مشاركة رانية عقل بمعرض “مختلف متساو” بجفعات حبيبة
تاريخ النشر: 04/04/12 | 4:22نظم مركز الفنون في جفعات حبيبة نهاية الاسبوع الماضي معرضاً مميزاً بعنوان “مختلف – متساو” شاركت الفنانة القرعاوية المتألقة رانية عقل مع الفنانة أفيفيت برانس وذلك في جالري السلام حيث عرضت أعمال كل منهما المتشابهة نوعاً ما والمختلفة.
وقدمت الفنانة رانية أعمالاً فنية خاصة بعنوان “الزيتونة والصنوبرة” لاقت استحسان الحضور الذين قدموا من جميع الشرائح من المثلث والجليل , علماً ان المعرض سيستمر حتى 26.5.12 .
وكتب الشاعر والكاتب المعروف ابراهيم مالك حول لوحات الفنانة رانية والتي عرضت في المعرض بعنوان “الزيتونة والصنوبرة” :
كثيرا ما أتأمَّل أعمال الفنانة التشكيلية ، رانية عقل ، ابنة قرية كفر قرع الغافية عند الطرف الجنوبي الغربي لوادي عارة الجميل والواقع بين هضبة الروحة ومرتفعات الخطاف ، أتأملها ، فأزداد قناعة أن الفن التشكيلي بعد كل محصلة هو وليد بيئته . وحين أقول ذلك ، أنطلق من واقع أن البيئة الحياتية هي بيئة شديدة التنوع ، متعددة وملونة . والبيئة الإنسانية هي في حقيقة الأمر أحد تجلياتها ، خطوطها كذلك متنوعة ومتعددة المسارات والتشكل والتلون ، إلاّ أن ما يجمعها أمر واحد هو إنسانيتها .
أتأمل أعمال السنونو والصور الجميلة لجذوع الزيتون ، فهذان الموضوعان هما في الحقيقة وليدا بيئة واحدة :
مرتفعات الخطاف وأخواته في فلسطين التاريخية والبر السوري الواسع ، الذي يشمل كذلك الأردن ولبنان وسوريا .
والسنونو هو هذا الإندهاش الموحي :
عشق التحليق في حرية وفي أكثر من زاوية في فضاء لا يحد ، عشق الحرية في بعديها : الشخصي والعام ، أي المجتمعي .
والزيتونة هي رمز البقاء ، العطاء والتمسك بالتراب والجذور ، وهي رمز العام والخاص .
والأمر ذاته يمكن قوله في أعمال مثل الحصيرة أو العطش أو الحلزونات ، كلها وليدة هذه البيئة وغنية الإيحاءات والدلالات .
والفنانة الجميلة رانيا عقل تحسن الجمع في هذه الأعمال بين اللوحة والصورة . وهو ما نجده في أعمالها المتعددة . وتحرص دائما على الإستفادة والإفادة من خامات هي وليدة بيئتها ، أو جزء من الموروث الثقافي لهذه البيئة. والمعرض المشترك اليوم في جفعات حبيبة يمثل بيئتين مختلفتين ، هما في الحقيقة بيئة واحدة وعشق واحد ، بيئة حياتية وعشق إنساني ، فكما أعرف أن رانية تستوحي وتستمد أفكارا ، إيحاءات كثيرة من شجرة الزيتون وجذوعها المعمرة . فشجرة الزيتون ، الشجرة المباركة في مفهوم المجتمعات الشرقية المختلفة ، كثيرة العطاء وجزيلة الفائدة ، وهي جزء من عالم وحياة هذه المجتمعات منذ قديم الأزمان . وحين أتحدث عن المجتمعات الشرقية ، لآ أتجاهل حقيقة أن هذه الشجرة هي ابنة حوض البحر الأبيض المتوسط بضفتيه الشمالية والجنوبية .
وكما ألاحظ من هذا المعرض المشترك حقيقة أنه معرض مشترك ، ببعديه : الزيتونة والصنوبرة وبفنانتيه الجميلتين : أفيفيت ورانية .
