مخراز …… من قال مخراز ؟!
تاريخ النشر: 11/04/12 | 0:30…. ومن ضمن عبرنتنا للعربية واستعمالنا لكلمات كثيرة باللغة العبرية للتعبير عن أنفسنا في محادثاتنا وجدالنا ونقاشاتنا بالإضافة إلى كلمة بسيدر ونخون وريجع ونو وسليحاة وتوداه وببقاشاه ولهيترأوت ولا يخول ويخول لهيوت وإي ايفشار ومزجان ومحشيف وكلمات أخرى أجنبية مثل باي وهالو وأوكي وشور ويس وثانك وسوري وبليز انبثقت كلمة مخراز وصارت تتردد في مجمل محادثاتنا وخاصة عند تزامن الإعلان عن مناقصات لوظائف أو مشاريع وعطاءات .
من هنا وعند مقابلة الكلمة باللغتين العربية والعبرية اكتشفت الرابط بينهما والعلاقة بين المخراز الذي هو المخرز الذي يستعمل كمساعد للإبرة أو المسلة في خياطة الأكياس لإغلاقها عند الانتهاء من ملئها بالحبوب والمخرز أو المغرز هو شكل مدبب من أحد طرفيه وكان ( وما زال ) يستخدم في ثقب الأشياء ومن بينها القماش الثخين وذلك من أجل فتح المجال للإبرة الكبيرة) المسلة (وكذلك يستخدم المخرز في تكسير الأشياء ومنها على سبيل المثال كسر قوالب الثلج وغيرها ..
وصولاً إلى قولهم بمثل دارج – كف ما بيلاطم مخراز .
وإذا ما توجهنا إلى المخراز بمعنى المناقصة لوجدنا أنه حقاً أن الكف لا يلاطم ولا يعارك ولا يشارك بمخراز طالما أنه كف !وما بالك بالرأس,هذا وناهيك عن الذنب !
ما أجمل الربط والمقارنة في قولهم أن الكف لا يلاطم … فالمخراز يلاطَََم لكن ليس بكف وإنما بمخرز من مثله أو بما هو أعتى وأشد.
وماذا في المخرز من مهزلة ؟ أنه صغير الحجم , دقيق , رخيص الثمن . حاد ويلمع ويمكن له أيضاً أن يؤذي أو يتسبب في عاهة مؤقتة أو مستديمة .
لكن بالمقابل فإن له أهمية ساعة الحاجة إليه , فهو يمنع الدخول وكذلك يمنع الخروج ويحدد المضمون والمحتوى ويحافظ عليه من الزيادة والنقصان , والتلاعب بالحجم والميزان , أجل إنه المخرز الذي يقدر على خياطة الأكياس وصيانة محتوياتها لكنه وحده لا يملك ذلك , لأنه يحتاج إلى الإبرة والخيط حتى تكتمل اللعبة والحياكة والحبكة !
وفي مثلنا هذا دلالة على أن المخرز لو قابله الكف اللين الطري فإنه سيخترقه وسيجرحه على أقل تعديل ..
فالنتيجة معروفة في هذا التحدي فالغلبة للمخرز باستمرار وكأننا نقول ليس هناك مِنْ داع ٍ للمقاومة ولن نستطيع في يوم من الأيام أن نواجه المخرز فالنتيجة محسومة .. !! .. ولهذا قالوا مخراز تفور (مناقصة محبوكة).
وما هو مخراز اللغة العبرية إن لم يكن أيضاً كذلك !
إنه يمثل المشهد الأخير لكل مسرحية , يجلس الجميع ويشاهد كل المشاهد وينتظر بفارغ الصبر ذلك المشهد الذي يختمها ويكمل الحبكة القصصية والأدبية فيها ولا يخفى على أحد أهمية المشهد الأخير والفصل الأخير والسنة الأخيرة مع أن أهمية المشهد الأخير تتعلق بمقدرة الكاتب وقدرته وأسلوبه في جعل المُشاهد ينتظر حتى نهاية المسرحية بينما هناك العديد ممن يتركون قبل نهايتها لمقدرتهم على فهم النهاية قبل النهاية , لا بل هناك من يتركونها قبل بدايتها لمعرفتهم وإدراكهم للنهاية قبل البداية !
أليس هو بمثابة المشهد الذي يجيء لكي يقنع الجمهور بمصداقية دفعهم الثمن ولكي يضفي الشرعية على النهاية وخاصة نهاية ما حدث مع البطل !
لا أحد يفرغ جميع صفحات الكتاب من الأهمية , وجميع المشاهد من الضرورة للترابط بين حلقات الأحداث المختلفة التي تصب كلها بعددها وكثرتها وطولها وما احتوت من جهود في خدمة المشهد الأخير ومدى تصفيق جمهور القراء أو المشاهدين عند النهاية .
وعندما نجد هذا الترابط وهذه العلاقة بين مخراز العربية ومخراز العبرية ندرك حقاً أن اللغتين هما لغتين ساميتين وكل مخراز وكلنا بخير !