سباق الحياة والممات
تاريخ النشر: 17/08/14 | 10:10على ضوء حوادث الطرق التي تتكاثر هذه الأيام تذكرت أنني كنت في أواخر السبعينيات مررت بتجربة حماني الله فيها بصورة عجيبة ومعجزة. إذ كنت أسير في سيارتي، فإذا برجل أعمى يقطع الشارع بصورة مفاجئة، فتداركت الأمر في اللحظة الأخيرة حتى لا أصرع الرجل، فأخذت السيارة تتمايل ذات اليمين وذات الشمال حتى طارت على ارتفاع شديد، وانقلبت أكثر من خمس مرات صعودًا وهبوطًا- كما وصفها من لاحظ الحادث.
انقلبت بي السيارة، فوجدوني بين الكرسي الأمامي والخلفي وقد غطاني فراش الكرسي الأخيرة.
وكان أن نجوت بفضل الله، وكانت هذه القصيدة التي تخيلت فيها النهاية.
*********************
سِباقُ الْحَياةِ وَالْمَمات
أعْمى في دَرْبِكَ حِدْ عَنْ دَرْبِهْ !
مُثْبَتْ
مُثْبَتْ
مُثْبَتْ
لَسْتُ الآنَ هُنا مَنْفِيًّا
والطَّائِرُ لَمْ يُبْعِدْ عِنْ سِرْبِهْ
…….
هَلْ حَقًّا يُمْكِنُ أنْ أفْقِدَ ذاتِي؟
( ما زِلْتُ أُفَكِّرْ ، فَأنا مَوْجودْ
Cogito
طا طا طا طا
بَيْنَ المَقْطَعِ والمَقْطَعْ
أسْمَعُ أصْواتي
مَع أنِّي مَحْدودْ
يَجْري ما يَجْري
وا وا وا وا
بَيْنَ المَقْطَعِ والمَقْطَعْ
هَلْ حَقًّا تَقْضِي يا ربي أنْ أقْضِي
وَأنا لَمْ أرْمِ أذِيَّهْ
– وَقْعُ الضَّرْبَةِ لا يُدْرَى وَقْتَ الضَّرْبَهْ
….
لَوْ تَنْظُرُ هَلْ ثَمَّةَ ما يَدْعوها أنْ تَأرَقْ ؟
ما يَدْعُوهُمْ يَجْتَرُّونَ اليُتْمْ ؟
أمُّهُمُ في بَحْرِ أسىً تَغْرَقْ
وَصِغارٌ نُجَباءٌ يَحْكونْ
كَيْفَ تَوارَتْ شَمْعَهْ
خَمَدَتْها ريحٌ قِبْلَ تَجَلِّيها.
مَهْلاً ! ما زِلْتُ أُفَكِّرْ
الشَّمْعَةُ ضَاءَتْ إذْ تَحْتَرِقُ
وظَلامُ العالَمِ لَنْ يُطْفِئَها
ما دامَتْ تَأتَلِقُ
ـ لا قَدَّرَ ـ لَوْ كانَ الخَطُّ الأسْوَدُ يَسْتَبِقُ
كانَ الخُطَباءُ الْمَحْزونونَ يَسوقونَ
القَوْلَ الأفْصَحْ
ويُشيرونَ إلى جِدٍّ وَرَحابَهْ
في صَدْرٍ مُتْعَبْ
وَصِفات ٍأخْرى أحْسَبُهُمْ غَالَوْا فيها
والنَّاسُ زَرافاتٍ ، كُلٌّ تَتَجَوَّلُ فيه الذِّكْرى
عَنْ حَادِثَةٍ ـ عِبْرَهْ ـ
أوْ أَشْعارٍ كانَ بِها مُعْجَبْ
أوْ آراءٍ سِيِقَتْ في جُرْأَهْ
……
لا فَخْرْ ،
إنْ كانَ حِسابُ الجَمْعِ سَيُضْرَبُ في صِفْرْ .
فَحَياتي وَمَماتي
في أحْلامِ عِناقْ
وَوَداعي وَلِقائي
في أوْهامِ سِباقْ
………………………..
*من مجموعتي “اعتناق الحياة والممات”. عكا: دار الأسوار 1979، ص 48- 53.
ب. فاروق مواسي