انصر المظلوم ولو خالفته
تاريخ النشر: 06/08/14 | 8:31من أهم دعائم المجتمع المسلم نصرة المظلوم؛ إذ نصرة المظلوم من الوسائل التي تحقق العدل في المجتمع وتساعد في تحقيق الأمن الاجتماعي، مما يعني منع الجرائم التي يقوم بها من يشعر بالظلم.
فقد أقر الإسلام مبدأ “نصرة المظلوم”، ودعا المظلوم إلى رفع الظلم، كما قال تعالى: (اَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِمِنَ؟ الْقَوْلِ إِلاَّ؟مَن؟ظ ُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً ) “النساء: 148” وقوله سبحانه: (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) “الشورى: 39″
بل جعل نصرة المظلوم واجباً شرعياً كما ورد عن البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصر المظلوم صحيح البخاري.
وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: انصر أخاك ظالما أو مظلوما . قيل: يا رسول الله، ينصره مظلوما، فكيف ينصره ظالما؟ قال: يمنعه من الظلم، فذاك نصره إياه أخرجه البخاري .
وقد وعد الله تعالى المظلوم بأنه منصور، وتوعد الظالم ومن قدر على نصرة المظلوم فلم يفعل، فقد ورد عن يحيى بن حمزة الحضرمي، قال: ولاني المهدي القضاء، ثم قال: يا يحيى، عليك بالحق، والشد بيدي المظلوم، وقمع الظالم، فإني سمعت أبي، يقول: عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” قال ربك: وعزتي وجلالي لانتقمن من الظالم في عاجل أمره، أو في آجله، و لانتقمن ممن رأى مظلوما يظلم، فقدر أن ينصره، فلم يفعل له”.
إن نصرة المظلوم لا يعني بالضرورة التوافق معه، أو أن يكون من فريقه، أو يؤمن بمبادئه، أو يكون على عقيدته، لأن نصرة المظلوم تعود فوائدها على المجتمع بشكل عام، فنحن ننتصر للمظلوم لأجل رفع الظلم ؛ أيا كان مصدره، ولهذا لو ظلم من كان مظلوما وأصبح ظالما ؛ لوجب علينا ردعه ورده عن ظلمه ضد من ظلمه، فالمسلم لا يتعلق بشخص أو جماعة أو طائفة من المجتمع المسلم، بل لو ظلم المسلمون غير المسلمين لكان واجباً على المجتمع المسلم أن ينصر المظلوم غير المسلم ؛ وكفى الظلم عدواناً أن يقول ربنا فيه في الحديث القدسي: ” يا عبادي.. إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ” رواه مسلم .
وقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على حلف الفضول رغم أنه جاء لينقض عقيدة الوثنية بعقيدة التوحيد، غير أن هذا لم يمنعه من المشاركة والثناء عليه ، وأنه بعد أن أصبح نبيا فهو قابل إن دعي لمثل هذا الحلف من الكفار لأجابهم ولاشترك معهم رغم الخلاف العقدي بينه صلى الله عليه وسلم وبين الكفار.
إن من يقوم بنصرة المظلوم هو يدلل على شخصيته المتزنة التي تتعلق بالمبادئ لا بالأشخاص، دون أن يحول بينه وبين كون المظلوم مختلفا معه في العقيدة أو الفكر، فالمدافع عن المظلوم يعبر عن نفسه وذاته، كما أنه يشارك في صياغة مجتمع يقوم على احترام تلك المبادئ، لا أن يكون الخلاف داعيا لترك المظلوم في يد الظالم؛ لأن المسلم كما قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) “المائدة: 8”.
فالظلم لا مكانة له في شريعة الله تعالى، مهما كان صاحبه.