المنامة السابعة: الأوراق المتساقطة
تاريخ النشر: 30/03/12 | 4:01“جس الطبيب خافقي وقال لي :
هل هنا الألم ؟؟
قلت له : نعم
فشق بالمشرط جيب معطفي واخرج القلم !!
هز الطبيب رأسه.. ومال وأبتسم
وقال لي: ليس سوى قلم
فقلت :لا يا سيدي
هذا يد …وفم
ورصاصة.. ودم
وتهمة سافرة…. تمشي بلا قدم ! ”ـ
أحمد مطر
أغنية اللقاء المتساقطة
هل يكون الإنسان الا بالإنسان ؟ ! وقد قال قيس ليلى من قديمٍ :
مرررّتُ على الديار ِديار ليلى … أُقبِّلُ ذا الجدارَ وذا الجدارا
ومـــا حبُ الديار ِ شغفنَ قلبي … ولكنْ حبّ مَنْ سكنَ الدّيارا
ثمة أناسٌ لا تملك إلاّ أن تحبَّهم منذ اللقاء الأول، تعدك عيونهم وعداً غامضاً بمجرد ما تحكي قصتها الخالدة التي لا تعود تتكرر، وأنتَ تبحث عن شئ آخر غير اللقاء وغير الحب، فكأنما تسقط عليك من السماء، فتشدو عصافير القلوب سمفونية الوداعة والبيان والتبيين الرومانسية. ذلك لأنَّ أجمل ما يحدث لنا لا نعثر عليه بل نتعثر به. إنها المعجزة الفجائية التي تجمع بين روحين يتناجيان غير آبهين لما يدور حولهما. وعندما تذوب لهفتنا، نتمنى على أقدارنا أن توفر لنا فرصا أخرى حلوة للقاء والتقارب، وعندما يحصل ذلك ، يتملكنا إحساس بالانفتاح على الدنيا ، وعودة حكاية الحياة من بدايتها الشبابية ، وأنه لولا هذا اللقاء من أين كنا سنأتي بالقدرة على احتمال هذه الحياة المضنية، ونفرح ونفرح ونغني لكل الوجوه، للسماء للنجوم للقمر للشمس للطيور للأشجار والأزهار والفراشات والنحلات ، ويهمي فرحنا على الأرض مطراً سعيداً يروينا حتى الثمالة. ما أجمل لقاء الأرواح الصادقة التي تشرب من نهر الحب الذي يظل يجري ويسقي عن جانبيه الحقول والممالك والأساطير.
نهر الحياة يجري سريعاً
لكن هذا النهر يجري سريعاً ويحملنا بلا وعي ، حيث نفقد في كل مرحلة صديقاً أو عزيزاً أو حلماً ، يأخذ معه شيئاً منا ، يأخذ شيئاً من أرواحنا، ومن أجسامنا ، وننسى شيئاً من ذكرياتنا يتساقط فنرميه لتأكله جِنِّيّةُ النهر، والنهر ماضٍ في ثورته وهيجانه وتدفقه يجرُّ معه كل الخطايا والآثام ، الى أن يصل الى مصبّه فيُبطئ وينحدر ويسير وئيداً. وفي النهاية يرمي بنا على حافته عراةً لا نملك إلا أن ننظر حولنا فنجد بيداء شاسعة لاندري أهي الجنة أم النار، ونجد أننا نسينا ذكرياتنا،ولم تعد تهمنا. فإذا بقيت لنا ذكريات عالقة بالروح معنى ذلك أننا ما زلنا نمارس الحياة وتطحننا ونطحنها.
