التعاون
تاريخ النشر: 21/07/14 | 9:37دخل العم وليد إلى حجرته لينام ، فهو يستعد لعمل شاق في اليوم التالي ، فقد طلبت منه مدرسة الحي مسرحية عن التعاون ، بحث وليد على النت عن مسرحية مناسبة للأطفال تتحدث عن التعاون واستأذن من صاحبها أن يؤديها ، ثم وضع نص المسرحية والعرائس التي ستؤدي الأدوار على المكتب وقرأ أذكار النوم ثم نام نوماً عميقاً.
كانت شخصيات العرائس عبارة عن طبيب وضابط وجامع قمامة وخادمة ومدرِّسة وفلاح، وكانوا ينتظرون نوم وليد ليبدءوا حواراً خاصاً بينهم بلغة العرائس.
فقال الطبيب : غداً سوف ألفت أنظار الأطفال في المسرحية بملابسي البيضاء الرائعة ومنظري الجميل والسماعة في أذني وأنا أجري الكشف على المرضى ، بالطبع سيصفقون لي كثيراً فدوري هو أهم الأدوار.
وهنا قالت المدرسة بغضب : أهم منك أيها الطبيب الماهر معلمتك التي تعلمت على يديها صغيراً . هل نسيت فضلي عليك؟
ثم صاح الضابط : وأهم منكما من يوفر لكما الأمان طوال الليل في الداخل ، ومن يحرسكم من الأعداء على الحدود هو وجنوده.
وسمعهم الفلاح فتدخل معترضاً : مهلاً يا سادة ؛ فكلكم تدركون أنكم بدوني لا تؤدون شيئاً ، ولولا عملي وتعبي لما وجدتم الطعام الذي تأكلونه.
فرد جامع القمامة : ولكنكم جميعاً تتأففون من قمامتكم وتضعونها في الصناديق أمام البيوت ، ولا يقوم على نظافة أحيائكم إلا أنا ، ولو تركت هذه المهمة لامتلأت بيوتكم بالأمراض الفتاكة ولما استطعتم العيش فيها.
وهنا قالت الخادمة: صدقت فإنهم ينسون أمثالنا الذين يعملون في صمت، ولا يظهرون في ثيابٍ ومظاهر براقة ، ولو أنني امتنعت عن خدمتهم للزموا بيوتهم وتعطلوا عن أعمالهم.
وانطلقت صيحات العرائس عالية تملأ المكان فأيقظت العم وليد الذي صاح فيهم ما شأنكم ؟ وما هذه الضوضاء التي تحدثونها ؟
فراح كل منهم يحكي عن ظيفته في الحياة وأهميتها ويتهم الآخرين بضعف دورهم.
وهنا صمت وليد طويلاً وهو ينظر إليهم حتى سكتوا ثم قال:
يا أحبابي ، كلكم على حق ، ولكل واحدٍ منكم دوره المهم في المجتمع ، وهناك وظائف أخرى كثيرة مهمة جداً لا يمكن للمجتمع أن يستغني عنها كالخباز والصيدلي والسائق والحلاق وعامل المجاري والنجار والسباك والمحاسب وغيرهم ، ولابد من تعاون كل هؤلاء جميعاً ليقوم المجتمع وينهض ويتقدم.
فقال الطبيب : ولكنا نتحدث عن أهم الأدوار في مسرحتك التي ستؤديها غداً ، أليس دور الطبيب هو الأهم ؟
ضحك العم وليد قائلاً : لا أيها المغرور، كل العرائس المشاركة في العرض مهمة، وبدونها لا تستطيع أنت على الإطلاق الصعود على مسرح العرائس ، فالتعاون شرط أساسي لنجاح العروض التي نقدمها.
فتبسم الطبيب معتذراً لبقية العرائس فقالت المدرسة : لا عليك فقد وقعنا في نفس الخطأ جميعاً، والحمد لله أن العم وليد بين لنا الصواب.
ثم أخذت العرائس تعانق بعضها بعضاَ ، فضمها العم وليد جميعاً إلى صدره وقبلها ووضعها على السرير وراح يستعد لصلاة الفجر.