مخالب العجزة
تاريخ النشر: 17/08/14 | 19:18تدور في رؤوس الساسة والمحللين كثير من التساؤلات حول واقع الشرق الأوسط وما يشهده من حالة تفجر ممتدة من بلد عربي لآخر .
بعض هؤلاء الساسة والمفكرين يغرق في وصف الواقع ، والتأكيد على ما جرى ويبذل جهده لتحميل المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك ، وآخرون يتحجرون في خنادق مصطلحاتهم السياسية ويتفاخرون بقدرتهم على صياغة عبارات براقة تعجب المشاهدين والسامعين .
في سوريا دماء تصبغ المشهد برمته ، عشرات آلآف القتلى وملايين الجرحى والمشردين ، وقبلها في مصر وليبيا وتونس واليمن ، والحال لا يبشر بخير في العراق ولبنان والأردن والخليج العربي ، فهل نحن هنا أمام سياسة جديدة أم أمام توابع لسياسات قديمة ؟
هل يمكن اعتبار ما يجري اليوم ثورة شعوب مقهورة أم أنه لعب من الدول الكبرى لتغيير واجهات محلات وبقالات البيع التي اعتمدوا عليها لعقود في الشرق الأوسط ؟
الأسئلة هنا لا تنتهي ، بعضها يتصل بالسياسات وبعضها يتعلق بالأشخاص ، وتحديات الواقع أمام الوجوه الجديدة تتطلب منهم إثبات كونهم وجوها لشعوبهم وليسوا وجوها عربية لخدمة الأطماع الغربية .
المضحك المبكي هنا ، أن سفك الدماء اليومي في سوريا ، وتفجيرات العراق ، والتوغل في ساحات الأقصى من قبل اليهود ، والتصعيد الإعلامي بين إيران وإسرائيل ، ومحاولات تصدير الثورات أو توجيه الثورات المضادة ، كلها خيوط تقود مباشرة إلى ما يمكن تسميته : دار العجزة ذوي المخالب .
نعم ، هناك من بعيد من له يد طويلة تتحرك من وراء البحار محاولة الحفاظ على إرث أباطرة العائلات الأمريكية الكبرى في مانهاتن ، أو أن يمنع انهيار اقتصاد المافيا الفرنسية العالمية في مدينة ليل ، أو من يسعى للحفاظ على حصته من ثروات الشرق في ظل الأزمات العاصفة من ضواحي لندن القديمة .
المافيات الكبرى التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية تعلم أنها لا زالت تركب سفينة المنافع نفسها ، وأنها تلعب لتوسع حصصها في أماكن الجلوس في هذه السفينة ولكنها لن تخرق السفينة نفسها فالكل حينها غارق .
العجزة من ذوي المخالب الفولاذية ، يفهمون الواقع ، وربما كانوا سفراء بلادهم في الشرق الأوسط لسنوات ، فهم يعرفون تركيبة البلاد العربية ونقاط القوة والضعف فيها ، والشخصيات القيادية والمرشحة لقيادة المستقبل ويرصدون ثروات البلاد العربية دقيقة بدقيقة ، وعيونهم على رقعة الشطرنج أمامهم في حديقة بيوتهم .. يحركون الفيل فتتفجر ثورة ، ويسقطون قلعة فتحدث ثورة مضادة ، وما بين رؤيتهم لرقعة الشطرنج ورؤية قادة الشرق الأوسط الجدد للأزمات تحدث المفاضلة والمفاصلة .
والسؤال الأكبر هنا : أين عجائزنا ليكونوا نداً لعجائزهم في لعبة الشطرنج الكبرى .
هل سنسمح لعقليات الغرب المتربصة أن تتلاعب بمصير شعوبنا والالتفاف على ثورات الربيع العربي التي كتبت اسم الشعب التونسي والمصري واليمني والليبي عالياً فوق الغمام ، وهل سيتم استدراجنا بأسماء عربية لوأد الثورات العربية ؟
الرهان هنا على الشباب بالدرجة الأولى ، وعلى أصحاب الهمم منهم لبث الوعي بكل أشكاله ، وليقولوا لا قوية مدوية ، ونعم قوية مدوية ، وأن يتحكموا بالشارع بقوة وأن تكون قوتهم من تماسك شعبهم معهم ، وقد تعلما من التاريخ أن من يلتصق بشعبه فلن يفشل ولن يذوي ولن يضيع .
المستشار د. نزار نبيل أبو منشار الحرباوي
إعلامي وأكاديمي – اسطنبول