الوطنيّة والقوميّة بالعمل لا بالشعارات!

تاريخ النشر: 25/03/12 | 7:48

كثيرًا ما نلتقي بأُناس من أبناء شعبنا يتبجّحون بالوطنيّة والقوميّة، ويردّدون الشعارات الطنّانة الناريّة، ويمارسون أفعالا وفعاليات استعراضيّة … يفعلون كلَّ ذلك معتقدين أنّهم حماة الوطنيّة ورعاة القوميّة!

ولكن، ومع الأسف، الوطنيّة والقوميّة المنشودة هي عملٌ صادق، وتخطيط مدروس، وليست شعارات برّاقة، ولا أوهام خياليّة!

في اعتقادي:

– كلّ أب يكدّ ويشقى ليوفّر الحياة الآمنة الكريمة الشريفة لأسرته، ويحرص على بناء جسور من المحبّة والتفاهم بين جميع أفراد العائلة؛ مثل ذلك الأب هو وطنيّ وقوميّ من الدرجة الأولى!

– كلّ أمّ تسهر وترعى أبناءها وتربّيهم على قيم الخير والعدل والاستقامة والبرّ والاعتماد على النفس.. مثلُ تلك الأمّ هي وطنيّة قوميّة بلا مراء!

– كلّ عامل يعمل في موقعه – سواء في الحقل، أو في المصنع أو في أيّة ورشة… – ، ويؤدّي ذلك العمل بإخلاص وإتقان؛ مثل ذلك العامل هو وطنيّ قوميّ بكلّ جدارة!

– كلّ متعلّم أو مثقّف يقوم بعمله بتفانٍ وكفاءة في المكتب أو في المؤسسة أو في … ويعتبر عمله واجبًا ورسالة لمجتمعه ولشعبه؛ مثل ذلك المتعلّم/المثقّف وطنيّ قوميّ يستحقّ كلّ التقدير والاحترام!

– كلّ مبدع فنّان – وفي جميع مجالات الإبداع والفنّ – يُعطي من عصارة روحه وفكره ليجعل الحياة أجمل، والناس أكثر وعيًا وانتماءً وحبورًا، مثل ذلك الفنان هو وطنيّ قوميّ حتّى ولو تجاهله الحاقدون!

– كلّ قياديّ أو سياسيّ حباه الله بشخصيّة مميزة، وعمل على صقل تلك الشخصيّة بالمعرفة والخبرة، وحافظ على علاقة وطيدة مع جماهير شعبه، وآمن أنّ مكانته وشعبيته تكتسبان بمدى خدمته الصادقة المخلصة لقضايا مجتمعه وشعبه، ولا “تُشتريان” بالوراثة وبالصفقات المشبوهة .. ؛مثل ذلك القيادي السياسيّ وطنيّ قوميّ وأهلٌ لثقة الناس!

– كلّ طالبِ علم يُقبل على التعلّم والدراسة بمحبّة ورغبة وتعطّش لاكتساب المزيد من المعارف والقيم والمهارات العقليّة والعاطفيّة والعمليّة، ويسعى ليمتلك ملكة التفكير الناقد والمسئوليّة، ويبادل المعلمين الاحترام؛ مثل ذلك الطالبِ وطنيّ قوميّ بلا جدال!

– باختصار، كلّ مواطن في المجتمع، مهما كان موقعه، ومهما كان عمله أو نشاطه، ومهما كان عمره …، كلّ مواطن يمارس حقوقه وواجباته بوعي وبإخلاص وبحكمة؛ مثل ذلك المواطن وطنيّ وقوميّ بكلّ المعايير!

أمّا من يردّدون الشعارات الجميلة المُبهرة – وقد “تتحدّث” عن الوطنيّة والقوميّة – ولا يجسّدون تلك الشعارات بالرؤيا الشاملة المدروسة، وبالفكر الواعي السليم، وبالعمل المخلص المتقن، وبالنيّة الصادقة الخيّرة؛ مثلُ أولئك الأشخاص – الوطنيّة والقوميّة منهم براء!

