إبراهيم مالك: عن نص الدكتور سامي إدريس " أسعد الفلاسفة "
تاريخ النشر: 11/04/12 | 10:09“هذه الأيام تطيرُ طائرة وتهبِطُ أخرى على أرض المطار قبالة البحر الأزرق ، فإما التي تطير وتغادر فتحمل ( المُسْعدين ) أو المسعِدين على حد قول ستي عديلة وأما التي تهبط ، فيهبط معها الأشقياء لأنهم يعرفون إلى ما هربوا منه. وقد كانت تنصحني فتقول : تزوَّجْ يا بُنَيْ! فإنْ كانت زوجتك مطيعة عِشْتَ سعيدا ، وإنْ كانت زوجتك عنيدة عشْتَ فيلسوفاً . وأنا اليوم أسعد فيلسوف“.
النصُّ المرفق أعلاه هُوَ للأديب سامي إدريس من الطيبة في المثلث وظهر منشورا في التاسع من نيسان الجاري ، في موقع ” بقجة ” الإلكتروني ، الذي ينطلق من بلدة كفر قرع الواقعة في الطرف الغربي – الجنوبي لوادي عارة في المثلث .
قرأتُ النص ، فرأيت فيه حالاً ، نصا قصصيا قصيرا جدّا . وهو من النصوص القصصية الحديثة . وقد أدهشني بجماليته القصصية . رأيتُ حالا ، كذلك ، أنه يحوي أهم شرطين يلزم أن يتوفرا في هذا الجنس الأدبي ، القريب جدا من الشعر الحديث ، من حيث الفكرة والإختزال ، شديد الإختزال ، عميق المعنى وكثير الدلالات .
وهذان الشرطان الأساسيان هما الحدث و | أو الفكرة . فالحدث هنا في هذا النص يمثله الحوار المباشر وغير المباشر بين جيلين مختلفين من حيث مرحلة الحياة أو السن أو التجربة ، او الفهم :
الجدَّة والحفيد الذي هو الراوي في حالة هذا النص .والجدَّة ( ستي عديلة ) تنقل للحفيد ما خبرته وعرفته في حياتها . وهي توصي حفيدها ببناء عائلة وترجو له حسن الخيار ، أن يتزوَّجَ امرأة مطيعة أو عنيدة . عندها ترى الجدَّةُ أنه سيكون إما سعيدا في حالة المرأة المطيعة أو فيلسوفا في حالة المرأة العنيدة .
لكن الفكرة التي ينقلها لنا الراوي بذكاءٍ ظاهر أنه سيتزوج امرأةً تمكنه الجمع بين الحالتين فيلسوفا وسعيدا .وهو ما أعنيه عند الحديث عن الإيحاء ، فالراوي أرادنا أن نخلص إلى فكرة حكيمة ورأي آخر ، يجمع بين السعادة والمعرفة ، ففي نظره يجمل بالمرأة أن تجمع بين الخصلتين الحميدتين : الطاعة الواعية أو المُدْرِكة والعِنادَ المفيد والضروري .فالراوي هنا يحسن الجمع بين الفهم الجديد للأشياء ونصائح الجيل السابق . ويجد سر السعادة في هذا الجمع بين التجربة ، تجربة الجدة وفهمه هو للأشياء .
والمرأة التي تحسن الجمع بين العناد مثلا في مقارعة الخطوب والمحن والثبات الرشيد في مشاركة الزوج لمواجهة محن الحياة وما أكثرها والطاعة المدركة للمصلحة المشتركة هي التي تُضْفي حقا أجواءً سعيدة .
والإيحاء الجميل في هذا النص هو ما يبقيه الراوي لنكتشف بدون حديث أنَّ هذا ما كان خياره : امرأة تجمع بين الخصلتين ، فجعلته يُحِسُّ أنه واحد من أسعد الفلاسفة .
اقرأ المزيد في موقع بقجة:
أشكر الأديب الكبير أبومالك على هذا التحليل الراقي الذي أضفى على النص جمالاً فوق جمال،وفهماً جديداً فوق مقاصده، فكانت هذه الثمرة مقالاً جميلاً رائعاً. بينما قد يمر البعض على مثل هذا النص مرّاً عابراً. فالشكر كل الشكر لأديبنا كثير العطاء على هذا التحليل الايجابي، وأرجو له دوام الصحة والعافية.
لقد شططت يا أبا مالك، وأيدت يا سامي وأنت تعرف أن هذا فهم غير صحيح، فأنت تسخر من عناد شريكة حياتك بصورة أدبية موحية وجميلة وذكية، وتبين لنا لماذا أصبحت فيلسوفًا
أما حكاية الجمع في الزوجة بين الأمرين، وتخريج النص بما لا قبل فيه فهو إغراب يدعو إلى الاستغراب.