أوباما والجندي وحرب غزة
تاريخ النشر: 07/08/14 | 11:21في الوقت الذي وصل فيه عدد الضحايا في غزة الفلسطينية إلى أكثر من 1600 قتيل والآلاف من الجرحى والبيوت والمدارس والمساجد والكنائس المدمرة..
وفي الوقت الذي استقبل فيه أطفال غزة عيد الفطر المبارك بالصواريخ والتفجيرات، واستُبدلت ألعاب طفولتهم وعيدياتهم بالموت والدمار..
يطلُّ الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء الجمعة الفائتة في مؤتمر صحفي للحديث عن حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، وبأن الشعب الاسرائيلي باتت حياته مشلولة تحت الخوف، وأن على حماس والفصائل الفلسطينية الإفراج عن الجندي الاسرائيلي ” المخطوف ” كشرط مسبق لإزالة التوتر بين اسرائيل والفلسطينيين ولوقف اطلاق النار من الجانب الاسرائيلي (إسرائيل اعترفت الأحد بأن الجندي غير مخطوف).
1600 شهيد فلسطيني من أجل 3 مستوطنين اسرائيليين خُطفوا ولا يُعرف خاطفوهم حتى الآن، وما يزال القصف والقتل والتدمير مستمراً من أجل الجندي الاسرائيلي الأخير الذي أدعت إسرائيل أنه تم خطفه، وأن المقاومة خرقت الهدنة في تبرير لجرائمها حتى كتابة هذه السطور.
ومع ذلك يتحدث الرئيس الأميركي ويتباهى بكون أميركا هي الدولة العُظمى الوحيدة في العالم، في ردٍّ على سؤال وجّه إليه في المؤتمر الصحفي عن مكانة أميركا في العالم اليوم في ظل إخفاقها في إيجاد حل للأزمة العراقية والسورية والآن القصف الاسرائيلي على غزة..
يتحدث أوباما بقلق عن حياة الاسرائيليين المشلولة بسبب الخوف ويبرر لهم حقهم في الدفاع عن أنفسهم وبالتالي يبرر قضاءهم على حياة أطفال غزة وشعبها.
في سياق آخر، يطالعنا فيديو على الانترنت عن رجل فلسطيني يمتلك بيتاً في بلدة فلسطينية أقيمت فيها مستوطنة اسرائيلية، يرفع عليه علم بلاده فلسطين مما يثير حفيظة وغضب سكان البلدة، الأمر الذي يجعل أحدهم يتسلق سور البيت من أجل خلع العلم الفلسطيني وفي هذا تجاوز للقانون وتعد على الملكية الفردية، وبدل أن تقبض الشرطة الاسرائيلية على هؤلاء المعتدين، تحاول إجبار الفلسطيني على إزالة علم بلاده.
رغم كل هذا الظلم الذي يتعرض له الفلسطنيون في غزة وغيرها من المدن الفلسطينية، يتحدث أوباما في مؤتمره الصحفي عن القدر الكبير من الغضب والقدر الكبير من اليأس الذي يعاني منه الإسرائيليون نتيجة محاولات جون كيري وزير الخارجية الأميركي في وقت سابق من الأسبوع الماضي وقف اطلاق النار حيث اتهمه الاسرائيليون بأن مسعاه يجيء في سياق منع اسرائيل من تدمير أنفاق حماس، وهنا، يحمل أوباما حماس مسؤولية قتل المدنيين الفلسطينيين لأنها تُخبئ أسلحتها في أماكن تواجد المدنيين وفق زعمه، بالإضافة إلى خرقها للهدنة المُتفق عليها في بيان مشترك بين كيري والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
برغم كل مظاهر العنف والقتل والدمار التي ترد من غزة اليوم والألم الكبير الذي يعتصر قلوب الملايين حول العالم بشأن ما تتعرض له غزة فنسمع ونشاهد مظاهرات واعتصامات هنا وهناك، إلا أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة – كسلوك وممارسات – ما تزال تتبنى وجهة نظر اسرائيل وتبدي تعاطفاً مع شعبها رغم أن القضية باتت واضحة ومكشوفة، وباتت الشعوب كلها مع حق الفلسطنيين في العيش على أرضهم بأمنٍ وسلام، مع أمل أن ينعكس الرأي العام العالمي المتعاطف مع القضية الفلسطينية على سياسات الدول ويغير من توجهاتها نحو اسرائيل وحق الفلسطينيين في دولة كاملة السيادة، شأنهم شأن جميع شعوب الأرض.
قتل الآلاف وجرح مثلهم من “المدنيين” في غزة، وأوباما يطلب من المقاومة إطلاق سراح “جندي” ثبت أنه لم يؤسر.
أي عالم هذا الذي نعيش فيه !؟.
د .فطين البداد