‫16 تعليقات

  1. تحية كبيرة للاستاذ الدكتور محمود ابو فنه . كلام في غاية الروعه فانت تجود علينا دائما بأحلى وأعذب الكلام . حبذا لو نتخذ نهج ما ذكرته في مقالتك لكنا بألف ألف خير . بانتظار المزيد من نشر ادبك الرائع!

  2. ثقافتنا العربيه المعاصره زاخره بهذه النمطيات المبتذله! يتم اعتماد هذه المفاهيم على عواهنها بلا مقياس ودون معيار… باتت الوطنيه في ايامنا هذه تعويذه وايقونه يخفي البعض من خلالها عيوبه. دامت كلماتك حره صافيه ونقيه من شوائب الزمن ووزر المتغيرات.

  3. يا صديقنا، كلامك حق، وهو يدخل في صميم الدين كذلك، ولكن،
    ألا توافقني أن الوطنية أيَضا وأولاً هي قولة حق أمام سلطان جائر؟؟
    هي أن تكون رجلاً في وقت التقاعس؟؟
    هي أن تكتب أو تخطب أو تشارك في محافل لها هدف سياسي أساسي هو نبذ الظلم والاضطهاد، وحماية كل ما تحدثت عنه من سلوكيات تجدر بكل غيور على دينه أو قوميته أو مجتمعه؟!
    وتوافقني يا أيها اللغوي أن القومية تختلف عن الوطنية، فالمصطلحان بحاجة إلى تعمق واستقصاء حيث يلتقيان في أمور، ويبتعدان في أخرى، من هنا فالأصح أن نقول: القومية والوطنية المنشودتان، وأظنك توافقني وأنت استاذ العربية.

  4. مما يقتضي التنويه: اوافق ابو احمد بان هناك ثمة فروق بين الوطنيه وبين القوميه واحيانا التمييزات بينهما جدا دقيقه…باعتقادي ان القوميه هي انتماء لجماعة ما ذات خصائص فكريه ثقافيه, لغويه وتربويه..القوميه تصلح عنوانا للانتماء والاستدلال والتشخيص… عندما يتم استثمار القوميه او اعتمادها ايديولوجيا عندها ستتحول على الفور لفكر عنصري بغيض على غرار الفاشيه والنازيه, وعندها تتحول القوميه لمذمه . هناك لغط كبير في استخدام هذه المفاهيم في لغتنا وحديثنا احيانا دون تشخيص الفرق والدلالات. اعتقد ان استاذنا يعتمد بكتاباته اسلوب سهل ويسير على الفهم ويخاطب الناس, جميع الناس بقدر عقولهم ووفق ألمألوف والمتعارف عليه بان القوميه والوطنيه وجهان لعمله واحده متوازيتان في اللفظ والمعنى.. يفعل هذا برؤيه نقديه صامته وهو يعي الفرق الجوهري بين المفهومين, محفزا بذلك القارئ الذكي حاد الحواس تشخيص الفرق الكامن بين هذه المفاهيم.
    اخي ابا احمد: القوميه لا تصلح بان تكون منشوده, ما معنى ان “ننشد” القوميه؟ ان نتمناها مثلا؟ ان نثبتها في قالب ايديولوجي؟ القوميه هي انتماء ومعطى لا غير.

  5. أحيّي من القلب جميع المعقّبين:( أبو جلاء،وسيم، أبو أحمد، الواعي، أمّ السعيد)، وأعتزّ بالمعقّب أبن صديقي الحميم إبراهيم وشاحي -“وسيم”!
    بخصوص المصطلحَيْن: الوطنيّة والقوميّة – الوطنيّة هي الانتماء للوطن/ البلد، والقوميّة هي انتماء أوسع وأشمل من الانتماء الاقليميّ!
    أرجو من المعقبين قراءة النص بعد إضافة ما كان محذوفًا بالطباعة!
    مودّتي الخالصة للجميع
    د. محمود أبو فنه

  6. أعجبني النقاش، وأرجو أن ينتبه الأخ وسيم إلى أنني لم أستخدم ( المنشودة)، بل هو الدكتور أبو سامي، وأنا عندما استخدمت العبارة أردت أن أنبهه وهو اللغوي أن الصحيح في اللغة (المنشودتان) وذكرت ذلك بأسلوب لطيف، مذكرًا إياه أنك تتحدث عن موضوعين لا موضوع فمن حقهما التثنية، فاقرأ معي ما كتب:
    “ولكن، ومع الأسف، الوطنيّة والقوميّة المنشودة هي عملٌ صادق، ….”
    وجل من لا يسهو!
    فلا تتعجل أخي وسيم بحكمك!