يقول الشاعر الشعبي صلاح جاهين:
في ناس بنشوفها بالالوان …
وناس جواها مش بيبان …
وناس اسود وناس ابيض وناس محتاجه بس امان …
…
… واكتر ناس تآمنهم ما بيجي الجرح غير منهم …
وناس انت بعيد عنهم بتنسى معاهم الاحزان …
ذكريات الرحلة الى تركيا: جنّة الله على الأرض
أصبحتْ الحلقات التركية المدبلجة والحلقات السورية شغلَهُ الشاغل، فهو لا يريد البقاء متسمراً بجانب هذا الجهاز الشيطاني الكومبيوتر الذي يسرقه من دنياه، فلم يعد يستمتع بالشمس، ولا بالطبيعة، ولا بصحبة الأصدقاء، ولكن الحلقات ومتابعتها يقتل وقته، وهو لا يتابع الأحداث في المسلسسل بقدر ما يتابع مناظر الطبيعة، الأنهار والبحيرات والجبال والسهول الواسعة حيث الحيوانات والطيور البرية تعيش في عالم آمن بل عالم يتصارع تصارع البشر، ويهيم في دنيا الطيور الملونة والأسماك مسبّحاً باسم خالقها ومصورها. وهو يتابع الممثلات التركيات الجميلات ويفتتن بجمالهن، ويتذكر ليلة قضاها فوق فندق مرمريس مع مجموعة من الأصدقاء التقاهم لأول مرة وانسجم معهم ، فساعةَ تدور الراح يتم الانسجام وينطلق لسانه ويصبح الشخص العبوس الذي كان أمامك قبل لحظة ينقلب الى شخصية عذبة تتنقل مع أعذب الأحاديث ، وترى الجمال في الشخصيات الأخرى، ولا يكون معها وقت للتفتيش عن المنغصات . ذلك كله كان حول بركة أظنها لم يذكر مثلها في ألف ليلة وليلة، مع مجموعة من الراقصات والمغنيات التركيات يَحُمن حول البركة يقدمن الشراب الطهور للمدلهين الهائمين في ليل القسطنطينية. إنك عندما تتذكر أين أنت في تركيا الدولة العثمانية الكبرى ، دولة السلاطين العظماء، تزداد عشقاً وهياماً بتلك البلاد التي أحبها لدرجة العشق.
وسافر ففي الأسفار خمسُ فوائدِ
فما يزال يذكر رحلته المطولة اليها ، وذلك بعد رحيل أعزّ شخصية في حياته ، فأراد أن يهيم على وجهه ويكتشف العالم لعله ينسى. وللسفر فوائد جمّة كما قال الإمام الشافعي :
تغرَّبْ عن الأوطان في طلب العلى … وسافر ففي الأسفار خمسُ فوائدِ
تَفَرُّجُ همٍّ، واكتسابُ مــعيشةٍ … وعلمٌ، وآدابٌ، وصحبةُ ماجدِ
الراحة في التغيير والتجديد
فمما يضيق به الصدر البقاء في نفس المكان، وأكل نفس الطعام، وصحبة نفس الأصحاب.والرتابة في الحياة، فيكون للإنسان برنامج يومي لا يحيد عنه : يستيقظ من نومه نفس الساعة ، يشرب قهوة الصباح ، وهكذا الى أن يصل وقت النوم في الموعد اليومي . وهو قد تحرر من هذا البرنامج فأصبحت حياته فوضى حلوة لذيذة ، فقد تستمر سهرته الى الثالثة خارج البيت وقد يصل الليل بالنهار، وقد لا يخرج من البيت فيظل يراقب برامجه الخاصة وحلقاته الجميلة، وقد يزور جبله المفضل يستمع الى أصوات الحجل، ويتفقد نعمة الله في هذه الزهور الصفراء الأقحوانية التي تصبغ السهل والجبل، يلي ذلك اللون الأرجواني والأبيض والأزرق والأحمر . المهم هو الخروج الى المدن القريبة وإلى أماكنه الخاصة التي يحبها بصحبة أحد أصدقائه. وكما قالوا فالراحة في التغيير والتجديد. وكيف يأتي التغيير إذا بقي في هذه المدينة التي تتصارع فيها الفصول والأهواء وتتابين فيها الوجوه والأنباء، وتلتقي في محطاتها الأنواء. فما عليه إلاّ أن يخرج في سفرة غير مبرمجة وغيرمخططة وليس مع صديق محدد، أي على باب الله وقد يلتقي بعض الأصدقاء الذين لم يلتق بهم منذ زمن طويل ، فهذا أفضل للتغيير.
فإذا سافر تغيّرت الوجوه من حوله واختلفت المشاهد والأجواء عليه، فحينئذ يذهب همه وينشرح صدره.
