البقرة
تاريخ النشر: 08/04/12 | 4:00( مهداة للشاعر الألماني الجريْ غونتار غراس )
كـان َ لـَوْنـُهـا غـَريـبـا ً ، تـِلـْك َ الـْبـَقـَرَة ُ ، فـَلـَم ْ نـَر َ شـَبـَهـَه ُ فـي مـُنـْحـَنـَيـات ِ وَعـْرَتـِنـا الـْعـُشـْبـِيـَّة ِ، الـْعـامـِرَة ِ بـأزْهـار الـنـَّفـَلـَة ِ ، وَحـيـن َ لـَمـَحـْتـُهـا ، أمـْعـَنـْت ُ الـنـَّظـَر َ، فـاشـْتـَعـَل فـي عــَتـَمـات ذُهـْنـي الـْبـَصـَر ُ والـْبـَصـيـرَة ُ ، ورُحـْت ُ أحـدِّق ُ فـي مـَلامـِح وَجـْهـِهـا وَعـَيـْنـَيـْهـا الـنـّارِيـَّتـَيـْن ، فـَبـَدَت ْ بـَقـَرَة ً هـَجـيـنـَة ً ، أحـاطـوا وَعـْرَتـِهـا ، مـَسـْروقـَة َ الـْعـُشـْب ِ والـتـُّراب ِ، أحاطـوهـا بـِأكـْثـَر َ مـِن ْ سـِيـاج ٍ شـائـِكٍ ، وَكـان َ صـَديـقـي يـُحـاوِل ُ، بـِعـَيـْنـِه ِ الـذَكـِيـَّة ِ ، رَصـْد َ لـوْنـِهـا الـْمـُثـير ِ لأكـْثـَر َ مـِن ْ سـُؤال ، وَرَصـْد َ حـَرَكـَة ِ جـَسـَدِهـا الـْمُراوِحـَة ِ ، بـَيـْن َ قـَضـْم ِ الـْعـُشـْب ِ، بـِشـَراسـَة ٍ لافـِتـَة ٍ لـِلـْعـَيـْن ِ ، وبـَيـْن َ الـْبـَوْلِ عـَلـى مـا تـَبـَقـّى مـِن ْ عـُشـْب !
ألـلـه ! يـا عـَقـْلـي !
كـَم ْ يـوجـِعـُنـي سـُؤال ُ عـَقـْلـي :
أهـِي َ بـَقـَرَة ٌ حـَقـا ً ؟
هـذي الـَّتـي اسـْتـَحـالـَت ْ ذِئـْبـَة ً
تـَرِد هـذي الـْمـَدارات ِ مـِنَ الـتـَّغـَوُّل ِ الـْوَحـْشـِي ِّ ، لــِتـُواصـِل َ انـْفـِلات ِ قـُطـْعـانـِهـا فـي مـراحـات ٍ لـَيـْسـَت ْ لـَهـا ،
فـَتـُبـيـح َ لـِنـَفـْسـِهـا حـَق َّ قـَضـْم ِ ” نـَفـَلاتـِهـا ” بـِشـَهـِيـَّة ٍ مـُنـَفـِّرَة ٍ والـْبـَوْل ِ عـَلـى مـا تـَبـَقـّى مـِن ْ عـُشـْب ٍ
مـُسـَمـِّمـَة ً جـَمـيـل َ الـْمـَراحـات ْ .
***
مـِسـْكـيـنـَة ٌ أنـْت ِ أيـَّتـُهـا الـْبـَقـَرَة ُ الـْهـَجـيـنـَة ، وإن ْ يـَكـُن ْ أوْهـَمـوك ِ فـَأوْهـَمـْت ِ نـَفـْسـَك ِ ، أنـَّك ِ مـِن ْ سـُلالـَة ِ بـَقـَرات ِ ” إيـل ” الـْمـُقـَدَّسـات ،
كـُنـْت ِ ضـامـِرَة َ الـْبـَطـْن ِ والأرْداف ِ ، لـَحـْظـَة َ أتـَوْا بـِك ِ ، لـِتـَقـْضـُمـي عـُشـْب َ الـنـَّفـْلـَة ِ فـي مـَراع ٍ كـانـَت ْ لـِجـَدّي وَأبـي ، فـَتـَكـْتـَنـِزي لـَحـْمـا ً ،
إنـَّنـي أبـْصـِرُهـُم ْ رُغـْم َ عـَتـْمـَة ِ ضـَيـاعـي ، يـَشـْحـَذون َ الـسـَّكـاكـيـن َ ، قـاطـِعـَة َ الـشـَّفـَرات ِ ، لـِذَبـْحـي وَذَبـْحـِك ِ ، يـُعـِدّون َ الـسـَّفـافـيـد َ والـْمـَوائـِد َ الـضـَّيـِّقـَة َ الـْجـَشـِعـَة َ، لـِيـَنـْعـَمـوا بـِلـَحـْمـِنـا الـشـَّهـِي ِّ !
إيـه ِ أيـَّتـُهـا الـْبـَقـَرَة ُ الـْهـَجـيـنـَة ُ، كـَم ْ وَدَدْت ُ وَكـَم ْ أوَد ُّ ،
لـَو ْ أن َّ عـَقـْلـَنـا يـَكـِف ُّ لـِلـَحـْظـَة ٍ عـَن ِ اجـْتـِرار ِ الأمـْس ِ ،
فـَنـُزيـل َ كـُل َّ الـسـِّيـاجـات ِ، الـَّتـي أحـاطـونـا بـِهـا ، لـِنـَبـْدأ
مـَعـا ً مـِشـْوار َ الألـْف ِ مـيـل ، بـَحـْثـا ً عـَن ْ غـَد ٍ آخـَر َ ، مـَلامـِحـُه إنـْسـانـِيـَّة !
احييك اديبنا الكاتب والشاعر ابا مالك على عطائك الكريم المتواصل.
جميل جدا ان ننشد دساتير انسانية..والاجمل ان نعمل بها بارض الواقع..
مهما طال الظلام..ستشرق شمس العدالة..والمستقبل للانسانية..
الإنسان الأكثر من رائع
ألكاتِب والأديب الأقرب من القُرب
لأزقةِ القلب
كلماتك هُناكَ في حُضنِ الثلج
تذوبُ بكلِ شغق
وبكلِ قطرةٍ وقطرة
ترتوي مسامعنا وعقولنا بهذا الجمالِ البلاغِي