  7. اقتبسك عمي ابواحمد: جل من لا يسهو…طوبى لهذا السهو..فقد خلق لنا ديناميكيات ومنّ علينا بنقاش سديد..
    متعك الله بالسعاده وسلامي للدكتور محمود

  8. ابواحمد..هناك مقال للدكتور محمود: “ايام كنا ننام بامان” جدير بالقراءه… ننتظر تعقيبك عليه

  9. للمعقّب العزيز “أبو أحمد”
    احترم آراءك ومواقفك ودقة ملاحظتك!
    أعتقد وقع خطأ في الطباعة، وكان الصواب أن يُكتب:
    الوطنيّة (أو)القوميّة – أي إضافة حرف الهمزة قبل الواو!
    كنتُ أفضّل أن أعرف الاسم الكامل لأبي أحمد!!
    تحيّاتي
    د. محمود أبو فنه

  10. صدقت يا د.محمود ، الوطنية هي الاخلاص في تربية الابناء والعمل باخلاص.
    امثالك قليلون، كلك وعي وانسانية وثقافة.

  11. تحية مباركةوبعد، فأنا من سخنين أعد للدكتوراة في جامعة اليرموك، وقد سبق أن شاركت في اجتماعاتك للغة العربية، ولكنك لا تعرفني. بارك الله في أخلاقك العالية، فقد أعجبت بمنطقك وصراحتك.
    عودة للموضوع:
    أوافق أن الألف من (او) الوطنية سقطت، ولكن لماذا (المنشودة ) فقط للثانية دون الأولى؟
    ألا يلاحظ أستاذنا أن هناك قلقلة في مبنى الجملة وفي مفهوم الكلمتين أو المصطلحين- كما قال الأستاذ وسيم!

  12. الاستاذ ..
    بدون شك كلما نقرأ مقالك اكثر ونتمعن الكلمات المحذوفة نجد ان الوطني اصبحت مسخرة واستعمالها للتغطية فمثلا” تجار السلاح المهرب وما اكثر منه وسطنا عندما يحكم على حامله نقول فلان وطني الوطن بريء منه
    ابو احمد ما هو سر كثرة اصحاب الوظائف الرفيعة في كفر قرع وما علاقته في بيع الوطن والوطنية ؟
    عذرا” لم اريد الاساءة لاصاف المراكز وانما للتوضيح
    فمثلا” المفتشين في كفر قرع عددهم فاق نصف المفتشين العرب القاصلة السفراء القضاة الله يوفقهم هل هذا اليس من حبهم للعلم الناتج عن الوطنية
    باحترام بائعة الحب

  13. الى الدكتور ابو احمد
    اسعد الله اوقاتك واكثر امثالك

    من انا ؟ وانتقدك مقالك لكن يوجد اشياء تقلقني ربما عندك الاجابة يا خاطف القلوب

    تحويل يوم الارض عن مساره ليصبح عيد المسخرة
    اعلام فلسطين عندما يحملها المتظاهرون داخل الخط الاخضر ينقص من المعنى والحس الوطني وخاصة في كل مظاهرة سهولة استعمال كلمة فلسطين اذاب فلسطين
    المدير يتحدث عن الوطنية المفتش يكتب عن الوطنية القاضي العربي يكتب عن الوطنية كل هذا مسخت المعنى الحقيقي للوطن والوطنية

    مقالك ابو احمد ازعجني حتى تاجر المخدرات ومهرب السلاح يتحدث عن الوطنية فبربك هل بقي معنى للوطنية
    ارجو حل حيرتي وتريح (قلبي )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة