقبله هو ان بنات الظلال بنات الجان هن اللواتي ساعدنها.
فضحك كاهن الجان وقال: بنات الظلال قضينا عليهن منذ زمن وكل من لهن علاقة ببنات الظلال من بنات الجان هن حبيسات هذا المعبد .
فقال كاهن البشر:ولكنكم لم تقضوا على ملكة بنات الظلال .
فقال كاهن الجان : اطمئنوا ملكة بنات الظلال احترقت منذ الف عام
وانتهى النقاش بين كهنة البشر وكهنة الجن بعد ان طمئن كل طرف الطرف الاخر .
مولد النصف الآخر “زا”
ولم يكن موضوع “كا” ابنة البشر يشغل بال كهنه الجن كثيرا بل هناك موضوع اخطر ابقوه سرا واخفوه عن كهنة البشر وهو مولد انثى في نفس الوقت الذي ولدت فيه”كا” في عالمهم تشائموا منها واطلقوا عليها اسم “زا” وهو اسم يطلق على شجرة ملعونة في عالمهم تمتد جذورها الى اعماق الارض ولا يمكن قطعها وان لمسها احد اصابه المرض ..وحاولوا هم قتل الطفلة “زا” بناءا على طقوسهم الا انهم لم ينجحوا في ذلك وكانت هناك قوة خفية تحميها واختفت “زا”هي الاخرى بطريقة غريبة وما زالوا يبحثون عنها وقاموا بقتل كل انثى في عمرها ليتخلصوا من نذير الشؤوم الذي خافوا ان تكون جلبته عندما ولدت او ان تكون هي صاحبة النبؤة القديمة
الطفلتان “كا” و” زا”
في جزيرة بعيدة كبيرة لا حدود لها يحيط بها الضباب من كل الاتجاهات لا يصلها انس ولا جان مليئة بالاشجار والواحات
وفيها ما لم يعرفه او يراه بشر او جان …فيها قصور لا تعد ولا تحصى منها ما بني فوق الماء في وسط البحيرات وعلى اطراف الانهار ومنها ما ارتفع ليلامس الغيوم ومنها ما بني تحت شلالات الماء ..
في وسط الجزيرة كان هناك قصر كبير لا يضاهيه في الحجم ولا في الجمال اي قصر اخر في العالم في هذا القصر عاشت “كا” و”زا” الاولى ابنة البشر والثانية ابنة الجان ..وبحكم ظروف الجزيرة والخواص المشتركة لها لم يكن هناك من هو قادر على ان يميز من هي ابنة الجن ومن هي ابنة البشر ومن هي التي تحمل اسم ” كا ” ومن تحمل اسم “زا” واعتادت ” كا” و “زا” على سماع صوت منذ طفولتهما يرشدهما ويعلمهما ويروي لهما القصص ولم تكن “كا”ولا “زا” تعرفان من هو صاحب هذا الصوت فكانتا تظنان ان الشجرة هي صاحبة الصوت واحيانا كانتا تظنان ان الواحة هي صاحبة الصوت واحيانا تظنان ان القمر والشمس والنهر والبحر …والشيء الوحيد الذي لا شك فيه بالنسبة للطفلتين ان هذا الصوت هو صوت امهما الحنون التي تعتني بهما بغض النظر عن شكلهما .. وكان صوت امهما غير المعروفة ينادي عليهما بأسم كانا وزاتا واسم كانا يطلق على الشجرة فارعة الطول والتي لا يستطيع احد تسلقها وزاتا اسم يطلق على الشجرة التي تعيش في كل الظروف والاوقات وتتكاثر بسرعة كبيرة واسم زاتا و كانا يطلق على الكثير من الاشياء التي لها علاقة بالنور والظل ولم تكن صاحبة الصوت تنادي على اية واحدة منهما بأسم محدد بل تخاطبهما بالاسمين فان خاطبتهما مرة بأسم كانا خاطبتهما المرة الثانية باسم زاتا وهكذا لم تعرف اي من الطفلتين الاسم الذي يخصها وانما تعرف كل واحدة منهما ان لها اسمين واحد كانا والثاني زاتا وان نادت الام باسم كانا ردت الطفلتين معا وكذلك الامر ان نادت على اسم زاتا ..
وعندما بلغت كانا وزاتا من العمر سبعة اعوام طلبت منهما صاحبة الصوت ان تركبا معا على ظهر حصان ابيض وان لا تنزلا عنه حتى يتوقف وفعلتا ما طلب منهما وسار بهما الحصان بسرعة تفوق سرعة الريح لعدة ايام حتى توقف الحصان في وسط غابة بعيدة فسقطتا عن ظهره الى الارض مرهقتان لا تقويان على الحراك وعاد الحصان الابيض من حيث أتى.
وبدأت رحلة كانا وزاتا الصغيرتين في البحث عن القصر وهما تعتقدان بان القصر لا يبعد مسافة ساعة او اقل من ذلك.
غربت الشمس عن الجزيرة وحل الليل وبدأ الخوف يغزوا قلبيهما للمرة الاولى في حياتهما فأمسكت الواحدة بيد الاخرى واستمرتا بالسير حتى انهكت قواهما وغلبهما النعاس ونامتا تحت احدى الاشجار وفي صباح اليوم التالي شعرتا بالجوع وبدأتا بالبكاء والصراخ لعل هناك من يسمعهما وينقذهما ولكن دون جدوى فلا احد يسمع ولم يكن امامهما الا البحث عن الطعام والماء بأنفسهما فتسلقتا الاشجار وسبحتا في جداول المياه ومع مرور كل يوم كانتا تبكيان قليلا وتصرخان قليلا وتضحكان وتنامان وتلعبان.. وكل ما مر يوم ابتعدتا اكثر وتاهتا اكثر حتى وصلتا الى منطقة جرداء قاحلة مليئة بالاشواك ومر اسبوع وكانا وزاتا لم تعرفا طعم النوم والراحة وامتلأ جسديهما بالجروح والخدوش من جراء الشوك والبيئة القاسية التي تاهتا بها وكادتا ان تفقدان الامل بالنجاة ..ومن شدة الارهاق نامتا تحت اشعة الشمس تظلل الواحدة الاخرى وتحاول ان تحميها بجسدها من حرارة الشمس الحارقة.
ولم تستيقظا الا على صوت ناعم دافيء ينادي عليهما فوقفتا واخذتا بالبحث عن مصدر الصوت ولكن دون جدوى فنظرت الواحدة بعيني الاخرى وقالتا:انه صوت امنا ..وبدأتا بالصراخ اين انت…اين انت يا امنا..؟
واستمر صراخهما ولكن دون جدوى فلا احد يرد عليهما وبعد ان تعبتا سمعتا الصوت من جديد ينادي (كازانتا اين انت ) فردتا عليها بصوت واحد :نحن هنا يا امي..
فقالت لهما: هل انت جائعة يا كازانتا..؟
فردتا معا: نعم نحن جائعتان..
فقالت لهما: هل انت خائفة يا كازنتا؟
فقالتا معا: نعم نحن خائفتان..!
فقالت : هل انت متعبة يا كازنتا؟
فقالتا معا: نعم نحن متعبتان ..!
فقالت : اذا خلف هذه التله ستجدي يا كازانتا قط ينتظرك اركبي على ظهره وسيعود بك الى القصر وهناك ستجدي كل ما تريدينه.
واختفى الصوت واخذت كا و زا تركضان لتصلا الى خلف التلة وعندما وصلتا القط الذي كان حجمه بحجم النمر اقتربتا منه وسمعتا الصوت من جديد يقول لهما: هذا القط لا يستطيع حمل الا واحدة فقط فلتركبه كازانتا ولتعد الى القصر.
فوقفت كانا وزاتا محتارتان …لا تدريان ماذا تفعلان فالقط لا يستطيع حمل الا واحدة منهن.
فقالت كانا لزاتا :اذهبي انت ..!
