على وسادة طفولتي…
تاريخ النشر: 28/03/12 | 9:28أذكر تلك اللحظات والذكريات التي قضيتها . كانت الاجمل في كل حياتي ,كيف لا تكون كذلك؟وملاك على هيئة بشر أضفى الالوان والبريق بلمساته الساحرة عليها.أحبني وكأنني ابنته التي لم يلدها حتى أنه وهبني أغلى ما في الوجود فهو الذي أطلق علي الحنين ,وحين أنجبتني امي لهذه الحياة أول عبارة وقعت على مسامعي :”الله أكبر…لا اله الا الله”من أعذب فم وأطيب لسان.حملني بين يديه وقبل جبيني وهمس بأذني أجمل الكلمات تلك…ثم سماني حنين ,حقا ممتنة له أنا…ولست على …علم ان كانت كلماتي البسيطة هذه تعبر له عن مدى شوقي وحنيني ولوعي ولهفتي اليه.
هكذا عزيزي غادرت الدنيا من غير أن تقول:”الى اللقاء “.
لا أزال أتذكر أنامل يديك وهي تسرح لي خصل شعري,وتداعبني .وأحتضن لعبتي التي أهديتني اياها في ذكرى عيد ميلادي الثامن والاخير بالنسبة الي.وأنظر الى هاتان الصورتان ,الاولى وأنت تحملني بين يديك وتحتضنني يوم ولادتي والاخرى والضحكة تنير وجنتينا ونحن جالسان على سفرة الطعام في احدى المطاعم.أتذكر عزيزي ؟؟؟؟حين كنت تضع اللقمة بيدك الناعمة في فمي الصغير ..أين هي يديك الان؟؟أتوق اشتياقا لتقبيلها…
لم أرى حقيقة تلك الصورة الا بعد وفاتك بسبع سنوات فقط وجدتها معلقة على حائط غرفتك فوق سريرك.وضحكت وقلت لجدتي والحسرة تكوي قلبي:”انا وحبيبي”..
أشعر بطمئنية وأمان حين أدخل الى غرفتك وأرى كتبك وألمسها ..ألمس موضع يديك
عزيزي أشكرك على هديتك هذه فلن أنساها طول حياتي فأنت ذكرتني في وصيتك وأهديتني أغلى ما تملك من بعدي (حاسوبك الخاص)..أنا الان أجيد العمل عليه بشكل جيد طبعا كما علمتني انت…
أذكر عزيزي حين كنت تصطحبني الى المكتب الخاص بك وتطلعني على الخرائط وتحملني وتضعني وفوق الطاولة..وتقول لي :”حنين حبيبتي ستصبح مهندسة كبيرة حين تكبر”.
ألتمسك عذرا لاني لم أوفي بعهدي لك ولم أدرس الهندسة بل درست الادب وأصبحت كاتبة وباذن الله سأحقق حلمي وأصبح صحفية كما علمتني أن لا أتخلى عن حلمي وأسعى لتحقيقه.
أتذكر؟؟؟أنت من علمني الاحرف الابجدية التي أصبحت فيما بعد مع مر الدهر والزمن كلمات تنساب بين شفتي ثم جمل وعبارات يخطها قلمي الان بحبر على ورق..
عزيزي أكتب الان والشوق والحنين يقتلني للقياك ..أكتب بكلمات ممزوجة بالدموع التي سالت من عيني وسقطت قطرات منها على الورق .
يعجز قلمي وتعجز أصابع يدي عن تحريكه لتصف لك وجدي بعد وقع خبر وفاتك علي كالصاعقة التي ضربت برأسي 11102001 لم أصدق ما سمعته بالمسجد …ما هذا؟؟؟
:”انتقل الى رحمته تعالى المرحوم نائل عبد الرازق عسلي”
لماذا يقولون اسمك بالمسجد؟؟؟؟؟
ما الذي جرى؟؟؟؟؟لماذا امي تبكي؟؟؟؟؟
لماذا أنا لست ببيتنا؟؟؟
لم يعجبني هذا الوضع القائم …شعرت بأنني لن ألقاك مرة أخرى وأن شيئا غريب قد حدث فسألت زوجة عمي ماذا حدث؟؟
أجابتني قائلة وفمها يرتجف وهي تعلم ماذا يعني بالنسبة الي :”لا شيئ”.
نظرت لعمي وقال :”انتقل لرحمته تعالى..”
لم يستطع عقلي الصغير حينذاك أن يدرك معنى الموت..وما معني تلك العبارة.
وقلت:”كاذبون لالالالالالالا”ثم سقطت أرضا وأجهشت بالبكاء المرير ..
وأنا على أمل أنه سيأتي وسيطرق الباب بعد قليل..وكنت لعوده في انتظار ولكن الباب ما قرعته غير الرياح..
الباب ما قرعته كفك
تبا لهم لم يسمحوا لي بوداعك الاخير .
ولكنهم أخذوني الى بيت جدي ولكن بعد فوات الاوان بعد أن وسدوك بالتراب ..وتركوك وحيد خلف سور من الحجارة لا باب أدقه أو نوافذ اطرقها.
وقالت لي أمي:”لا عليك يا ابنتي سأقص عليك الامر حضر جنازته ما يقارب ال 500 شخص من الوسط العربي..اتصلت عجوز من الضفة وردت عليها جدتك وسألت عن المرحوم وقالت جدتك:”نائل أعطاك عمرو!!!!”وبعد مرور ساعة من الزمن جائت تلك المرأة مذعورة وهي تقول:”اين هو؟؟ أولاده يسألون عنه”..
عندها فقط عرفنا أين ذهبت أمواله…كان الذي بجيبه ليس له ويجود بكل ما يملك رحمك الله يا خالي وأدخلك فسيح جناته .
أخبرتني جدتي بعد مرور 5 سنوات على وفاته أنه حين خرج من المنزل كان قادم لزيارتنا وفي جعبته كتب اللغة الانجليزية لتدريسي .وفجأة حدثت له النكسة وصارع المرض طويلا ثم توفي.
لا أعلم حقا لماذا لا زلت أخاف من زيارة القبور بالرغم من أنك علمتني :”أنه لا ينبغي علينا أن نخاف الاموات لانهم نيام بل يجب علينا أن نحذر ونخاف من الاحياء”
عزيزي أنت توفيت قبل ذكرى عيد ميلادي بأربعة أيام فقط.
فمع وفاتك تحطمت الاحلام والامال..
لابأس فلي الفخر أنك خالي أحببتك ـأكثر من أي شخص اخر في حياتي ولم أنسى قسمات وجهك رغم مر السنين الطويلة أشتاق لحضنك ألدافئ …
سلام الله عليك ..أنت السابق وانا بك لاحقة حين يتوفى الله أمانته
بقلم حنين عايد يعقوب, كفر قرع
حلو كثير!
أشكرك على مرورك العذب.