الإعلام العربي ورمضان يجمعنا
تاريخ النشر: 15/07/14 | 12:00“رمضان يجمعنا”… عبارة تختم بها القنوات الفضائية العربية حملتها الترويجية لبرامجها في رمضان، وكأن هذا الشهر الفضيل موعد لجمع المشاهدين وحشد الجماهير للفضيلة والعبادة التي ينتظرها المسلمون، ويا ليته كذلك!!
هذا الإعلام لا تنشط برامجه البذيئة، ومشاهد الفحش على شاشاته إلا في رمضان: إعداداً، وتنسيقاً، وتخطيطاً، وبذلاً للأموال، وحشداً للطاقات من أجل التنافس على كسب الجمهور، وتوسيع دائرة المشاهدين، وجذب المعلنين بطريقة تتعارض مع خلق المسلم في رمضان.
من كان قبلنا يترك العلم ويتفرغ للصلاة وقراءة القرآن، وهذا الإعلام يكرس طاقاته ليصد المسلمين عن ذكر الله وعن الصلاة. من كان قبلنا يجتهد في رمضان، وإذا انسلخ تركوا ما كانوا عليه من اجتهادهم في الطاعة والعبادة فجاءهم التقريع والتوبيخ والتأنيب: (بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان)، فكيف بمن يجتهد في المعصية، ويوسّع دائرة الإثم في رمضان؟ هل يكفي التقريع والتوبيخ بمفردة الذم (بئس)، أم يُؤخذ على أيديهم، وتُكمّم أفواههم، ويُقطع دابر برامجهم جزاءً وفاقاً؟!
إن المشاهد هو قطب الرحى في العملية الإعلامية، فإليه تتوجّه الوسيلة الإعلامية ببرامجها، وإليه يتوجّه المعلن برسالته الدعائية عن سلعته ومنتجه، وهذا المعلن هو المموّل لبرامج الإعلام، وعليه أن يقول كلمته الفصل في هذه المأساة الإعلامية التي تتكرر كلما جاء رمضان، عليه أن يتعامل مع الرسالة الإعلامية بطريقة ترقى إلى هويته واحترام دينه وعقيدته، وألاّ يكون مشاهداً سلبياً يستهلك كل ما تقذف به الآلة الإعلامية من برامج رديئة، تقدح في المعتقد، وتنتقص المروءة وتثلم الخلق.
إعلام اليوم حر لا يخضع لرقابة دولة أو سلطة حكومة، لكنه بالتأكيد يتأثر بتفاعل المشاهد معه، وحتى يحدث المشاهد التأثير المطلوب على توجهات الوسيلة الإعلامية وبخاصة في رمضان عليه أن يتعامل مع هذه الوسيلة بوعي ومسؤولية، وله في ذلك طرائق شتى، أهمها:
إعلان المقاطعة، والمشاركة في الجهود الرامية لوقف التشويه الفكري لثقافتنا، أو التعريض بالمسّلمات في ديننا، أو تكريس العهر والفجور في مجتمعاتنا.
وإن من ملامح ضعفنا وانهزامنا الحضاري أننا أفراداً أو جماعات لم نعد نملك القدرة على الفعل رفضاً أو تأييداً، واكتفينا بممارسة “الفرجة” أو في أحسن الحالات ممارسة فعل التأفّف أو الامتعاض، لكن التحدي الإعلامي الذي يحاصرنا اليوم وتزداد وتيرته في رمضان لا مكان فيه للمتفرجين.
لا فض فوك وسلم موقع بفجة على المقال