قراءة في حالتنا الثقافية والأدبية
تاريخ النشر: 17/03/12 | 15:02يواجه المشهد الثقافي والأدبي المحلي، الراهن ازمة اصالة وضحالة وفيض كمي من النتاج الأدبي الغث والسطحي والهزيل، الذي يحد من الطموح للوصول الى الأرقى.هنالك بلبلة واضطراب وزعزعة للثوابت والبديهيات وحالة من الأنهيار وألانحلال الأخلاقي الثقافي والتجاوزات الأنتهازية، التي اربكت القوى والأوساط الادبية والثقافية والفكرية النيّرة والخيّرة الحريصة على سلامة وعافية الأدب والثقافة العربية الفلسطينية.هذا عدا عن انتشار نزعات التقديس وعشق الذات النرجسية، وتعمق الحساسيات بين الأدباء والشعراء، فلا احد يحب الاّخر ويتحدثون عن بعض في الخفاء.وكذلك عدم قبول الرموز الادبية والابقار المقدسة للنقد الصريح والموضوعي المنهجي الصادق، وطغيان التحزب والأخضاع القسري للبنى القبلية، وتشويه المعايير الادبية ،واحتكار عباءة الشعر، واشاعة الفوضى على مستوى الأفراد والجماعات.والانكى من ذلك نمو الفطريات الادبية الطفيلية على ضفاف النشاط النقدي، ظاهرة النقد بالاستكتاب، بالاضافة الى تراجع الدور الحقيقي والطليعي الرسولي للادباء والمثقفين في العملية الانتاجية الابداعية، وغياب الخطاب الثقافي المادي الجدلي والحضاري نتيجة تغلب الاقليمية على الثقافة .كما غدا اللهاث وراء الالقاب والاسماء وشهادات واوسمة الشرف والربح المادي الارتزاقي، هو الهاجس الاساسي والأهم لدى الكثيرين من العاملين في حقل الابداع الثقافي والادبي.
لقد شهدت حياتنا الثقافية في فترات سابقة ظهور العديد من اتحادات وروابط ومنتديات الكتاب والادباء ،وكان هناك تنافس كبير بينها لضم عدد اكبر من الذين يتعاطون الكتابة الادبية الى صفوفها والانضواء تحت خيمتها.وهذه الروابط والاتحادات ساهمت بشكل او باّخر في تنشيط الحياة الادبية في الداخل الفلسطيني، وتمّ تحقيق الانجاز الوحدوي بتشكيل واقامة الاتحاد العام للكتاب والادباء الفلسطينيين، الذي تكون من اتحاد الكتاب ورابطة الادباء، ولكن للاسف ان هذا الاتحاد غاب عن الوجود بعد احتضاره، ولم يتبق منه سوى الذكرى.وقبل اشهر قرانا في الصحف ومواقع الانترنت عن تنظيم ادبي وهمي تتراسه شخصية ادبية معروفة، ولم يقم باي نشاط ادبي وثقافي يذكر في الوسط الادبي العربي سوى كتابة نشاطات وزيارات رئيسه الى خارج البلاد.
ان حياتنا الثقافية والادبية تحتاج الى اتحاد ادبي حقيقي وفاعل ونشيط، يعمل ليلاً ونهاراً بالتعاون مع كل الاطياف والاطراف الواعية والمستنيرة، في سبيل تطور ادبنا وثقافتنا وتفعيل حركتنا الادبية، واعادة الاصالة والرصانة الى ادبنا، وتعميق النقاش حول همومنا واوضاعنا الادبية والثقافية والسياسية والفكرية، وليس الى المزيد من الاتحادات الادبية الشكلية والصورية والوهمية.
ومن نافل القول في النهاية، انه ازاء الاوضاع الادبية والثقافية الراهنة يتوجب على جميع المبدعين ومتعاطي الثقافة والادب في وطننا الجميل، العمل بجدية ومثابرة ومسؤولية لاجل صياغة مشروع ثقافي وطني وحضاري وتنويري يتجاوب مع التطورات والتغيرات الحاصلة، ويحدد هويتنا الثقافية الكنعانية ويكرسها ويقف على ملامحها وسماتها ومضامينها، والاسهام في معركة الكلمة دفاعاً عن حرية الفكر والتعبير والابداع، وتأسيس البنية الدمقراطية الحقيقية، والقضاء على كل الظواهر السلبية المسيئة والاوبئة الثقافية التي تغلغلت في جسدنا الادبي وفي صميم ثقافتنا، والارتقاء بانتاجنا الادبي الملتزم المغاير وبحركتنا الادبية الابداعية، وتهيئة مناخ ثقافي تعددي ودمقراطي يحترم حرية الاختلاف، وتشديد النضال والكفاح ضد ثقافة العولمة الاستهلاكية الوافدة الينا.