الحقوق المصانة للفرد والمجموع عالمياً

تاريخ النشر: 14/08/14 | 13:37

من منا لم يسمع بميثاق جنيف الذي نسمعه كمصطلح على مدار اليوم في وسائل الإعلام حتى صدّعت به رؤوسنا؟ ولكن من منا يعلم ما هي بنود ميثاق جنيف؟ وهل هو ميثاق واحد أم أكثر؟ وماذا جاء في كل ميثاق منها؟ وماذا يعني التوقيع عليه وما معنى عدم التوقيع؟

وعلى اليد الأخرى، من منا لا يضيق صدره كلما سمع بحقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟

من منا يعلم ما هو حقه الفعلي المقر عالمياً بحيث يستطيع أن يواجه به كل معاند ومنتهك له؟ هل نعرف كيف نتواصل مع هيومن رايتس ووتش (Human Rights Watch) مثلاً إذا تعرضنا لانتهاك لحقوقنا؟ وهل لدينا خطوط اتصل مع مؤسسات الدفاع عن الحقوق الفردية؟

رغبت بطرح هذه الأمور والتساؤلات لاستفزاز عقولكم الكريمة، فالمستجدات التي تعصف بالمنطقة لا تحتمل العموميات، ونحن – كشعوب عربية – بكل أسف من عشاق العموميات، حتى إذا خضنا نقاشاً معرفياً مع معارض لنا لم نستطع الثبات أمامه خمس دقائق، أي بعد أن تنفذ الجملة العمومية التي نحفظها، هذا إذا لم نلجأ لضربه لكونه خالفنا!!

في هذا العالم الذي أصبحت فيه المعلومة عابرة للقارات والحدود، علينا أن نراجع ما نعرفه، وأن نبدأ ببناء المفاهيم والمعارف لدينا من الصفر، لأن حالة الوعي تحت الاستعمار التي تملكتنا عشرات السنوات صنعت منا جيلاً يخاف من الاقتراب من الحقائق والمعلومات لكونها تستوجب دفع الضريبة الباهظة.

علينا أن نبدأ بالفهم الواضح لما لنا ولما علينا، فالمواطنة تبدأ من هنا، من معرفتك لنفسك ولحقوقك ولواجباتك، ولما أنت عليه وما يمكن لك أن تكون عليه في مستقبلك.

بلغة بسيطة، وبمثال بسيط يقرب الصورة إلى الذهن، لو تم اعتقالك في بلدك أو في أي بلد آخر، فمن حقك أن تلتزم الصمت، ومن حقك القانوني المكفول دولياً أن تجيب عن السؤال الذي تريد إجابته وترفض الإجابة عن السؤال الذي لا تريد الإجابة عليه.

قد يبدو الأمر ساذجاً وبسيطاً في نظر البعض، ولكن معرفتك بهذا الحق كمثال يعني قوة حضورك ومواجهتك وثقتك بنفسك في ساعة الصفر، وعليه يمكننا قياس حق السفر للأفراد، واختيار مكان السكن، والحق في التعليم، وتكافؤ الفرص، وغيرها..

قانون العمل والعمال مثلاً يمثل قانوناً متفقاً عليه عالمياً، فلو طلب منك رب العمل أن تستمر بدوامك كموظف أكثر من ثماني ساعات بلا مقابل مادي، فهذا انتهاك لحقك كعامل، ويمكنك مقاضاته عليه، وكذلك الحال لو قام بفصلك تعسفياً، أو طالبك بغير وصفك الوظيفي بدافع السلطة التي يملكها.

التحدي الأبرز بعد المعرفة، هو كيفية امتلاك هذا الحق والتمتع به، فبما أنه حقك، حقك الشخصي والذاتي، عليك أن تعرف كيف يتم الدفاع عنه، وأين ومتى؟ ومن هي الجهات التي يمكنها أن تكون راعية للدفاع عن حقك معينة لك في تحصيله؟

وجهل الشعب الذي يعيش تحت الاحتلال مثلاً بالحقوق الدولية للشعوب المحتلة ومواثيق جنيف الموقعة من أغلب الدول في العالم يعني ضياع حقوقه، واستباحة الحرية فيه، وانتشار البطش والكبت السياسي ومصادرة مصادر القوة الاقتصادية وانتشار الجريمة المنظمة، وإرهاب الدولة ضده.

لذلك، وجب على مؤسسات المجتمع المدني أن تباشر فوراً ببدء مشروع التوعية الشامل باستخدام وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكل وسائل الدعاية والإعلام والإعلان لنقل هذه الحقوق من الملفات والمكتبات والمؤلفات والمقالات إلى عقل المواطن الفرد، ليقوم كل فرد بالدفاع عن حقه في حال صمت المجتمع أو العالم عن حقه، فحقك لك، وتخليك عنه يعني أن جهلك أو ضعفك سيكلفك أن تحيا حياة الضنك والعجز، لأنك خشيت من مواجهة من يصادر حقك أو من يريد أن يسرقه منك.

المستشار د. نزار نبيل أبو منشار الحرباوي

nezarnbeel

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة