سارق الاوقات في شهر الطاعات
تاريخ النشر: 06/07/14 | 12:49أقبلَ شهرُ رمضان، فاستقبلَه المُسلِمون بشَوقٍ وحُبٍّ واحتفاءٍ كبير. كيف لا..؟ وهو شهرُ الخيراتِ والبركات، وشهرُ العِباداتِ والطَّاعات..!
فرِحوا بقُدومِهِ؛ لأنَّه ضَيْفٌ عَزيزٌ عليهم، يَمُرُّ سريعًا. يصومون نَهارَه، ويقومونَ ليلَه، ويُكثِرون مِنَ الدُّعاءِ فيه، فدعوةُ الصَّائِمِ عند فِطرِهِ مُستجابَة.
فيه يَبرُّونَ الآباءَ، ويَصِلونَ الأرحامَ، ويُحسِنونَ للجيران، ويتلونَ القُرآنَ، ويتصدَّقونَ، ويَذكرونَ اللهَ كثيرًا، ويستغفرون، ومِن ذنوبِهم يتوبون.
وفي الوقتِ الذي يفرحون فيه بضيفِهم، ويُكرمونَهُ، ويُحسنونَ ضيافَتَهُ، تستقبلُهُ ثُلَّةٌ أُخرى بحَفاوةٍ وترحيبٍ ليس له مَثيل.
تُرَى لِمَ..؟!!
ليُتابِعوا فيه القنوات، ويَعكفوا أمامَ الشَّاشات، فوازير، وأفلام، ومُسلسلات.
يفرحون بقُدومِ شهرِ رمضان ؛ لأنَّ المُسلسلاتِ تُعرَضُ فيه لأوَّلِ مرة.
مُسلسلاتٌ جديدة، وفوازيرُ يزعمونَ أنَّها تُساعِدهم على التَّفكير، وتُنَمِّيه عِندهم.
نَهارُهم نَوْمٌ، وتَضييعٌ للصَّلَواتِ، ولَيْلُهُم سَهَرٌ أمامَ الفضائيات، يُقلِّبونَ بين القنواتِ، ويَستمتعونَ بمُشاهدةِ المَاجِنات.
فأخبروني –؟؟ – ماذا تستفيدون مِن ذلك..؟!!
أفيه طاعةٌ لِرَبِّكم سُبحانه وتعالى..؟!! أم فيه طاعةٌ للشَّيْطان..؟!!
إنَّكم في غيرِ رمضان قد لا تُشاهِدونَ التِّلفاز، ولا تجدون وقتًا لِمُتابعةِ البرامِجِ المُفيدةِ، فَضلاً عن المُسلسلات.
فما بالُكم أصبحتم عاكِفين عليه في شهرِ الطَّاعات..؟!! كيف تُضَيِّعون أيَّامًا مَعدودةً يا أٌحبه..؟!!
كيف تعصونَ فيها اللهَ، وهو يراكم، ويَعلمُ بِكم، ولا يَخفَى عليه أمرُكم..؟!!
أَيَسُرُّكم أنْ يَأتِيَكم مَلَكُ المَوتِ وأنتِ تُشاهدون القنوات..؟!!
أم تُحِبِّونَ أنْ يَأتِيَكم وأنتم تُمسِكونَ بمُصحفِكم وتقرأونَ آياتٍ مِنَ القُرآن، أو تقفونَ على سِجَّادَتِكم تُصلِّون رَكعاتكم تتقرَّبونَ بها للرَّحمَن..؟!!
لا تقولوا لي: أننا نشاهِدُها للتَّسليةِ.
وهل في عُمُرِ الإنسانِ وقتٌ يُضَيِّعُهُ في التَّسليةِ والَّلهوِ..؟!!
ثُمَّ أخبروني، ما الذي تُشاهدونَهُ في القنوات..؟
أنبياءٌ وصَحابة..؟!! أم تُشاهِدونَ مُمَثِّلينَ ومُمَثِّلاتٍ، مِمَّن يُبدونَ العَورات، ومِمَّن تَخضعنَ بالكلمات، وتَظهرنَ مُتَبَرِّجاتٍ سافِرات..؟!!
لا تقولوا لي: مُسلسلاتٌ دِينية، وحِكاياتٌ تاريخية، تُعَلِّمُنا، وتزيدُ ثقافَتَنا، وتَرفعُ هِمَّتَنا.
وأين ذَهَبَت كُتُبُ التَّاريخ..؟! وأين ذَهَبَت كُتُبُ المَشايخِ والعُلَماءِ، مِمَن عاصَروا الأحداثَ، فلم يُزَيِّفوها لنا كما يَحدُثُ بالمُسلسلات..؟!
إنَّها حُجَجٌ فارِغَة.
ولتعلموا – أنَّ أعَينكم ستُسألاً عَمَّا تُشاهدوانِهِ، وستُسألاً أُذُناكم عَمَّا تَسمعوانِهِ، وهكذا كُلُّ عُضوٍ مِن أعضائِكم، ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ الإسراء/36.
يا أحبه، كم مِن شخصٍ قبلَكم قد مات، وكان يتمنَّى أنْ يبلُغَ رمضان، وقد حالَ بينه وبين رمضان الموت، وأنتِ قد بلَّغَكم اللهُ رمضان، ولا تضمنوا أتعيشوا لرمضان القادِم أم لا تُدركوه.