المسجد الأقصى حزين في أول صلاة جمعة من شهر رمضان
تاريخ النشر: 07/07/14 | 13:09عند مساء الخميس الأخير ليلة الجمعة الأولى من شهر رمضان، تجولنا في المسجد الأقصى بين الصائمين والمصلين، كانت أعداد المصلين قليلة في صلاتي المغرب والعشاء والتراويح، لكننا تمنينا أن تزداد الأعداد فجر ويوم الجمعة، في الصباح صلينا الفجر، لكن الأعداد أيضا كانت قليلة، حيث أن الاحتلال الاسرائيلي منع من هم دون الخمسين من الرجال من أهل القدس والداخل، اما الأهل من الضفة الغربية المحتلة فمنع من هم دون الخمسين من الرجال ومن هنّ دون الأربعين من النساء من دخول الأقصى، وهكذا كان الأمر بالنسبة لصلاة الجمعة، حيث كانت أغلب أروقة ومصليات وساحات المسجد الأقصى شبه فارغة.
منذ سنين طويلة ونحن نتواجد في الأقصى، وبالذات في شهر رمضان، كان المسجد الأقصى، يستقبل الحشود والزحوف من المصلين في الصلوات، خاصة في أيام الجمع والعشر الأواخر من شهر رمضان، كانت الحشود تتوافد من أهل الضفة الغربية، ومن أهل القدس، ومن أهل الداخل الفلسطيني، وفي الأيام الخوالي كان عشرات الآلاف من أهلنا في قطاع غزة ايضا يتواجدون في شهر رمضان في الأقصى، لكنهم منذ عام 2000م محرومون من ذلك.
كانت القدس وأزقتها تشهد ازدحاما شديدا منذ ساعات الصباح الباكرة، وترى أمواجاً بشرية تتجه الى المسجد الأقصى، من كل الأبواب، من باب العامود والساهرة والأسباط، كان شارع الواد على امتداده، مكتظا، ومنذ ساعات الصباح يبدأ الأقصى باستقبال عشرات آلاف المصلين، ويأخذ كل مصلٍ مكانه، وتتواصل الحشود حتى موعد صلاة الجمعة، فترى المصليات المسقوفة، الجامع القبلي، والمرواني، والأقصى القديم، وقبة الصخرة، وكذلك البوائك والمصاطب وتحت الأشجار والمظلات الشمسية، وكذلك الساحات تحت أشعة الشمس، وصحن قبة الصخرة،، كلها تكتظ بالمصلين.
كان العدد يصل في الجمعة الأولى ما بين 100 و150 ألفا، يصلون الجمعة، وكثير منهم يمكثون الى العصر والمغرب والعشاء والتراويح، وتلمس وجودهم أيضا في حواري القدس القديمة، كانت القدس تفرح بالقادمين، وكان المسجد الأقصى يبتهج بالمصلين.
لكن الحال في أول جمعة من شهر مضان هذا العام كان مغايراً، تحوّلت القدس ومحيط المسجد الأقصى، منذ ساعات ليل الخميس وصلاة فجر الجمعة الى ما يشبه الثكنة العسكرية، حصار وخناق وتضييق احتلالي غير مسبوق، حضور خفيف، أفراد، أو عشرات يسيرون عبر أزقة القدس الى المسجد الأقصى، منظر لم يشهده الأقصى منذ سنين طويلة، واضطر الآلاف لأداء صلاة الجمعة عند مداخل القدس القديمة وبوابات المسجد الأقصى، ولم يكتف الاحتلال بذلك بل اقتحم بقواته المدججة بالسلاح الاقصى بعد صلاة الجمعة لوقت قصير.
المسجد الأقصى حزين:
باختصار كان المسجد الأقصى حزيناً في أول جمعة من شهر رمضان، هذا ما شعرنا به وشعر به كل وافد الى الأقصى هذه الجمعة.