ويقول الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى -:
سافر تجد عوضاً عمن تفارقُهُ … وانصبْ فإن لذيذَ العيشِ في النصبِ
إني رأيتُ وقوفَ الماءِ يفسدُهُ … إن ساحَ طابَ وإن لمْ يجرِِ لم يـطِبِ
وجاء في لامية العجم العظيمة للطغرائي:
إنّ العلى حدَّثّتْني وهي صادقةٌ * * فيما تًحدّث أنّ العزّ في النُّقَلِ
معالم سياحية في اسطنبول: جزيرة الأميرات
آهِ لو كنتَ معي نختالُ عبرَه
حلم ليلٍ من ليالي السلطان عبد الحميد، والسلطان سليم
اسطنبول هذه المدينة التركية الغنية بمعالمها السياحية وأهم هذه الأماكن ، قصر توبكابي، أيا صوفيا، سلطان أحمد كامي (المسجد الأزرق)، وجزيرة الأميرات ، حيث انطلقت بنا العبّارة من ميناء على الجانب الأوروبي للبسفور، ثم الى الجانب الآسيوي، ثم مررنا بثلاث جزر الى أن وصلنا جزيرة الأميرات
جنة منعزلة عن العالم. لا تزال الفطرة والطبيعة تعيش هناك أصالتها وهدوءها… بعيدا عن زحام المدن الكبيرة وضوضاء سياراتها ومصانعها…
في هذه الرحلة شاهد الجسر المعلق الذي يراه في الحلقات فيتذكر ذلك ويحن للعودة.
الأوراق المتساقطة: المتعوس متعوس ولو علّقوا على باب بيته فانوس
إن ما جذبني لمتابعة هذا المسلسل هو سيناريو رواية الأوراق المتساقطة المكتوب بشكل روائي متقن، وحبكة رائعة، بحيث استطاع الكاتب شدنا الى متابعة أحداث هذا المسلسل. هذا بالإضافة الى براعة الممثلين وأتقان الدبلجة وجمالها، وحِرَفية المخرج، والمناظر الخلاّبة التي أتى بها المخرج بين مشاهد المسلسل وقرب الأحداث الى الذائقة العربية، حيث يظهر جو العائلة التركية والعلاقة الحميمة بين أفرادها، مما يُشعرنا بالألفة والتضامن مع مشاكل هذه الأسرة.
هذا هو الجزء الثالث من هذه الحلقة الجميلة التي تشدّ المرء لمتابعتها ، وتعرض يومياً على ال MBC1. إنها قصة عائلة من الطبقة الوسطى لا يحالفها الحظ ، وكل ابن من ابناء هذه العائلة يوجد في حياته قصة مأساة عاشها وعاشتها العائلة كلها معه،
والأب الوقور بشخصيته المميزة يدعى علي رضا ، له دور كبير في نجاح هذا المسلسل الذي يحظى بأكبر نسبة مشاهدة على مدى خمسة سنوات.
وشخصية البنت الكبرى ( فكرتْ ) أيضاً شخصية مميزة حيث تصمد في زواجها أمام حماتها التي ترفضها وتعكر صفو حياتها
وحماتها هي شخصية امرأة عجوز كثيرة الكلام والإزعاج لزوجة ابنها الوحيد، ولا يعجبها أي شيْء تفعله هذه الزوجة.
وشخصية “نجلا” أحدى بنات هذه الأسرة وهي فتاة جامعية تقع في حب “أوس” زوج أختها “ليلى”، حيث يستغل ذلك الحب ويوقعها في شباكه؛ ليتورطا سويًا في علاقة غير شرعية، استكملا فصولها بالهروب معًا؛ الأمر الذي سبب لعائلتها وخاصة أختها “ليلى” ووالدها “علي رضا” صدمة بالغة.
اقرأ المزيد للدكتور سامي ادريس
المنامة الاولى: منامة: وقع العشاءُ بنا على سِرحان
المنامة الثانية:يا عُمَرُ أيّها الرُّوَيْبِضَة!
المنامة الثالثة: باب في صُحبةِ الدسوقي
المنامة الرابعة: وعلّمني رسمَ المَفازات
المنامة الخامسة: من يافا تبدأ الرحلة يا “نائم” المدير
استاذي الغالي ..حياك الباري وكحل دروبك بالحب الصادق وراحة البال..
ان الحياة الجميلة تكمن في العيون الجميلة ..البهجة والغبطة احاسيس ذاتية
مصدرها القلوب..لا شك ان للعوامل الخارجية تاثير على النفوس..
جدير بنا ان نتالق باداء ادوارنا بمسرح الحياة لنخلق حياة فاضلة وكريمة..
قال احد الحكماء..الحياة شعلة خير سلمت لنا ..علينا الاجتهاد لنسلمها شعلة
خيرات للاجيال القادمة..
كتاب السر..يعلمنا ان الامور الطيبة تمنحنا مشاعر البهجة والحبور..الامور السيئة
تفرض علينا مشاعر الحزن والكابة..
علينا ان نعيش العمر بايجابية وبتعقل ..مع السلوكيات والفكر الايجابي..نقدس
التفاؤل والخير والعطاء..
استاذي الكريم..لك جزيل الشكر والثناء على مناماتك الشيقة التي تكتبها باسلوب
جذاب وشيق..افكارها سيرة ذاتية جميلة تلائم معظم من بجيلك..
لك مني خالص الحب والاحترام والتقدير..بوركت وجزاك الله كل الخيرات..
كتاباتك استاذي الفاضل مصدر فخر واعتزاز لنا جميعا..ونحن نسال الله ان
يمن عليك وافر الصحة والعمر الطويل لتحقق الحياة العريضة..
يا سيدي منامة تلو المنامه وروعة تلو الروعه وابداع تلو الابداع
دعواتي لك بالصحه والعافيه .د. سامي مع تحياتي من القلب
د. سامي إدريس أدامك الله بحفظه ورعايته ,
إن أمرا يقطع الشك باليقين هو أنك عملاق في شتى الميادين , وأعلل قولي هذا بالبرهان والدليل المتين .
إن من أراد أن يبحر في محيط العلم والمعرفة , ما عليه إلا أن يقرأ كتاباتك المتنوعة بمختلف أزهارها وأثمارها اليانعة .
ففي كل تحفة (منامة ) من تحفك يستطيع القارئ أن يجني الفائدة القصوى دون الحاجة للإلتحاق بجامعة أو كلية أكاديمية , فالجامعة والكلية والموسوعة العلمية تكون بين يديه بمواضيع مختلفة .
في منامتك السابعة الرائعة يمكن تعلم المواضبع التالية في آنٍ واحد : اللغة العربية الإنسيابية بأدبها وسلاستها وبلاغتها ومصطلحاتها ونحوها وصرفها , ألتاريخ , الجغرافيا , الدين , الشعر , الخطابة , السلوكيات والأخلاقيات , الطبيعة , السياحة …… وألخ .
فأنا شخصيا تعلمت الكثير من كتاباتك لدرجة أنني وصلت إلى نتيجة مفادها وكأنني ما كنت أعلم شيئا قط , وتمنيت لأن أعود للصف الأول وتكون أنت معلمي من بداية الحروف الأبجدية حتى أنهي الأكاديمية على يدك لأبلغ من العلم ما كنت أصبو وأرنو إليه .
وعليه , أنصح نفسي والقراء الكرام بأن يتابعوا كتاباتك حرفا حرفا لكسب العلم الراقي .
أتمنى لك يا عميد العلم والأدب بأن يمد الله في عمرك بوافر الصحة والعافية .
أشكركم جميعاً . ستستمر المنامات الى المنامة العاشرة، وبعدها نبتدع نوعاً أدبياً جديداً أدعوه ( المتاهة) ج. متاهات التي تبدأ وتتعرج في متاهات ولا تعرف أين تنتهي. لا أشك في أن كتابتها ستكون ممتعة لي بالدرجة الأولى وأرجو أن أمتعكم بها أيضاً. طابت أوقاتكم
الحق أقول لك أستاذي أنني لا أتابع مسلسلات تركيات مدبلجات (هاي بالتركي) ولكن الأوراق المتساقطة شدتني لأنها قريبة من القلب ومن الواقع ،أما وقد ذكرتني بما قاله الشافعي رحمه الله “سافر ففي الأسفار…”فقد أعدت إلى ذاكرتي جدي رحمه اله فقد كانت كالتسبيحة على لسانه
مناماتك أستاذي فيها من الجنى ما يمتع القارئ دائما ويزيده معرفة…بورك يراعك
أخي زهدي غاوي! لا تبالغ! فأنت استمرار لمبالغاتنا العربية.
أن تعترف انك تتعلم فهذا ممتاز!
أما ان تصف وصفا اؤكد لك ان الكاتب لا يقبله؟؟؟!!!
قرأت حلقتين لك يا دكتور سامي، وسأعود ، قاتل الله الوقت!
تأكدت من : خفة دمك وأن حياتك مش سهله
أشكرك من القلب ابو أحمد وكل كلامك على العين والراس. وأقول ما بأيدينا خلقنا…
ربما تجمعنا أقدارنا ذات يومٍ … كله بتقدير وكله مكتوب والحمد لله على كل حال.
خلينا نسمع تعليقاتك دائماً