فإن تهدموا بالغدر داري
تاريخ النشر: 13/07/14 | 9:13لن أكتب، هذه المرّة، شيئا من عندي. فقط أرغب في إيراد مقتبَسَيْن يتناولان كلاهما هدم البيت: واحد قديم للشاعر سعد بن ناشب، من كتاب “الحماسة، يحمل القيم القديمة في عصره طبعا. والثاني للشاعر سالم جبران – نعم، أخي طيّب الذكر سالم – وقيمه معاصرة كلّها طبعا. لكنّ المقتبسين مع ذلك يحملان “الحسرة” ذاتها على ضياع البيت، العشّ العائلي، وقد نُسف فتطايرت أحجاره في الفضاء!
قال سعد بن ناشب، وهو “شاعر إسلامي في الدولة المروانية[…] هدم بلال بن أبي بردة داره بالبصرة وحرقها، وقيل إن الحجاج هو الذي هدم داره” [كتاب الحماسة، تصوير بئير أوفست، حيفا، د. ت، الجزء الأول، ص.24 – 25]:
سأغسل عني العارَ بالسيف جالبا ….. عليّ قضاءُ الله ما كان جالبا
وأذهل عن داري وأجعل هدمها ….. لِعِرضيَ من باقي المذمّة حاجبا
ويصغر في عيني تِلادي إذا انثنتْ ….. يميني بإدراك الذي كنتُ طالبا
فإن تهدموا بالغدر داري فإنّها ….. تراثُ كريم لا يبالي العواقبا
أخي غمرات لا يريد على الذي ….. يهمّ به من مُفجع الأمر صاحبا
إذا همّ لم تُردعْ عزيمة همّه ….. ولم يأتِ ما يأتي من الأمر هائبا
فيا لَرزام ٍ رشّحوا بي مقدّما ….. إلى الموت خوّاضا إليه الكتائبا
إذا همّ ألقى بين عينيه عزمه ….. ونكّب عن ذكر العواقب جانبا
ولم يستشرْ في رأيه غير نفسه ….. ولم يرضَ إلا قائمَ السيف صاحبا
——————————–
سالم جبران، قصيدة “المعركة” [الأعمال الشعريّة الكاملة، حيفا، 2012، ص. 22 – 23]:
غيْمُ الغبار في الفضاء.. والشررْ / ويوسفٌ محتجزٌ / بين الجنود، تستبيحه الذكرْ.. / أنا..أنا بنيتُهُ / بعت لكي أقيمه الماعز والبقرْ / أحجاره..أنا بنفسي كلّها قطعتُها / قطعتها.. حجرْ.. حجرْ! / وعندما جاء من الرامة بنّاء لكي يبنيَهُ / رفعته إليه للسّقالهْ / رفعته، حجرْ.. حجرْ!
يا ناس! يا إله! هل يُهدم في هنيهةٍ / كأنّهُ زحاجةٌ.. / أو بيضة فتنكسرْ؟! / نُفّذت الخطّة.. / والعسكر عاد مسرعًا / وهو يغنّي أغنيات المجد والظفرْ / ويوسفٌ / يكفكف الدموع من عينيْ وحيده عُمرْ / ويستغيث.. ثم ينكبُّ على زوجته/ يريد أن يسكتها / وهو يكاد من أساه ينفجرْ!
يا شعب إسرائيلَ.. بوليسكم / عاد.. اخرجوا، حالا، إلى ساحاتكم / واستقبلوه.. إنّه / قد حطّم العدوّ..
وانتصرْ!
سليمان جبران