عائشة عبدالرحمن “بنت الشاطئ” – 1913-1998
تاريخ النشر: 01/08/14 | 12:28كان ميلادها في 6-11 -1913 في بيت جدها لأمها الشيخ ابراهيم الدمهوجي، أما ابوها فكان أزهريا محافظا. في هذه الأجواء، تفتحت عينا الطفلة الصغيرة؛ أدب، فضيلة، عمل خير، وتطبيق لشعائر الدين. ارتبط اسمها بشاطئ النيل، حيث قضت سني طفولتها المبكرة هناك، تلهو وتلعب ، مما حدا بها لأن تخلع على نفسها لقب : ( بنت الشاطئ ) فيما بعد، لحبها لهذا الشاطئ من ناحية، ولتكتب خلفه من ناحية اخرى، يوم كان من غير المالوف أن تكتب النساء وتنشر باسمائهن.
وحسب رغبة أبيها، فقد بدأ تعليمها منذ الخامسة، فحفظت القران جميعه، وبدأت ترنو الى المدارس الحكومية لتكمل مسيرتها التي أحبتها وتماهى بها الجسد الغض والعقل المتفتح التواق لنيل العلم. ” ليس لبنات المشايخ أن يخرجن للمدارس، وانما يتعلمن في بيوتهن”، هذا رد ابيها الرافض لأي تعليم غير ديني. فقد كان لهذا القرار الأثر الكبر في اثارة كوامن غضبها. لم تجد ما تفعله حيال ذلك القرار، الا الامتناع عن الطعام والشراب، قدر تحمل ذلك الجسد النحيل. لجأت لجدها عله يتوسط لدى الأب، وبعد صولات وجولات، أذن لها بالالتحاق بالمدرسة، شريطة اكمال الدروس الدينية في البيت،وترك المدرسة حال البلوغ.
تاقت نفسها لاكمال مسيرة العلم بعد فترة البلوغ التي اشترطها الوالد، فتدخل الجد، واحتدم الجدال دون نتيجة، وخرج الجد مكفهر الوجه، منتفخ الاوداج، فصدمته دابة أقعدته الفراش مدى الحياة. لزمته تلك الطفلة، تكفيرا عما لحق به بسببها، فأخذت تكتب له مما يمليه عليها من عرائض بأسماء الفقراء والمحتاجين لرفعها للجهات الرسمية، كونه لم يستطع فعل ذلك بنفسه.
قضى الجد، وبلغت عائشة سن الحجاب، فاثرت اكمال دراستها في المنزل، وتأدية الامتحانات في ” طنطا “. وكانت اولى الناجحات، وذلك عام 1929.عينت في كلية البنات في الجيزة، ومن هناك نهض اليراع يسكب الدر. نشرت كتاباتها في صحف ومجلات كثيرة، فأتحفت القراء في زمن كان دور النساء في الحياة العامة شبه معدوم. جميع كتاباتها أنذاك كانت باسم مستعار، ” بنت الشاطئ “، احتراما ، وربما خوفا، من العادات والتقاليد الصارمة.
التحقت بالجامعة، وتخرجت في قسم الاداب عام 1939 في مجال اللغة العربية. أتاحت لها الحياة الجامعية الالتقاء باساطين وجهابذة الدين والأدب والمعرفة، وعلى رأسهم استاذها، وزوجها فيما بعد، أمين الخولي : صاحب المنهج البياني في تفسير القران الكريم. فغدت كتيار جارف في نهل العلم. وفي 1950، نالت درجة الدكتوراة في تحقيق رسالة الغفران لأبي العلاء المعري، حيث ناقشها في ذلك د. طه حسين. وبناء على نصيحة زوجها، فقد انكبت على دراسة الأدب، والاهتمام باللغة التي نزل بها القران. فبدأت بالاشتغال بالتفسير بطريقة ممنهجة مميزة استمرت لعشرين سنة.
انهالت عليها طلبات التوظيف من مختلف الجامعات العربية، فلبت النداء. فعملت استاذة للتفسير والدراسات العليا في جامعة القرويين في المغرب، جامعة عين شمس، جامعة أم درمان، جامعة الخرطوم، الجزائر، بيروت، الامارات، كلية التربية في الرياض، وغيرها .
زادت مؤلفاتها على الاربعين كتابا في الدراسات الفقهية والقرانية واللغوية والادبية والتاريخية. كتبت عن التراجم والاعلام، عن ال البيت ، الصحابة رضوان الله عليهم . حصدت الكثير من الجوائز والاوسمة. ناصرت المرأة بشكل كبير، واهتمت بتحريرها من القيود التقليدية البعيدة عن الروح السمحة للاسلام. أثار موقفها ودفاعها عن المراة حفيظة البعض كالعقاد الذي بدا في كتابات يرى عكس ما تنادي به اديبتنا عائشة عبد الرحمن.
شهدت وفاة ولديها الاثنين ، وهجرة ابنتها الوحيدة وزوجها خارج مصر، فاستثمرت وقتها رفيقة اليراع ونديمة خير الجلساء. أغمضت اغماضتها الأخيرة في 1-12-1998 اثر ازمة قلبية ألمت بها ادت الى جلطة في المخ والقلب وهبوط حاد في الدورة الدموية.
يونس عودة- الأردن