وقالت زاتا لكانا: بل اذهبي انت..!
ولم تستطيع الواحدة ان تقنع الاخرى بالذهاب فتركتا القط واستمرتا في طريقهما في وسط الارض القاحلة وكلما مرت عدة ايام وجدتا نبتة صغيرة تقاسمتاها وعصرتاها لتسقط قطرات الماء من اوراقها وجذعها التي بالكاد كانت تكفي لتبليل شفاههما ..واحيانا كانتا تستخدمانها في تضميد جراهما وبعد مرور تسعة ايام من رؤية القط وصلتا الى جدول ماء كبير ففرحتا وشربتا من الماء واستحمتا وعندما فكرتا في اجتياز الجدول وجدتا ان هذا مستحيل وفي نفس الوقت سمعتا (صوت امهن ينادي عليهن) كازانتا هل تريدي العودة الى البيت .
فقالتا بصوت واحد : نعم نريد..؟
فقال الصوت: اذا ستجدي يا كازانتا بعد مئة متر قارب اركبيه وعودي الى البيت .
فسارتا باتجاه القارب وحينما وصلتاه : وجدتا ان هذا القارب لا يتسع الا لواحدة منهما وسمعتا الصوت من جديد يقول هذا القارب لا يتسع الا لكازانتا فلتركبه ولتعد الى القصر.
فأخذت كل واحدة تقنع الاخرى بأن تركب هي القارب ولكن دون جدوى ..فتركتا القارب وسارتا معا بجانب الجدول في محاولة لاجتيازه.
ومرت ايام واشهر وسنوات وكانا وزانا في تجوال من مكان الى اخر ولم يعد يهمهما العودة الى القصر بقدر ما يهمهما ان يعرفان من هي امهما التي تخاطبهما ليل نهار وهل لها صورة وشكل مثل بقية المخلوقات هل هي الشجر ام التراب ام الماء ام الهواء ام الشمس ام القمر ام النار التي كادت ان تحرقهن.
اما صوت الام الراعي لكازانتا والذي كان يعلمهما ويدلهما على اسرار الطبيعة اللامتناهية كان دائما يقول لهما لكل شيء نصفين فلا تأخذي نصفا وتتركي الاخر ولن تفهمي شيئا الا ان فهمتيه كاملا ..ما ترينه بعيونك هو النصف الاول فابحثي دائما عن النصف الثاني وهكذا مرت سنوات وسنوات وكازانتا تبحثان عن النصف الاخر لكل شيء للماء وللهواء للتراب للنار وتعلمت كازانتا ان الحيوانات التي كادت ان تفترسها في اكثر من مرة هي نفس الحيوانات التي حرستها..وان الافعى التي نشرت السم في جسدها هي الافعى التي قدمت لها الدواء وان الماء الذي ابتلعها وكاد ان يقتلها هو الماء الذي ابقاها حية ومع مرور السنوات تعلمت كازانتا اسرار الطبيعة النصف والنصف الاخر وحينما بلغت “كازانتا” العشرين من عمرها خاطبها صوت امها..للمرة الاولى : يا كانا ويا زاتا ماذا تعلمتا..؟
فنظرت زاتا في وجه كانا بأستغراب وكأنهما تسمعان هذه الاسماء للمرة الاولى فطوال السنوات التي مرت لم تخاطب الام كانا وزاتا الا بأسم واحد لشخص واحد ولم يجبن على السؤال ..فقررت الام سؤالها بنفس الطريقة ولم تحصل على اجابة .
فقالت الام الخفية: ماذا تعلمت يا كازانتا .
فأجابت : تعلمنا كل شيء يا امنا.
فقالت الام : نعم لقد تعلمت الاول والثاني ولكنك لم تتعلمي الثالث.
