الطيبي يشارك بإحياء ذكرى محمود درويش بمدينة عمان
تاريخ النشر: 11/08/14 | 12:54شارك النائب الدكتور احمد الطيبي، رئيس كتلة القائمة الموحدة والعربية للتغيير، رئيس الحركة العربية للتغيير، بمهرجان ” في ذكرى الغياب ” إحياء لذكرى وفاة الشاعر الكبير وفارس فلسطين محمود درويش، وذلك في جبل القلعة بمدينة عمان.
بدأت فعاليات المهرجان بكلمة لمدير المهرجان الفنان فايز الشروف و بمشاركة الكاتب والشاعر الكبير خيري منصور في قراءة خاصة بالمهرجان، السياسي والإعلامي الفلسطيني نبيل عمرو الذي أصدر مؤخراً كتاباً عن حكاياته وتجربته مع صديقه محمود درويش، الشاعر والإعلامي جريس سماوي، و كلمة الدكتور أحمد الطيبي.
كما عُرضت جدارية فنية لروح الراحل محمود درويش بمشاركة فنانين تشكيليين اردنيين ودول عربية أخرى برعاية جاليري الويبدة للفنون التشكيلية وتحت اشراف المدير الفني للمهرجان الفنان كمال ابو حلاوة. وقدمت الفنانة الملتزمة ريم تلحمي عرضاً غنائياً مميزاً غنّت فيه من قصائد درويش بشكل مبدع بعد ان استقبلها الجمهور بحفاوة. وقدم المهرجان المذيعة هناء الأعرج والشاعر غازي الذيبة.
وألقى د. أحمد الطيبي كلمة مطولة أمام الجمهور الغفير الذي شارك في المهرجان من أدباء وكتّاب، أصدقاء ومعارف محمود درويش، شخصيات ثقافية وأكاديمية وسياسية من كافة ألوان الطيف الاجتماعي. وقال مفتتحاً:
الاخوات والأخوة الاعزاء:
من الجليل الأشم من الناصرة الأبية من عكا وحيفا ويافا واللد والرملة.. من ام الفحم الصامدة من طيون وادي عارة ومن المثلث الاخضر الشامخ. ومن النقب العزيز الغالي تحية لغز العزة تحية شعبنا الصامد تحية القدس لكم تحية محمود درويش …
محمود الصديق العبقري ألمفكر المحب ألغيور العتيد واللين..الثائر الشاعر.. الفلسطيني ألعربي الانسان والإنسانة
اذكر ذلك اليوم الذي التقيتك فيه في باريس وأنت في طريقك لإجراء العملية في تكساس.. كررت ما سمعه محمود من غيري ايضا ان لا حاجة للعملية الجراحية..فقال بدون هذه العملية الجراحية تبقى لي عام او أقل فما المانع ؟؟ كان مترددا ولكنه اسلم امره للفكرة…ثم كان الخبر ألفاجعة
انتظرتك هنا في عمان،الرئة التي تنفست منها.. وما زلنا نحن ننهل من هواها، انتظرتك لأقرأ رثاء قصيرا في مطارها واطرح عليك ما سألتني اياه ابنتي الصغيرة نتالي بعد ان ابلغتها بخبر موتك الصاعق مَن سيلقي علي وردة حمراء بعد اليوم؟
وهنا اقف اليوم لأسألك: من سيلقي علينا قصيدة غزة السرمدية؟
انت طبعا لأنك لم تمت..قصائدك معنا.. وضحكتك معي.. وطلة زين الشباب…
الموت لا يوجع الموتى، الموت يوجع الاحياء. اوجعتنا محمود.
