من آداب المسجد
تاريخ النشر: 06/08/14 | 12:57لقد أولى الإسلام اهتمامًا كبيرًا للمسجد، وجعل له مكانةً عظيمةً منذ الصدر الأول، فهو المركز الذي انطلقت منه الدعوة الإسلامية، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ ببناء المسجد كأول مشروعٍ يُظهر فيه صرح الإسلام ومعالمه ورسالته، فالمساجد هي بيوت الله في أرضه، وهي ملاذ الفارين إلى الله سبحانه وتعالى، وهي منارة الحيارى، وأمان الخائفين.
ولهذه المكانة التي احتلها المسجد في الإسلام كان لا بد لمن يرتادهأن يتخلق بأجل الصفات والأخلاق، وأعظم الآداب والخصال. ومن هذه الآداب: أن يأخذ المؤمن زينته إلى المسجد، فقد قال الله عز وجل في محكم التنزيل: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ”، ويكون ذلك بالاغتسال والتوضؤ ولبس أجمل الثياب والتطيّب بأزكى طيب، فقد ورد عنالنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مَنْ بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالْأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً”.(صحيح مسلم: 1/ 462)
كما يسن للخارج للمسجد أن يدعو بدعاء الخروج إلى المسجد، فيقول : “اللهُمَّ اجْعَلْ لِي فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَمِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَمِنْ بَيْنِ يَدَيَّ نُورًا، وَمِنْ خَلْفِي نُورًا،وَاجْعَلْ فِي نَفْسِي نُورًا، وَأَعْظِمْ لِي نُورًا”. (صحيح مسلم: 1/ 529). ويستحب للمسلم أن يذهب للمسجد مشيًا على الأقدام لما في ذلك من الحسنات وتكفير السيئات، فقد ورد عن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: “أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِا الْخَطَايَا، وَيُكَفَّرُ بِهِا لذُّنُوبَ؟” قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: “إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إلَى الْمَسَاجِدِ…” (صحيح ابن حبان: 3/ 314)، فيمشي المسلم إلى المسجد بهدوء ووقار،من غير تسرّع ولا عجلة، فقد ورد في مسند أحمد وغيره عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ” إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ، فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ، فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ، فَاقْضُوا “. (مسند أحمد: 12/ 192)
كما يسن للمسلم أن يدخل المسجد برجله اليمنى ويقول : ” بِسْمِ اللهِ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ،للهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ “، ثم يصلي قبل الجلوس ركعتي تحية المسجد، لما ورد عن رسولا الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس” (صحيحا لبخاري: 1/ 96) ويسن أيضًا للمسلم أن يستثمر وقته بالدعاء والاستغفار حتى تُقام الصلاة، وأن لا يشتغل بالحديث عن الدنيا، وأن لا يرفع صوته حتى لا يشوش على غيره، ثم يصلى مع الإمام فإن في صلاته مع الإمام من الحسنات الشيء الكثير، لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : “الصلاةُ في جماعةٍ تَعدِلُ خمساً وعشرين صلاةً ” (سنن أبي داود: 1/ 420) ويُسن للمصلي أن يخرج من المسجد برجله اليسرى ويقول : ” بِسْمِ اللهِ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ “، فإن ذلك من هدي رسولنا الكريم. ولأهمية هذا الموضوع فإن عمل المربين في المراكز القرآنية في مؤسسة حراء قائم على بث روح التربية وبث هذا الهدي النبوي العظيم في نفوس طلابها، وذلك من خلال البرامج والمناهج لمختلف الأجيال، صغارًا وكبارًا، ذكورًا وإناثًا.