الإستفادة من العشر الأواخر من شهر رمضان
تاريخ النشر: 16/07/14 | 11:50ها نحن على أبواب العشر الأواخر من شهر رمضان، على أبواب ثلث “العتق من النار”، وهي الفرصة المتبقية أمام من يريد أن يدرك من فضل هذا الشهر الكريم قبل أن يودع منصرفًا.
وإذا أردنا الحديث عن كيفية الاستفادة من هذه العشر، فيمكننا تقديم بعض الأمور الهامة، والتي تصلح أن تكون نواة لمن أحب أن يزيد عليها:
1- اجتهاد الفرد في العبادة:
بالذكر، والصلاة، وقراءة القرآن، وسائر العبادات المشروعة.. فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي تصف عبادة النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر، تقول: (إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيى ليله، وأيقظ أهله) رواه البخاري ومسلم؛ وفي رواية مسلم: (كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)، و(شد المئزر) كناية عن الجد والتشمير في العبادة، وقيل: كناية عن اعتزال النساء.
والمطلوب حرص جميع أفراد الأسرة على العبادة، وعلى رب الأسرة أن يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصًا على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة، وتعويدًا للصغار على أعمال هذه الأوقات الفضيلة؛ قال الإمام سفيان الثوري: “أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد العبد بالليل ويجتهد فيه ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك).
2- الحرص على صلاة الجماعة:
وهو أمرٌ مطلوب في كل وقت، في رمضان وغيره؛ وفي رمضان يضاف إلى الصلاة المفروضة صلاة التراويح، فلنحرص أن نصليها وراء الإمام حتى ينصرف ليحصل لنا قيام ليلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة).
3- تحري ليلة القدر:
قال الله تعالى: (ليلة القدر خيرٌ من ألف شهرٍ)، ومقدارها بالسنين 83 سنة و4 أشهر، قال الإمام النخعي رحمه الله: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر، قال صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًاً غفر ما تقدم من ذنبه) متفق عليه، و”إيمانًا” أي إيمانًا بالله وتصديقًا بما رتب على قيامها من الثواب، و”احتسابًا” للأجر والثواب.
وهذه الليلة –على أغلب الظن- في وتر العشر الأواخر لقوله صلى الله عليه وسلم: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) رواه البخاري، قال العلماء: “الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها, بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها”، قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: “الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة”، ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسنًا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءةً مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوّذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر.
وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلّم: “أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟” قال: (قولي: اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعف عني)، والعفوّ من أسماء الله تعالى، وهو المتجاوز عن سيئات عباده الماحي لآثارها عنهم، وعفوه أحب إليه من عقوبته، وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يدعو فيقول: (أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك) رواه مسلم.
4- الاعتكاف في هذه العشر:
والاعتكاف هو: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى، وفي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده”، وقال الإمام أحمد: “لا أعلم عن أحد من العلماء خلافًا في أن الاعتكاف مسنون، والأفضل اعتكاف العشر جميعًا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل لكن لو اعتكف يومًا أو أقل أو أكثر جاز”.
ويشتغل المعتكف بالذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة, ومحاسبة النفس, والنظر فيما قدم لآخرته, وأن يجتنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا, ويقلل من الخلطة بالناس، قال ابن رجب الحنبلي: “ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس, حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن, بل الأفضل له الانفراد بنفسه والتحلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه، وهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية”.
5- إخراج زكاة الفطر:
استحب جماعة في عصرنا هذا التبكير في إخراجها لأن هذا يعين العاملين عليها من الجمعيات والمؤسسات على توزيعها في وقت مناسب لأصحاب الحقوق الشرعية فيها من الفقراء والمساكين، ليدخل السرور إلى بيوتهم وقلوبهم يوم العيد.
ادعوا بهذا الدعاء:
اللهم يا رحمن يا معلم القرآن يا خالق الإنسان ومعلمه البيان.. سبحانك يا رب لا بشيء من آلائك يا رب نكذب.. فلك الحمد كله.. ولك الشكر كله.. وبيدك الخير كله.. واليك يرجع الأمر كله.. علانيته وسره.. انك على كل شيء قدير.. إنك على ما تشاء قدير.
اللهم يا غنى يا حميد.. أغننا بحلالك عن حرامك.. وبطاعتك عن معصيتك.. وبفضلك وجودك وكرمك عمن سواك.
اللهم من عمل على عزة الإسلام والمسلمين فأعزه.. ومن عمل على ذلة الإسلام والمسلمين فأذله.
اللهم أذله في الدنيا والآخرة بقوتك وجبروتك يا جبار.
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين وفى الآخرين.. وفى كل وقت وحين.. وفى الملأ الأعلى إلى يوم الدين.
اللهم أرزقنا شفاعته.. وأوردنا حوضه.. ولا تحرمنا زيارته.. واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً.
اللهم يا قاضى الحاجات ويا مجيب الدعوات اقض حوائجنا وحوائج السائلين.
يا من أنزلت القرآن الكريم في ليلة القدر.. أكرمنا في هذه الليلة المباركة.. وألطف بنا في هذه الليلة المباركة.. وأجرنا من النار في هذه الليلة المباركة.. وانصرنا على القوم الكافرين ببركة هذه الليلة المباركة.
يا أرحم الراحمين يا سامع الدعاء يا سامع الدعاء يا سامع الدعاء.. ما لنا سواك نرجوه.. ما لنا سواك ندعوه.. نسألك يا ربنا خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد (صلى الله عليه وسلم).. ونعوذ بك يا ربنا من شر ما أستعاذك منه عبدك ونبيك محمد (صلى الله عليه وسلم).