محمود:
تمر الأعوام والأيام وأنت يا سيد الكلام لا زلت تقاطع مجالسنا، موائدنا، ندواتنا، نقاشاتنا، كاميراتنا ألوقحة، حنيننا إلى نظراتك ونظارتك وتفرض حرمانك على أبجديتنا، وتجعل من حضور غيابك عادة وثقافة لنلتقي بنا، ونلتقيك هنا، نرانا أحياء وننعي ظلك لا أنت، وتنعينا، وتمدح ظلنا الباقي معك ليستجدي من المستحيل عودتك المستحيلة……
تمر الأعوام والأيام وتتفجر نبوءاتك يا سيد الكلام الواحدة بعد الأخرى ونعلم على جرعات ونتعلم بطيئا بطيئا كالندى لماذا قلت ما قلت ولماذا كتبت ما كتبت وبالتالي ربما أيضاً لماذا ذهبت…
تمر الأعوام والأيام وتحتفل فلسطين بك على طريقتها وتزف غزة أمنا إليك عرائسها بحلل ليست بيضاء هذه المرّة وإنما بلون ترابها المعجون بعطر الكرامة والفداء…
تمر الأعوام والأيام وغزة التي تحب تحتفي بك بأسلوبها فلا تموت ولا تنتحر وإنما تعلن بصوت يشبه صوت ما يخرق جدار الصوت أنها جديرة بالحياة..
تمر الأيام والأعوام ولم تعد يا سيد الكلام لتقول لنا ما رأيت بغزة ولم نرى، ولم تشرح لنا لماذا غزة بالذات….
تمر الأيام والأعوام ولم تعد يا سيد الكلام لترى سيدة المدن ومنازلها مهدومة ونساؤها مكلومة وضمائر أمة بأكملها أصبحت “مرحومة”…
تمر الأيام والأعوام وغزة يا سيد الكلام لم تقل آه، ولم تذرف دمعة ذل او هوان، بل زغردت نساؤها فرحا بعرس الشهداء الأطفال.. ما افظع هذا العرس وما أقساه..هل كتب علينا هذا الفرح الدامي وسط اشلاء اطفالنا وركام بيوتنا..
غزّة هي العزّة المعتزّة باسمها المستفزَّة بلا انقطاع من صمت العالم على حصارها الطويل
تمر الأيام والأعوام وتعود يا سيد الكلام وأراك تكتب اليوم:
كان الخريف يمرّ في لحمي جنازة برتقال..
قمرا نحاسيا تفتته الحجارة و الرمال
و تساقط الأطفال في قلبي على مهج الرجال
كل الوجوم نصيب عيني..كل شيء لا يقال..
و من الدم المسفوك أذرعة تناديني: تعال!
فلترفعي جيدا إلى شمس تحنّت بالدماء
لا تدفني موتاك!.. خليهم كأعمدة الضياء
خلي دمي المسفوك.. لافته الطغاة إلى المساء
خليه ندا للجبال الخضر في صدر الفضاء!
لا تسألي الشعراء أن يرثوا زغاليل الخميلة
شرف الطفولة أنها
خطر على أمن القبيلة
إني أباركهم بمجد يرضع الدم و الرذيلة
و أهنيء الجلاد منتصرا على عين كحيلة
كي يستعير كساءه الشتوي من شعر الجديلة
مرحى لفاتح قرية!.. مرحى لسفاح الطفولة !..
الاخوات والأخوة الاعزاء:
ما هي القيادة السياسية والفكرية ان لم تكن ناقدا لذاتك ولأخطائك بل لخطاياك..لذلك لا بد ان اقول هنا بأعلى الصوت ما كان محمود درويش ليقوله لو كان معنا:
لا يكفي ان نواجه الاحتلال وإسرائيل الغاصبة للأرض..دون ان نشعر بالخجل والغضب من داعش والداعشية التي تشوه وجهنا وديننا وإسلامنا.. كما ان تقتيل اطفال غزة هو جريمة حرب فان قطع رؤوس الناس في الموصل والعراق هو جريمة حرب.. ان استهداف المسيحيين وسائر الطوائف الاخرى بذبحها او بتدفيعها الجزية هي جريمة نكراء تقطع اوصال هذه الأمة.
