غزة فوق تململ الورق
تاريخ النشر: 09/08/14 | 13:40بُقْعَةٌ مِنَ الدّمِ المَحصُورَةِ تَسِيلُ فَوْقَ تَمَلْمُلِ الوَرَق تَمرّ عَلَى شَفِيرِ النِّهَاياتِ المُتْعَبَةِ مِنْ تَسَابُقِ الخَيل هَكَذا كَانتْ تَمْحَقنَا لُغَات الحُبّ فِي غَيْهَبِ الظُّلْمَةِ..
أيَا لَيْلُ إطوِ جَنَاحَكَ عَنْ غَزّة
أيَا لَيْلُ وانْتَزِعنَا مِن غَمْرةِ الوَادِ السّحِيقِ مِنَ الظّمَأ
واغتَرِبْ فِإنّ لَيلَكَ الأَوّل كَافِرٌ يُعَلّقُنَا أُمنِيَة فَوق ضُلُوعِ شَجَرَةٍ مَكْسُورَةٍ فِي تَبعثُرِ الغَسَق!.
يَنْتَشِي الرَّمَاد فِي صَحوةِ الجُثثِ المَحْرُوقَة والضّحِكات المَذْعُورَة يَغْتَالُهَا الزُّؤام
غَزّة.. يَا جُرحَنا المُدّمَس بِالمَاءِ والمَلحِ جُرْح الكَرَامَةِ فِي صَهْلةِ الرُّوحِ وانْتِكَاس الحَقّ.
وَطَنَ الشّقَاءْ.. وَطَنَ البَقَاءْ وَطَنِي نَقَاءْ ** آرامُنَا تَعْدو تُسَابِقُ فِي العَراءْ
أَوَعين قَلْبِي لم تَنَم وَيَلفّهَا ** حُزْنٌ يُعَانِقُه الأسَى وَصَدَى الجَفَاءْ
مَرّ القَرَنْفُل مُتْعَبًا مُتَعرّيًا ** فَوقَ المَدَى يَتَنقّلُ وجَع الرّجَاءْ
أَوَعِنْدَما يَغْزُو العَدوّ بُيُوتنَا ** ويُشَتّت الأَنْدَاء فِي شَفَقِ الضِّياءْ
تَسْتَنزفُ الأَشْجَان تَبكِي غَزّتِي ** والطّفْلُ يَحْجِبُ دَمْعَةً بِفَضا الفَنَاءْ
فَصْل مِنَ الجُنُون عَلَى غِرار مَا يَحْصُلُ فِي غَزّة ..
فِلِسطِين قَصِيدَةٌ تَعبُّ مِنْ آنِيةِ الْوَجَع تَلْفظُ غَزّتِي كَآخِرِ رَمَق يَسْتَجِير كَآخِر صَنَوبَرَةٍ عَلَى وَجنَتيّ التّارِيخ ويُرتّلُ أَنِينَ الحَمَامات المُتْعَبَةِ تَشرّب الدّم المَسْكُوبِ عَلَى حَافّتيّ النّوى، هَذا التّعكّر اللّذِيذُ مِنْ مَوْتِنَا المُشْتَهى يضفِي لَوْعَةً تَعْلُو وَجهَكِ فِلِسطِينُ وَيَمحَقُ الذُّلَ العَرَبيّ عَنّا وَيغْمِس رؤوسَ الطّوَاوِيس.
يَكْفَهِر صَوتُ عُرُوبَتِي وتَنْتَفِض فِي صَدْرِي قَصَبة نَاي حَزِين، كُلٌّ يُعَانِقُ حُلُمه البَائِسَ اللّطِيف وكَأنّ المَدَى قُبّةٌ مَحْفُوفة بالنّدى الخَفِيف!
يجْتَثّنِي اغتِرَابٌ قَدْ تَجذّر فِي تُرْبَتِي ورَائِحَة الدّمِ النَازِفة مِنْ مُقْلَتيّ تَزِفّ مَوج غصّتِي، هَذا الإحتِراق الغَاشِمُ يُدَندِنُ عَلى وَترِ النّشِيجِ يَأْكُلُ مَا تَبقّى مِن كَيْنُونَتي.
مَوْجٌ تَكَسّرَ ..
مَوْجٌ تَكَسّرَ فَوْق جَمْرِ المَوعِدِ … رُوحٌ تُرَاقِصُ نَزْفَ نَارِ المَوْقِدِ
فِيهَا هَدِير اللّيْل يَبْكِي ، يَنْتَشِي .. فِيها عُيُون الوَردِ خَطّ الأَثمِدِ
شَوْقِي عَلى خَذِّ المَرَايا يَكْتَوي .. تَتَلوّع الأَشْجَان قُربَ المرْقَدِ
تَتَرنّمُ الأنْسَام فَوْقَ تَمرُّدِي … مِنْ وَعْكَةِ الأَوْطَانِ يَغزُو المُعْتَدِي
نَاحَتْ عَلَى كَتِفِ اليَمَامَةِ دَمْعَةٌ … نَزَفتْ صَلاةً فِي رِحَابِ المَسْجِدِ
تَحْكِي إلَى سَقَمِ اللّيَالِي غُرْبَتِي … وَتُلاحَق الأَضْغاث جُنْحَ المُفْسِدِ
فتَشَرذَمتْ أَمْشَاجُ بُؤسٍ فِي المَدى … تَعثو رِيَاحًا مُوبِقَات المَشْهَدِ
تَلْعَقُنِي نَفسِي كَثِيرًا ويتَرنّحُ طَيفِيَّ المُسَافِر مَع تَسَاقُطِ الوَرَق، عَنَاءٌ يَسْتَلذّ بوَجَعِيّ المَنْكُوب والمَنسِيّ فِي خَيْبةِ الرّجَاء، ومَع أجِيجِ الزّفَراتِ المُحتَرقةِ تَتَناثَرُ عُذرِيّتنَا والكَلم الخَفيّ يُوارِي خَلفُه سُحُبَ البُكَاء، هَكذا يُلَاطِفُ الخَوف مَوْج غَزّتِي وَالنِّيران تَتَعلّق بِخَاصِرَةِ الْوَقتِ المَنْهُوكِ مِنَ التّعَب!
هَمٌّ مُحْكَم الإقْفَالِ يُقَيّدُنِي … والدّمْع المُلْتَاعُ يَغزُو أَورِدَتِي
يَعْتَرِينِي نَزْف الشَّوْكِ وَيقْتُلُنِي … والغُصّةُ تَنْسَاب بِصَوْتِ حُنْجَرَتِي
كُحْل اللَّيْل يُظلِّلُ مَوْج السُّحُب … وَتَشقّ التَّبارِيح صَدْرَ قَرَنْفُلَتِي
تَتَكَسّرُ شُعْلَة نَارٍ فَوق المَدى … تَحْتَرقُ رَمَادِيّةً فِي صَنَوْبَرَتِي
صَفَاء أَبُو فَنّة