فقالت كازانتا: وهل هناك ثالث يا امنا ؟
فقالت الام :نعم هناك ثالث فابحثي عنه يا كازانتا وان وجدتيه لن تنتهي كازانتا
واختفى الصوت كعادته واخذت كازانتا تبحثان عن الثالث ولم تمر عدة اشهر حنى اختفت كانا من امام عيني زاتا فجاة وكان الارض انشقت وابتلعتها واخذت زاتا تبحث عن كانا وكانا هي الاخرى تبحث عن زاتا وشعرت كانا بالوحدة والضياع واصابها الحزن وكذلك الامر مع زاتا …
فسمعت زاتا صوت امها يخاطبها قائلا : ما بك يا كازانتا حزينة اجيبي لما انت صامتة ؟
فقالت زاتا : كيف اجيبك وانا لم اعد موجودة كيف اجيبك وانا لست انا
فضحكت الام وقالت : وما الذي ضاع منك يا كازانتا ؟
فقالت زاتا : لقد ضعت انا ولم اعد موجودة انا لست انا لو كنت شجرة لعرفت اني شجرة ولو كنت ماءا لعرفت اني ماءا ولو كنت هواءا لعرفت اني هواءا ولو كنت هواءا نارا ترابا..لعرفت اني انا ولكني لم اعد انا فاين انا ومن انا ….؟
فقالت الام : انت كازانتا وستبقين كازانتا هيا ابحثي عما تظنينه ضاع وستجدي انه لم يضيع
فقالت زاتا : اين ابحث لقد بحثت كثيرا بحثت مع الشمس والقمر ولم اجد ما ابحث عنه
فقالت الام : اذا بحثت في كل مكان ولكنك لم تبحثي عن كازانتا في كازانتا هيا اصرخي ونادي على كازانتا وستسمعي صوتها….
واختفى صوت الام الذي كانت تسمعه زاتا وتسمعه كانا في نفس الوقت من حيث هي والواحدة لا ترى الاخرى ولا تعرف اين هي فوقفت كانا وصرخت وكذلك الامر فعلت زاتا ( يا كازانتا اين انت؟) فسمعت صدى صوتها الذي هز الجزيرة : يا كازانتا اين انت ..يا..يا ..كا..كا..زازا نتا
فصرخت كانا وقالت ان كنت انت الصوت فانا الصدى وان كنت الصدى فانا الصوت.
وفي نفس الوقت صرخت زاتا بعد ان سمعت صدى صوتها ان كنت الليل فانا النهاروان كنت النهار فانا الليل.
واستمرت رحلة البحث عن الثالث لسنوات وبلغ عمر كازانتا ثلاثين عام وبعد غياب عشر سنوات لم ترى زاتا كانا..التقيتا في وسط الجزيرة وتعانق جسديهما بعد فراق اما روحهما فلم تكن قد فارقت الواحدة الاخرى للحظة …. ووقفتا بجانب البحيرة العذبة الكبيرة وسمعتا صوت الام يقول لهما : يا كازانتا انظري الى الماء ماذا ترين ….؟
فنظرت زاتا الى الماء ورات وجه كانا ونظرت كانا الى الماء ورات وجه زاتا بالرغم من ان صورة الواحدة تختلف عن الاخرى من حيث الشكل كثيرا وقالتا بصوت واحد:ارى صورة كازانتا يا امنا
فقال صوت الام : اليوم اكتملت النبوءة اليوم ولدت كازانتا نصفها من البشر والنصف الثاني من الجن… مئات السنوات مرت وهم يتسائلون اي رحم هذا الذي سيحملها ..ولم يعلموا ان هذه الارض التي كانت اقرب لهم من اي شيء اخر هي الرحم الذي حمل كازانتا نهايتهم ونهاية الشر في كل جيل. واستمر حديث الام لايام طويلة وكازانتا مصغية ..
وانهت الام حديثها قائلة: اذهبي يا كازانتا وازرعي في كل مكان وفي كل جيل كازانتا الماء والنار ولا تحاربي النار بالنار ولا الماء بالماء وعند كل نهاية اعلمي انك في البداية .. انت مني .. انت مني … ابدأي .. وغاصت كازانتا في اعماق البحيرة وخرجت من احد الانهار .
حلو الاشي خيالك يا مصعب كتيييير واسع :* 😀