هل كتب علينا ان نكون ما بين ابو بكر البغدادي وابن ليبرمان التل ابيبي؟؟ ما هذه الخيارات الساقطة ؟ اننا نعلن خيارنا الثالث: محبة الانسان والوطن.. دين حنيف متسامح وعقيدة لا تلغي الاخر..
ونحن كمن يقف في وجه الفاشية الاسرائيلية وأقطابها وعلى يقين اننا سنكون من نهزم الفاشية والعنصرية فانا على يقين ان هذه الامة ستلفظ من بين ثناياها داعشيها وقاطعي رؤوسها..
سنبقى هنا يا سيد الكلام لا لشيء إلا لنحرس وردك ونصون عهدك ونعمل بوصيتك فنحرس ورد الشهداء…
وتابع الطيبي كلمته وسط تصفيق حاد من قبل الجمهور، ومتوجهاً الى الرئيس الأمريكي براك أوباما:
لقد دخل هذا الشعب نفق الحرية حاملا اشلاء اطفاله بيده وباليد الاخرى يقاوم دفاعا عن نفسه في ارضه..نعم للشعب الفلسطيني ايضا حق الدفاع عن النفس يا سيدي الرئيس باراك اوباما.. لأطفالنا المقتلين في غزة والضفة ايضا كانت احلام طفولة تماما كما هي احلام ابنتيك ماليه وساشا.. ام ان حق الدفاع عن النفس هو فقط للمحتل اما الخاضع للاحتلال فدمه مهدور وأحلامه ممنوعة وحياته محروقة كما حرق الشهيد محمد ابو خضير ؟
سيدي الرئيس: ان من امتهن تصدير مبادئ الحرية للعالم لا يمكن ان يقبل بان يكون حق الدفاع عن النفس للمحتل عنوانا لتقطيع اجساد الاطفال وهدم المدارس والمشافي وابادة عائلات بأكملها..السيد الرئيس:
نحن ايضا نحب الحياة..اذا ما استطعنا اليها سبيلا..
انها جرائم الحرب..لمن تعود عبر عقود منذ النكبة على مذبحة هنا وترحيل هناك..انها حصة دمنا.. دم اصحاب الارض المتعطشين لسلام في ارض خلقت للسلام وما عرفت يوما سلاما..
ان غزة تصرخ والقدس تصدح:
ايها المارون بين الكلمات العابرة
احملوا أسمائكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا،و انصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا
انكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من ارضنا سقف السماء
ايها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف – ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا
منكم دبابة اخرى- ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز – ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وأنهى الطيبي: الاخوات والأخوة،
كنا نود اليوم ان يكون بيننا اليوم الشاعر الكبير سميح القاسم شق البرتقالة الذي يرقد الان في المشفى مصارعا ألمرض مقاوما كما كان دائما.. فنحن نحب شقَي البرتقالة.. سميح ندعو لك بالشفاء…فالحياة تليق بك.. ونرسل لك تحية ” قصة حب على الطريقة الفلسطينية ” تماماً كما كتبت يا سميح.
غاب محمود كما غاب الياسر عرفات ودُفن الرمزان على بُعد أمتار فعاشت قصيدة محمود وصمدت كوفية الختيار..
وما زالت تلك المرأة الغزية التي فقدت ابناءها ترفع يديها للسماء وتصرخ في وجه العالم:
واقفون هنا قاعدون هنا دائمون هنا خالدون هنا ولنا هدف واحد واحد واحد ان نكون…
وحتما سنكون..
سلام عليكم.. !
ويستمر المهرجان عدة أيام بمشاركة فنانين وأدباء ومبدعين تتخلله لقاءات حوارية حول سيرة محمود درويش وأدبه وعروض فنية منوعة مرتبطة بالشاعر ونتاجه الأدبي.