يقول غسان سامي فتح الله ياسين ( 42 عاماً)، من مدينة نابلس، بلهجته النابلسية، وبصوت حزين، وقد استوقفه جند من جنود الاحتلال الاسرائيلي، عند حاجز عسكري، بالقرب من طلعة باب الاسباط، ومنعه من دخول الأقصى ” صلينا الفجر، وانزلنا قاصدين باب الكريم، من أجل أن نصلي في المسجد الأقصى، فتفاجئنا بهذا المنع، وقد تجاوزنا اربعة حواجز، وعند هذا الحاجز قالوا لنا ممنوع الصلاة في الأقصى”،” واضاف:” هذا يوم وشهر مبارك، أحببنا أن نصلي في الأقصى، فالأقصى عقيدة ودين، لكن حرمنا من ذلك، ويظل أجرنا على الله”.
عايد أبو العين من قرية بدو قضاء رام الله، يصطحب ابنته، يخترق الحواجز ويصل الى منطقة باب الساهرة، لكن الاحتلال وقد نصب حواجزه يمنعهما من الدخول الى الأقصى، تراهم متأثرين جداً من هذا المنع، يقول” صلينا الفجر، وتوجهنا من قريتنا الى الاقصى الساعة الخامسة والنصف، وكان المشوار صعباً، تخطينا عدة حواجز، حتى وصلنا مداخل القدس القديمة، وهنا كانت التشديدات غير مسبوقة وغير طبيعية، فكل من هو أقل من خمسين عاما ممنوع من الدخول، ولو كان عمره تسع واربعين ونصف السنة”، ” وأضاف:” في العام الماضي صليت الأربع جمع، واعتكفت العشر الأواخر من رمضان، لكن الأقصى في هذه الجمعة حزين، يستصرخ الأمة الاسلامية؟!”.
في خطبة الجمعة التي ألقاها فضيلة الدكتور الشيخ عكرمة صبري – رئيس الهيئة الاسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى-: قال:” هذا اليوم الجمعة الأولى من شهر رمضان، إنها جمعة حزينة، لحرمان عشرات آلاف المسلمين من الصلاة في رحاب الأقصى، وكنا نتوقع أن تكون رحاب الأقصى غاصة بالصائمين المحتسبين، لأن المسلمين حريصون ومحبون للأقصى، لذا نستنكر هذه الاجراءات الظالمة من قبل الاحتلال الاسرائيلي التي تحرم آلاف المسلمين من الصلاة في الأقصى”.
تشديدات وتضييقات خانقة وحواجز ومتاريس احتلالية تحد من وصول الناس الى المسجد الأقصى، فكان من المتوقع أن تكون أعداد المصلين أكبر من هذه الأعداد، فالأسبوع الأول من رمضان يشير الى أن الأقصى حزين” هذا ما قاله مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر كسواني، وأضاف:”بعد استشهاد الفتى أبو خضير شدّد الاحتلال الخناق على الأقصى، فبدلا من معاقبة المستوطنين، قام بفرض حصار على القدس والأقصى خوفًا من ردة فعل الناس على هذه الجريمة النكراء”،أما بالنسبة لصلاة التراويح فقال الشيخ عمر الكسواني:” صلاة التراويح قائمة،لكن الأقصى حزين لأنه غير ممتلئ بالمصلين والصائمين الذين يفطرون كل يوم في المسجد الأقصى “.
سنواصل شد الرحال الى الأقصى:
وبالرغم من هذه التضييقات الاحتلالية فإن جميع من التقيناهم أكدوا أنهم سيواصلون شدّ الرحال الى المسجد الأقصى، وبهذه المناسبة فما زالت “مؤسسة الأقصى” تدعو أهلنا في القدس والداخل الفلسطيني والضفة الغربية من تكثيف شدّ الرحال الى المسجد الأقصى، على أمل أن نلتقي جميعاً في الأيام او الجمعة القريبة في المسجد الأقصى، وقد ازدحم بجموع المصلين.
مؤسسة الأقصى: محمود أبو عطا، أنس غنايم