عليك السلام يا شهر الصيام
تاريخ النشر: 26/07/14 | 12:12ها نحن في آخر أيام شهر رمضان الفضيل، تنزِف أرواحُنا من خبر فراقه، ولكن ما سيأتي جميل أيضا، فبعد الحزن سرور، وبعد الضيق يسر، وبعد اليأس تفاؤلٌ وأمل، فها نحن على أبواب عيد الفطر المبارك، الذي يحلُّ كضيفٍ يبثُّ روح الفرح لدى جميع المسلمين وينزل على فقيرهم بريق الأمل بزكاة الفطر وعلى غنيّهم بشعور الرضا بزكاته التي فرضها الله على المقتدرين من المسلمين ليتزّكوا ..
وقبل أن يودعنا رمضان، أرسل لنا في طيات عباداته رسالة، مضمونها دعوة تنهانا عن أن نكون مثل امرأة مجنونة كانت بمكة، اسمها ريطة بنت سعد، كانت تغزل طول يومها غزلاً قويًا محكما ثم تنقضه أنكاثا، أي: تفسده بعد إحكامه، فقال تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمْ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) “النحل: 92”.
ومعنى: (تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ)، أي: تعاهدون قوما على أن تكونوا معهم، وهذا العهد خديعة، فإذا وجدتم أمة أربى منهم -أي: أكثر وأعز- غدرتم بعهد الأولين وعاهدتم الآخرين.
وكذا حال الكثير من المسلمين بمجرد انتهاء شهر رمضان، سرعان ما يعود إلى المعاصي والذنوب، فهو طوال الشهر في صلاة وصيام وقيام وخشوع وبكاء ودعاء وتضرع، وهو بهذا قد أحسن غزل عباداته… لدرجة أن أحدنا يتمنى أن يقبضه الله على تلك الحالة التي هو فيها من كثرة ما يجد من لذة العبادة والطاعة، ولكنه ينقض كل هذا الغزل بعد مغرب آخر يوم في رمضان ..
فاسألوا الله الثبات وكونوا ربانيين، فالصلاة شرعها الله في رمضان وسائر العام، و القيام شرعه الله في رمضان وسائر العام، والصدقة شرعها الله في رمضان وسائر العام… وكلّ الطاعات بما فيها صيام الفرض في رمضان ..
وليكن رمضان انطلاقة جديدة، وموسمُ تغيير حقيقي للنفس يدفعها نحو الأفضل طوال العام.