علمي ولدك أن يعترف بخطئه
تاريخ النشر: 23/07/14 | 9:41يقف مندهشاً أمام غرضٍ ثمينٍ أوقعه بعدما منعته أمه مراراً عن لمسه. يعقد حاجبيه، يبكي أحياناً ويستنجد بالجدّة أحياناً أخرى. لقد أخطأ. إنما هل يدرك خطأه؟ سؤال لطالما طرحته الأمهات ولم تجدن الجواب المناسب. فالولد يجب أن يدرك أفعاله وأن يعتذر عن أخطائه أيضاً. إنما كيف؟
لا شك أن بعض الأولاد يستنجدون بكلمة “عذراً” كسبيلٍ للهروب من العقاب، فيما يمتنع البعض الآخر عن لفظ تلك الكلمة على اعتبار أنهم لم يكتسبوها منذ الصغر. في الدرجة الأولى، عليك أن تبادري الى نقل مفهوم الاعتذار إلى ولدك حتى يفهمه جيداً ولا يلتقطه كمجرد كلمة “سحرية” تنقذه من المواقف الحرجة وتجنّبه العقاب وتجعله غير قادر على تحمّل مسؤولياته في المستقبل.
متى يتوجّب على ولدك أن يستخدم كلمة “عذراً”؟ لمَ عليه أن يعتذر الآن وليس فيما بعد؟ ما الذي يعنيه هذا الاعتذار وهل تعلّم فعلاً من أخطائه؟ أسئلة لا بدّ من الإجابة عنها لإلقاء الضوء على أبرز الخطوات التي يجب أن تعتمدها الأمّ بهدف تعليم أولادها أن يكونوا صالحين في مجتمعٍ تكثر فيه المشاكل والمسؤوليات بهدف تنشئة جيل مثقف ومدرك لكافة خطواته.
خطوات بديهية
– تكمن الخطوة الأولى في دفع الولد الى إدراك مسؤولية أفعاله والاعتراف بها، أي عندما يوقع طبقاً على الأرض بدلاً من أن يصرخ “لقد وقع بمفرده”، إدفعيه إلى أن يعترف قائلاً: “لقد أوقعته عن غير قصد”، فإن لم يكن قادراً على الاعتراف بخطئه، لن يتمكن من الاعتذار عنه وبالتالي سوف يصعب عليه تخطي المصاعب التي ستعترض طريقه في المستقبل وسيضطر الى الهروب منها دوماً.
إذاً علمي ولدك الأمور البديهية من خلال مساعدته على إدراك أنّ ما يفعله أو يقوله ذو تأثيرٍ على محيطه، فإذا ما جرح الآخرين، سيبتعدون عنه أما في حال اعترف بخطئه فسوف يكتسب الأصدقاء.
– في المرحلة الثانية، عليك ألا ترغمي ولدك على قول كلمة “عذراً”، كي لا يظن أن الكلمة هي الأساس غير آبهٍ لما يرافقها من هدفٍ جوهريّ ألا وهو إدراك الخطأ. إذا شعرت أنه يأسف على ما فعل، لا تصرّي على سماعه ينطق بكلمة “عذراً” بل أشعريه أنك مستاءة منه بسبب مل فعل.
لغة الإعتذار
يبدأ الطفل بإدراك مفهوم الإعتذار في السنة الثانية من عمره، وعليه مع الوقت أن يتعلّم لغات الإعتذار ويطلب السماح ويعد بعدم تكرار فعلته. طبعاً الأمر سيتطلب بعض الوقت، وهو لن يكون قادراً على إدراكها كلها قبل السنة السادسة من عمره.
– اسعي لتحويل الكلمة الى فعل في بعض الأحيان، أي علمي ولدك سبل التعبير عن الأسف بطرق متشعبة، بهدف التخفيف من استياء الشخص الآخر، من خلال تقديم باقة ورد أو قطعة شوكولا أو المبادرة إلى العناق تعبيراً عن محبته للشخص الذي أساء إليه. وبالتالي سيلاحظ الفرق ما بين حركةٍ تولّد انزعاجاً وعبوساً، وبين حركةٍ أخرى تولّد ابتسامةً وسعادة. ويبقى الأهم، أن يكون ذلك مصحوباً بمبادرةٍ منه لتصحيح الخطأ.
الأهل… مدرسة
– غالباً ما يظن الأهل أنهم غير مضطرين الى الاعتذار من أولادهم، إلا أن الواقع مغاير تماماً، إذ إنهم يدينون باعتذار لأولادهم أيضاً في حال أخطأوا معهم لأنهم يشكلون المثل الأعلى لهم. وبالتالي إذا لم يعترف الأهل بالخطأ فهذا الأمر قد يبعد الأولاد عنهم في الأوقات الصعبة.
الأهل مدرسة يكتسب منها الأولاد المعرفة بالتقليد؛ فإن بادر الأهل إلى الاعتذار عندما يخطئوا، حذى أولادهم حذوهم، مقلّدينهم وساعين إلى السير على خطاهم.
– في حال تشاجر ابنك مع الآخرين، لا تتدخلي بهدف تصحيح الأمر وإنهاء الخلاف بل اتركيه ليتحمل مسؤولية أفعاله. في حال تشاجر مع صديقه وأوقعه أرضاً على سبيل المثال، قولي لهما: “أليس لديكما شيئاً ما تقولانه لبعضكما البعض” والتزمي الصمت حتى يعتذرا لبعضهما البعض ثمّ ادفعيهما ليتعانقا. دعي المبادرة تصدر عنهما لا عنك.
– عندما يعترف ابنك بخطئه ويعتذر عنه، عليكِ أن تكافئيه وتشجعيه، فهي وسيلة تعليمية جيدة تأتي بنتائج مذهلة. دعيه يشعر بأهمية الخطوة التي قام بها، فتدفعينه بذلك الى تكرارها كلما وقع في فخها.