15 الفا في تل أبيب يصرخون ضد الحرب ومن أجل السلام

*النائب بركة: الضحايا ليسوا بحاجة لشفقتكم، بل إن صرختكم ضرورية لمنع شلال الدم القادم

*الكاتب غروسمان: لا حل عسكري للصراع ولا يمكن منع العرب من اطلاق صرختهم

*بركة: هذه الحرب ستتوقف عند بدء الحرب القادمة وعلينا خلق البديل لهذه السياسية

*لا يتوقع منا أحد أن نرى مشاهد الموت ونبقى مكتوفي الأيدي صامتين

شارك أكثر من 15 الف متظاهر مساء أمس السبت، في الوقفة الاحتجاجية التي جرت في ساحة “رابين” في تل أبيب، ضد الحرب ومن أجل السلام، بمشاركة شخصيات سياسية وأدبية وفنية، وقال النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، إن الضحايا ليسوا بحاجة لشفقتكم، بل إن صرختكم ضرورية لمنع شلال الدم القادم، وقال الكاتب التقدمي دافيد غروسمان، إنه لا حل عسكري للصراع ولا يمكن منع العرب من اطلاق صرختهم
وكانت “ميدان رابين” قد شهد مساء السبت المظاهرة الاضخم في الاسابيع الأخيرة، ضد الحرب على غزة، ودعما للتوصل الى سلام، وحسب التقديرات الأخيرة فقد شارك في المهرجان نحو 15 ألف متظاهر كلهم تقريبا من الشارع اليهودي، وقد دعا الى هذا المهرجان، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وحزب “ميرتس”، وحركة “السلام الآن”، وعدد من الحركات السلامية في الشارع الاسرائيلي. وكان بين الحاضرين، النائب الجبهوي دوف حنين، ورئيسة حزب ميرتس زهافا غلؤون، والنائبين من حزبها عيساوي فريج ونيستان هوروفيتش، وغيرهم.

الضحايا ليسوا بحاجة للشفقة

وافتتح بركة كلمته، التي قوطعت مرارا بالتصفيق الحار وهتافات التأييد، قائلا، يسعدني أن أكون هنا حتى بعد شلال الدم الذي سفك في الحرب، وأكرر معكم هتافكم، “يهود عرب يرفضون أن يكونوا أعداء”، فهناك من يريد حفر فجوات أكبر بين العرب واليهود من أجل مصالحهم السياسية والاقتصادية، ولكن نحن نريد العيش مثل باقي البشر، وأن نعلن هنا عن شراكة من أجل السلام وإنهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل.
وتابع بركة قائلا، إنهم يسألوننا، ما بالكم تجتمعون هنا بعد أن انتهت الحرب؟، ونحن نقول لهم، إن الحرب لم تنته، وحتى وإن انتهت، فإن الناس التي فقدت أرواحها في تلك الحرب، ليسوا بحاجة الى شفقة الناس المتواجدين هنا، وليسوا بحاجة لهذه المظاهرة، 400 طفل، ومنهم الأطفال الرضع، الذين قتلوا في هذه الحرب في قطاع غزة، ليسوا بحاجة لشفقة أي واحد هنا، ولكن هناك أطفال ونساء وشيوخ سيأتي دورهم، إذا لم نقف هذه الوقفة، ونطلق الصرخة لمنع قتلهم.

كل المسؤولية على عاتق اسرائيل

وشدد بركة على أن المسؤولية عن مقتل الناس، ملقاة على عاتق حكومة إسرائيل، التي لا تسعى للسلام والعيش الطبيعي، لا في غزة ولا في الجنوب، وانتقد بركة غياب حزب “العمل” عن هذا المهرجان، وقال، إنه حينما أجرى بنيامين نتنياهو مفاوضات واهية، قالوا في حزب “العمل”، إنهم لا يريدون إزعاج الحكومة لأنها تجري مفاوضات، “هدوء فإنهم يتفاوضون”، وحينما اندلعت الحرب، قالوا إنهم لن ينتقدوا الحكومة لأنهم يقاتلون، “هدوء فإنهم يطلقون النار”.
وأضاف بركة، نحن هنا من أجل خلق البديل، من أجل الحياة، والناس في الجانبين تريد الحياة الأخرى الحياة الطبيعية، إلا أن نتنياهو يعد منذ الآن جولة الحرب الأخرى، ولهذا السبب نحن هنا، بسبب الدم الذي سفك، ومنعا لسفك المزيد من الدماء، نحن هنا يهودا وعربا كي نقول القول النقيض، وليس كالمعارضة التي تطرق أبواب الحكومة، وأبواب الائتلاف بهدف الانضمام اليها، بل نحن نريد النقيض الكلي للسياسة القائمة.
وقال بركة، إن من بين أهداف نتنياهو في هذه الحرب، وهو عرقلة وتدمير المصالحة الفلسطينية، التي يعتبرها نتنياهو “خطرا على إسرائيل، ولكن أنا اقول لكم، إن هذه المصالحة تعطي فرصة للسلام، وفي نفس الوقت تنسف السياسة التي يتبعها نتنياهو، الذي يسعى للحرب القادمة.

نرفض يهودية الدولة

وحيّا بركة أقوال الكاتب دافيد غروسمان في المهرجان ذاته، وقال، إننا بحاجة الى هذه التصريحات والمواقف، وأضاف، إن اليمين الإسرائيلي، ومنذ اتفاقيات أوسلو قبل 20 عاما، يسعى الى شطب شرعية وجودنا في وطننا وحقوقنا، وشرعية عملنا السياسي، وهذا لأن المواطنين العرب لن ينضموا في أي يوم لقرار شن حرب، ولكنهم هم وزن كبير في حسم التوجه الى السلام، واقرار السلام.
وتابع بركة قائلا، إن اليمين يريد اختلاق مواطنة انتقائية، مواطنة لليهود ومواطنة أخرى للعرب، وأنا اقول لكم هنا، إنني ارفض ولا يمكنني أن اوافق على مطلب اسرائيل من الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل “دولة يهودية” (تصفيق حار من الحضور الحاشد)، فهذا شرط يهدف الى عرقلة دواليب عربة السلام، التي لا تتزحزح أصلا ملليمترا واحدا.
وأنا كمواطن هنا، أفسر مطلب “يهودية الدولة”، بأن حكومة اسرائيل لا تريد أن تكون دولة جزء من مواطنيها، بل دولة أولئك الذين هم ليسوا مواطنيها (بقصد اليهود في العالم)، وهذه معادلة لا يمكنني معايشتها، وعلى كل ديمقراطي أن يرفضها.

بطش غير مسبوق

وتوقف بركة في كلمته، عند بطش الشرطة واستبدادها مدعومة من جهاز القضاء، وقال إننا في الأسابيع الأخيرة خضنا نضالا ضد الحرب، وواجهنا بطشا واستبدادا غير مسبوق من الشرطة والسلطات وجهاز القضاء، فعلى أمور اعتدنا أن يجري اعتقال الناشطين لساعتين أو ثلاثة، تطلب الشرطة اعتقالهم تمديد اعتقالهم الى حين انتهاء محاكمتهم، بعد أن كانت قد قدمت لوائح اتهام في غضون ثلاثة أيام من اعتقالهم، بسبب مشاركتهم في مظاهرة.
وكما يبدو أن فاقدي إحساس توقعوا منا، ونحن نشاهد المشاهد الفظيعة، واطفال قتلى اخترقت التفجيرات أجسادها الغضة، أن نبقى جالسين ساكتين مكتوفي الأيدي، ولا حتى أن نصرخ، وهذه شراسة لا يمكن أن يتصورها العقل الانساني، فالأمر الطبيعي أن نقف ضد الحرب، ولكن قضاة في دولة اسرائيل، يقولون لنا إنهم يتشددون في قراراتهم بسبب فترة فيها حرب ومواجهات، ونحن نسأل، متى نحتج على الحرب، إذا لم يكن هذا في وقت وأوج الحرب؟.
واختتم بركة قائلا، إن هذه الحرب ستتوقف عند بدء الحرب القادمة، إلا إذا شكّلت هذه المظاهرة انطلاقة لاتساع المظاهرات وتخلق حالة بديلة، ولكن هناك معركة بدأت، ولن تتوقف عند وقف اطلاق النار، وهي المعركة من أجل الديمقراطية، والمعركة على حقوق المواطنين العرب في اسرائيل.

لا حل عسكري للصراع

وقال الكاتب دافيد غروسمان في كلمته، التي قوطعت مرارا بالتصفيق الحار والهتافات المؤيدة، إنه “لا توجد صور انتصار في هذه الحرب لأي جهة، توجد فقط مشاهد دمار وقتل ومعاناة لا يمكن وصفها، كل الصور الآتية من ميدان القتال البائس، ستكون في نهاية المطاف صورة هزيمة كبيرة للشعبين، اللذين بعد سنوات كثيرة من الصراع، ليسا مؤهلين للتحادث معا، سوى تقريبا بلغة العنف”.
وتابع غروسمان قائلا، “لا يمكن أن يكون حلا عسكريا للصراع، يضع نهاية لمعاناة سكان الجنوب، للخوف الرهيب والقلق الذي يعيشون به، ولن يكون حلا عسكريا للضائقة اللا انسانية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة، وبكلمات بسيطة: فإنه طالما لم ينته شعور سكان غزة بالاختناق، أيضا نحن في إسرائيل لا نستطيع الشعور بالراحة”.
وشدد فروسمان في كلمته، على ضرورة أن تعرض اسرائيل على الفلسطينيين في قطاع غزة مقترحات بعيدة المدى وهامة، ولكن بعد أن يتم التوصل الى اتفاق في القاهرة، على اسرائيل والسلطة الفلسطينية الممثلة بحكومة الوحدة، أن يشرعوا بمحادثات مباشرة هدفها التوصل الى سلام بين الشعبين.

خطر الفاشية والعنصرية

وتوقف غروسمان مليا عند مظاهر الفاشية والعنصرية، خاصة ضد المواطنين العرب، وقال، “آن الأوان لأن نصحو، فهذه الحرب كشفت أمام ناظرنا، وبشكل حاد، جوانب خطيرة جدية تمر على إسرائيل، بسبب اليأس والخوف، والشعور بالطريق المسدود… علينا أن نستوعب حجم الفاشية وانفلات العنصرية التي اندلعت هنا من دون خجل، فأولئك نجحوا في فرض نظام الدكتاتورية والخوف على قطاعات واسعة، دون أن نسمع ولو كلمة استنكار واحدة من رئيس الحكومة، ولا من أي وزير، ومن دون هذا لا يمكن لجم هؤلاء، ولدي شك بأن كل أولئك القادة استمتعوا، وهو يشاهدون هذه الكراهية الغريبة ضد اليسار”.
وتابع غروسمان يقول، منذ نحو شهر ونصف الشهر تتعالى الأصوات التي تتحدث عن المناعة الوطنية، “إلا أن المناعة الوطنية علينا أن تتفهم من جملة من ما تتفهمه، أن المواطنين العرب يعيشون بضائقة قاسية جدا لا يمكن تحملها، فهم يشاهدون أبناء شعبهم يُقتلون ويصابون بالآلاف، واحيانا يكون هؤلاء أبناء عائلاتهم”. وأضاف، “إن كل من يتفاخر بأننا نحن الاسرائيليون اليهود، الشعب الأكثر انسانية، والأكثر حساسية لضائقة البشر أيا كانوا، فليسفر لي، كيف يمكننه أن نصر على منع مواطني اسرائيل العرب من حقهم، بإطلاق الصرخة على الأقل”.

فشل نتنياهو

وقالت رئيسة حزب “ميرتس” النائبة زهافا غلؤون، إن بنيامين نتنياهو قد فشل، وعليه أن يغادر منصبه، وهذا الفشل نابع من سياسة الفرض التي ينتهجها تجاه العملية السياسية، ورفضه لتبني المبادرة العربية للسلام، ورفضه الاعتراف بحكومة الوحدة الفلسطينية، وتدمير العلاقات مع الولايات المتحدة، وبالبناء الاستيطاني المكثف في المناطق المحتلة. والقى الصحفي زهير بهلول كلمة، تحدث فيها عن شعوره الشخصي، كمواطني في اسرائيل، وترفض اسرائيل الاعتراف به بوجوده كمواطن، مثل سائر المواطنين.
وتضمن المهرجان الخطابي اغان من فنانين تقدميين، برزت من بينهم الفنانة أحينوعم نيني، التي واجهت حملة تحريض شرسة، بسبب تصريحاتها المؤيدة لوقف الحرب والجنوح نحو مسار السلام، وغبرت نيني في كلمتها القصيرة التي سبقت اغنيتها، عن سعادتها لوجدها أمام هذا الحشد الكبير.