أتأمل أحيانا مرتفعات الكرمل الرائعة الخضراء ومرتفعات شقيقيه الجليل والخطاف ، فألمح غابات الصنوبر ، الذي هو في الحقيقة ابن بيئة طبيعية أخرى ، الشمال البارد . وإن كنت أعتقد أن البيئة الطبيعية واحدة وأن ما يجمع بين إنسانيتنا هو واحد ، وإن تعددت الألوان والموروثات . وقد انتشرت شجرة الصنوبر مثل أشجار أخرى كثيرة في منطقتنا منذ الزمن القديم خاصة في الجبال الشمالية من فلسطين ، لبنان وسوريا وتركيا .
وكما أفهم رانية في عشقها لشجرة الزيتون ، وهي الشجرة التي اكتسبت خصوصية دينية وتراثية ( قبل اليهودية ، المسيحية والإسلام ) وباتت جزءا من حياة الناس لما فيها من منافع مباشرة لهم ، تفوق منافع أشجار أخرى كثيرة من أشجار بلادنا .
أفهم أفيفيت كذلك في عشقها للصنوبرة ، فخشبها نافع كذلك وعلوُّها الذي يصل إلى 30 مترا يوحي بأحاسيس جميلة مختلفة وكذلك تفرُّع أغصانها وربما بينها وفي ظلها عاشت أجمل أيام انشغالها في إنتاجها الفني ، فبين هذه الأشجار أقامت مرسمها ، وعاشت ولا تزال تعيش أجمل لحظات حياتها .
تأملتُ طويلاً لوحات الفنانة التشكيلية بلاص – برانس وخصوصاً لوحة جِذْعِ صَنَوْبَرَة ، فوجدتُني أنطْنِطُ مُحَلِّقاً بين تلك اللوحات الرائعة وأغنّي مثل عصفورٍ يُحاوِلُ الطيران في سماواتٍ صافِيَةٍ ومُشْرَعَةِ الفضاءات ، تَبْدو خلفَ تِلْكَ اللوحات المُلَوَّنة ، فبدتْ هذِهِ السماواتُ لي كبارِقَةِ أمل ، فوجدتُني أنشِدُ فَجْأةً :
أدْهَشتني ، حَقّاً ، خَبْطاتُ ريشتِكِ
الأشبه بنبضاتِ عقلٍ مُلَوَّنِ
فَشُبِّه لي وأنا غارِقٌ في غَفْوتي النَّهارية
أنَّ جِذْعَ صَنَوْبَرَةٍ أحالتْهُ تلْكَ الْخبطاتُ إلى جِدار
يَتَوَسَّطُهُ شُبّاك مُنْفَتِحٌ على أكْثَرَ مِنْ مَدىً
وأعتقد أن المعرض الذي نعيش اليوم تجلياته الفنية المتعددة ، تكمن جماليته وأهميته في الجمع الصحيح بين مولودَيْ بيئتين مختلفتين . وكم يجدر بالإنسان أيا كان وأين يكون أن يجد لغة مشتركة ، لغة حوار صامت بين هذين المولودَيْن ، أو المولودين المختلفين . فالطبيعة واحدة والإيحاءات واحدة وجمالها هو في هذا التشكل والتشابك والبحث الدائم عن المشترك . وقوة الفنان الحقيقي هي بمدى ما يسهم في تطوير لغة فنية مشتركة ، وإن كانت متنوعة الموضوعات ، و لغة إنسانية مُجَمِّعَة .
ابراهيم مالك
ان شاء الله دائما بالنجاح رانية اتمنى لك الصحة والسعادة والتوفيق في حياتك
قيل: الفنّ لغة عالميّة مشتركة للجميع!
نهنئ الفنانة رانية عقل وزميلتها أفيفيت على هذا الإبداع المميّز، ونبارك للأديب إبراهيم
مالك على ما أتحفنا من وصف وتحليل لما شاهده في المعرض الجميل!
حبّذا لو كان هناك “توازن” في الصور الواردة بحيث نرى المزيد من
اللوحات إلى جانب جمهور الزائرين للمعرض.
الفن الراقي كثير حلو
جميل جدا ، مزيدا من التألق والنجاح يا رانيه
كل الاحترام وبلدك وعيلتك فخرين فيك كثير